خذ وخل: البدون ومقبرة الخلط!

نشر في 10-01-2010
آخر تحديث 10-01-2010 | 00:01
 سليمان الفهد «لا طبنا ولا غدا الشر» مثل شعبي قاله أحد النواب لتوصيف الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة، التي أخفقت- كالعادة- في إقرار فعل إيجابي يحلحل محنة «البدون» الأزلية، ويحركها من «السكة السد» التي تراوح فيها منذ عشرات السنين، كما يخبر الجميع! ومن هنا أحسب بل أجزم أن إخوتنا «البدون» قد ملوا من لوك واجترار المثل الشعبي الآنف الذكر! لكن الجهر بالحق- أي حقّ- حريّ بالاستمرار إلى حين تجليه على الأرض فعلاً وممارسة، وكما يقول «فيكتور هيغو»: «لئن ضررت من جراء جهري بالحق، خير من أن يضر الحق من جراء إحجامي عن الجهر به».

إن بلية «البدون» الكبرى- في ظني- تكمن في عملية خلط الأوراق التي تجابه الحلول الساعية إلى إنهاء معاناتهم المأساوية، وكلما كان هناك توجه ما لتجنيس عدد منهم، ممن تتوافر فيهم الشروط المطلوبة كافة، انبرى أحد المعترضين لوضع العصي في دواليب الانفراج واليسر، توسلا لخلط الأوراق إياه! ولم يبق لأصحاب الخلط سوى التوجه إلى «البدون» بأن يحمدوا المولى الكريم لكونهم «يحظون» بالدفن في مقابر الكويتيين بالتأسيس، وإلى جوارهم مجاناً من «كيس» بلدية الكويت جزاها الله خيراً! ولن أعجب أبدا إذا ادعى أحد «الهنود الحمر» يوما لتخصيص مقبرة «جيتو» للكويتيين فقط دون غيرهم من عباد الله المقيمين بهذا البلد! ومن نافل القول الإشارو إلى أن خلط الأوراق يفضي- بالضرورة- إلى إعادة المحنة الإنسانية إلى المربع الأول لا تريم! ولعلي لا أغالي إذا ذكرت أن أكثر فئة من «البدون» تضار من لعبة خلط الأوراق هي الجماعة التي تستأهل حق المواطنة، وفق المعايير التي ترد في تقارير اللجان العديدة! وهي جماعة مظلومة بجريرة الخلط اللعين الذي لا يحفل مواليه بظلم ولا تعسف، فضلا عن أنهم لا يتعظون من دروس التاريخ ومواعظه! ومع ذلك كله سنورد لهم حكاية هارون الرشيد مع مولانا «أبي العتاهية» الذي كتب للرشيد إثر سجنه هذه الأبيات:

أما والله إن الظلم لؤم وما زال المسيء هو الظلوم

إلى دَيَّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في المعاد إذا التقينا غدا عند المليك من الظلوم

وتقول الرواية إن الرشيد، حين وردته الأبيات بكى بكاءً شديداً، ودعا أبا العتاهية فاستحله ثم نفحه ألف دينار وأطلق سراحه.

والحكاية بينة كشمس الظهيرة التي تقول أشعتها بألا يصح إلا الصحيح ولو بعد حين، ورغم أنف الخلط الملازم لهذه المحنة كظلها!

back to top