كلنا نأكل بعضنا... يا عمر!

نشر في 02-05-2010
آخر تحديث 02-05-2010 | 00:01
 سعد العجمي   الأمل معقود على كتاب من البدو والحضر، على حد سواء، لإعادتنا إلى ذلك الزمن الجميل الذي اشترك فيه عادل الصرعاوي وعبدالله الرومي ومسلم البراك، وقبلهم مبارك الدويلة وأحمد الربعي وحمد الجوعان، في تقديم استجوابات لوزراء أخلوا بواجباتهم الدستورية، قبل أن تفرقنا ممارسات حكومة «قصيرة النظر».

لفت انتباهي عدد التعليقات الهائل في موقع "الآن" الإلكتروني على مقال الزميل عمر الطبطبائي الذي جاء تحت عنوان "البدو... ما خلوا شي"، علماً بأن فحوى المقال يختلف اختلافاً كاملاً عن عنوانه، حيث أوضح الزميل العزيز وجهة نظره بأن الحضر هم طرف رئيس في حالة الانقسام الاجتماعي التي تعيشها البلاد، كاشفاً أن السرقات "المليارية" في الأوقات المختلفة وراءها حضر، وإن كان هناك من يتهم "البدو" بخرق القانون وتنظيم انتخابات فرعية، فإن هناك "هوامير" من الحضر اشتهروا بشراء الذمم في الانتخابات.

إذا كان الزميل عمر نحّى عواطفه جانباً وكتب مقاله بحس وطني عال أسعدني، فإن أغلب ردود القراء على المقال جعلتني أشعر بإحباط وحزن شديدين، على اعتبار أن من أشاد بالمقال، أشاد به لأن الطبطبائي "حضري" مدح "البدو" فقط، في المقابل كان الانتقاد للسبب ذاته، فكيف لحضري أن ينتقد "ربعه" ويشيد بالآخر، وهو الأمر الذي يؤكد الحالة المأساوية التي نعيشها، بعد أن جاء الوقت الذي أصبحت فيه إشادة حضري ببدوي، والعكس صحيح، تُدخل الشخص دائرة التخوين والاتهام في وسطه ومحيطه الاجتماعي.

وإن كان الأخ الطبطبائي قد حمّل "بني جلدته" جزءاً كبيراً من مسؤولية الانحدار الإعلامي والسياسي والنيابي الذي تعيشه الكويت، فإننا كـ"بدو" نتحمل مسؤولية لا تقل عن إخواننا "الحضر"، فنحن باختياراتنا أوصلنا نماذج نيابية سيئة إلى المجلس همها الوحيد تخليص المعاملات والانتفاع والتمصلح، فلا رقابة ولا تشريع، وهي في نهاية الأمر من أنقذ الوزراء عند طرح الثقة بهم.

أيضا لا يمكن تجاهل الدور السيئ لبعض الكتّاب البدو في استفزاز إخوانهم الحضر بقصد أو من دون قصد، من خلال خوضهم في موضوع الولاء والانتماء بعبارات تسيء إليهم قبل غيرهم، عبر الانحدار بخطابهم والانجراف خلف الرد على من اعتاد تلك الأساليب الهابطة، علماً أنه لا يمثل الحضر، بل يمثل نفسه فقط، وكأن الدفاع عن قضيتهم لا يمكن أن يتم إلا بمهاجمة شريحة اجتماعية كاملة لا تؤمن كلها بأفكار مثار خلاف.

قد يقول أحدهم إن هناك نواباً وكتاباً سيئون من إخواننا الحضر، نقول نعم، هذا ليس واردا فقط بل هو حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد، لكن المواطن الصالح والكاتب الوطني لا يقتدي بالنماذج السيئة ويجعلها القاعدة وغيرها الاستثناء، ومن ثم يجعل تلك النماذج مبرراً لكل ردة فعل يقوم بها، فما الذي يميز الإنسان الوطني عن غيره سوى الابتعاد عن مبدأ التعميم واقتناص كل "فعل" سيئ ليجعله المسطرة التي يتعامل وفقها مع الآخرين.

ولأنني فقدت الثقة بالحكومة لاتخاذ أي إجراءات لإزالة حالة الاحتقان والشحن الاجتماعي الحالي، بل إنني لا أكشف سراً إن قلت إن لها دوراً في إذكاء أجواء الانقسام المجتمعي لتحقيق أهداف سياسية موقتة على حساب استقرار المجتمع وتماسك جبهته الداخلية، فإن الأمل معقود على كتاب كالزميل عمر الطبطبائي، من البدو والحضر، على حد سواء، لإعادتنا إلى ذلك الزمن الجميل الذي اشترك فيه عادل الصرعاوي وعبدالله الرومي ومسلم البراك، وقبلهم مبارك الدويلة وأحمد الربعي وحمد الجوعان، وكذلك سامي المنيس وخميس عقاب وناصر البناي، في تقديم استجوابات لوزراء أخلوا بواجباتهم الدستورية، قبل أن تفرقنا ممارسات حكومة "قصيرة النظر" استخدمت "إمبراطورية" إعلام فاسد "لضرب" بعضنا بعضاً من أجل البقاء أطول فترة ممكنة، ساعدها في ذلك سياسيون ونواب وكتاب لا يحملون من أصالة "البداوة" وعراقة "الحضارة" إلا أسماءهم فقط.

back to top