خذ وخل: دمشق التي في خاطري (4) - الحلقة (4)

نشر في 14-07-2010
آخر تحديث 14-07-2010 | 00:01
 سليمان الفهد يبدو لي أن سورية الشقيقة قد «ورثت» عن لبنان ممارسة قرصنة المصنفات الإبداعية الورقية، كما تبدّى لي الأمر عيانا وجهاراً نهاراً، في العديد من دور نشرها ومكتباتها، المكرسة لبيع الكتب! ولأني محب لسورية أتمنى على الرئيس بشار الأسد إصدار المرسوم القاضي بانضمام بلده إلى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق المؤلف.

* خلال السنوات التي سبقت الحرب الأهلية اللبنانية، كانت بيروت بمنزلة عاصمة للقرصنة والسطو على حقوق المبدعين العرب ولا فخر! فكنت تجد المصنفات الإبداعية، لنجوم ورموز الأدب والثقافة والفكر في مصر، تباع مقرصنة جهاراً نهاراً، في مكتبات بيروت، دون أن يرف لها جفن حماية حق المؤلف! ربما لأن لبنان في بداية عقد الخمسينيات لم ينضم بعد إلى اتفاقية حقوق المؤلف!

وهو على أي حال ليس مبرراً البتة للسطو على حقوق المؤلفين في مصر وغيرها في ظل أي ذريعة كانت! فالقرصنة الفكرية لا تبرر بداهة! لكن المقرصنين في لبنان لم يأبهوا إلى احتجاجات المبدعين العرب بعامة، والمصريين بخاصة! فضلا عن مساعي الرؤساء الذين تعاقبوا على الهيئة العامة للكتّاب، ومحاولاتهم الحثيثة لوأد هذه الظاهرة في عقر دارها دون جدوى!

* لكن الحرب الأهلية اللبنانية- وحدها- هي التي أفضت إلى زوالها دون رجعة، ولتعود بيروت في الألفية الثالثة، عاصمة للنشر المشروع غير المقرصن! وإن ظل فيها فعلة قرصنة الأفلام السينمائية والأعمال الغنائية والموسيقية العربية، وتلك التي يبدعها «العلوج» «والفرنجة»، على حد سواء. وهي فعلة عربية تكاد تكون حاضرة في كل العواصم والحواضر العربية، من المحيط إلى الخليج ولا فخر أيضا! ويبدو لي أن الجمهورية السورية الشقيقة قد «ورثت» عن لبنان ممارسة قرصنة المصنفات الإبداعية الورقية، كما تبدّى لي الأمر عيانا وجهاراً نهاراً، في أثناء تسكعي في العديد من دور نشرها ومكتباتها، المكرسة لبيع الكتب!

لأول وهلة ظننت الفعلة شاذة ومحصورة في أماكن وفضاءات محدودة، إلا أن مشاهداتي نفت هذا التحفظ ونسفته... أي نعم، فثمة العديد من دور النشر السورية تنأى بإصداراتها عن القرصنة، وتحرص على كفالة حقوق المؤلف عربيا كان أم أجنبيا، كما هو شأن دور النشر المعنية بترجمة ونشر أعمال الكاتب التركي الساخر الأديب «عزيز يزنيسين» وغيره من الروائيين الأتراك، لكن هذه الحظوة التي يحظى بها المبدعون الأتراك مغيبة عن أقرانهم في أوروبا وأميركا اللاتينية، فضلا عن المبدعين العرب الأشقاء! فعلى سبيل المثال أذكر أن مذكرات زوجة وبنات وابن الجنرال المغربي «أوفقير» صدرت ترجمتها العربية الفورية المقرصنة في الشهر الذي صدرت به النسخة الفرنسية الأصلية! ولا عزاء للناشر اللبناني الذي تعاقد مع العائلة «الأوفقيرية» لنشر مذاكراتهم بالعربية في بيروت!

وقد سألت بعض الناشرين عن سر شيوع القرصنة الورقية، فدحرجوا على مسامعي عذراً يبدو لي أقبح من فعل: قوامه أن سورية غير معنية بالاتفاقية الدولية لحماية حقوق المؤلف، ولم تنضم إليها بعد، نكاية بإسرائيل التي اعتادت قرصنة الإبداع العربي دون خشية ولا حرج!! ولأني محب لسورية حتى النخاع أتمنى على الرئيس بشار الأسد إصدار المرسوم القاضي بانضمام بلده إلى الاتفاقية المذكورة، والذي تأخر أكثر مما ينبغي، لتكون القرصنة محصورة في العاصمة العبرية لا العربية.

back to top