خذ وخل: رفس السنة!


نشر في 04-01-2010
آخر تحديث 04-01-2010 | 00:01
 سليمان الفهد • في نهاية كل سنة ميلادية يقام سرادق عزاء صحافي تمارس فيه الصحف والكتّاب طقوس اللطم، وصب جام الغضب واللعنات والنعوت السلبية المكدسة ضد السنة المنقلعة صوب الماضي. وطوال الأربعين سنة الماضية لم تحظ سنة ميلادية منصرمة بالثناء والتقدير والتثمين، ربما لأن المنجزات القيمة المفيدة للإنسانية هي أوروبية وأميركية ولا تمت إلى العرب والمسلمين بصلة! فلا يعقل، والأمر كذلك، أن تكون السنة، كل سنة، شراً كلها!

فلو خربت في فضاء العروبة والإسلام كما هو دأبها كل سنة، فلن تعدم ورود خبر يتحدث عن اختراع جديد خارج من رحم الحضارة الغربية التي أهدت الإنسانية جلّ ما تنعم به في شتى مناحي الحياة!

• قبل نهاية العام الماضي بيومين، كان في زيارتي الصديق الروائي المصري البدوي «حمدي أبو حليل» ولاحظت أنه شارد الذهن، يضرب أخماسا بأسداس دلالة على انشغاله بأمر جلل. سألته وهو يغادرني إلى المجلة الشهرية التي يشرف على تحريرها: إلى أين أنت غادٍ يا أخا التمر وحليب «الخلفات»؟

قال: سأذهب إلى المجلة لتدبيج افتتاحية العدد، قلت له ممازحا: إياك وحذار من التورط في تسطير مقال تلعن فيه سنسفيل جدود العام الفارط، كما يقولها أولاد عمومتك المغاربة. فتبسم ضاحكا وهو يقول: الحق أني كنت أفكر في هذا الاتجاه لكني عدلت! وغاب ساعات عدة، وحين عاد سألته: ماذا كان فحوى افتتاحية العدد؟ قال: لا مناص من اجترار الأسطوانة المشروخة المتبدية في بيت شعر عمنا المتنبي «عيد بأية حال عدت يا عيد...» وما يتناسل عنه من تنويعات كحلية مأساوية تندد بـ«روزنامة» الحوادث المأساوية التي حدثت في ديار العرب وفي العالم.

• ولعله من نافل القول التذكير بأن أحداث وحوادث السنة الماضية هي من صنع الإنسان، بما فيها تلك الأحداث المأساوية المنسوبة إلى غضب الطبيعة! ذلك أن عبث الإنسان وعدوانه الأزلي على البيئة بكل تجلياتها، هو سبب المآسي الطبيعية التي تكابدها الإنسانية بين حين وآخر!

من هنا فإن الهجاء الذي نكيله للسنة الماضية يرتد إلينا وعلينا! فهو جلد للذات لتبرئة ذمتها من المسؤولين عما حدث في السنة من ممارسات مترعة بالخيبة والإخفاق وعدم الإنجاز والفعل! كما يحدث في «هذي الكويت صل على النبي» طوال السنوات العشر الفارطة من عمرها المبتلى بـ«إسهال» الاستجوابات المجانية المزمنة، والعياذ بالله!

• إن رفس رأس السنة عادة عروبية تتواتر كل عام، حالما تعلن هيئة الرؤية لهلال يناير «المبارك» لا سبيل إلى الإقلاع عنها إلا بإصدار فرمان همايوني قراقوشي «يحرم» هجاء السنة الماضية المتوفاة، تأسياً بقاعدة «اذكروا محاسن موتاكم» لاسيما أن «التحريم» صار هو القاعدة، والحلال هو الاستثناء الغايب المغيب لأسباب صحية أو مرضية لا فرق!

back to top