خذ وخل: تلوث أم الهمّين !

نشر في 28-02-2010
آخر تحديث 28-02-2010 | 00:00
 سليمان الفهد * لجنة البيئة التطوعية بضاحية «علي صباح السالم» والمشهورة بـ»أم الهيمان» تبدو لي بأنها موقنة بجدوى القول... المأثور «ما حك جلدك مثل ظفرك» كما تبدى ذلك جيداً في الفيلم التلفزيوني الموثق لقضية التلوث الكهرومغناطيسي التي يكابدها سكان المنطقة منذ سنوات عدة، من دون أن تقوم الحكومة بإيجاد حل لهذه البلية التي ابتلي بها السكان من حيث لا يحتسبون!

وقبل أن أتحدث عن فحوى الفيلم ومضمونه، رغبت في معرفة ماهية الموجات الكهرومغناطيسية، فلجأت إلى كتاب «التلوث والتوازن البيئي» من تأليف الدكتورين المهندسين «أحمد خالد علام وعصمت عاشور أحمد» القاهرة 1999ـ نهضة مصر للنشرـ فعلمت من هذا المصنف العلمي أنه «ينتج عن الموجات الكهرومغناطيسية التي تملأ الجو حولنا تلوث كهرومغناطيسي، وهذه الموجات عبارة عن ضوضاء لاسلكية شديدة، وقد تزيد هذه الضوضاء اللاسلكية الضوضاء الصادرة عن الشمس.

ويذكر المؤلفان أن تأثير هذه الموجات والمجالات في صحة الإنسان مازال في طور الدراسة والتحليل والبحث، لكن ذلك كله لا يمنع من الاعتقاد بأن هذه الموجات لابد أن تتدخل في المخ، وتؤثر بشكل أو بآخر في الجهاز العصبي للإنسان، فضلا عن تأثير هذه الموجات في بعض التفاعلات الكيماوية التي تدور في الخلايا الحية، مما قد يؤدي إلى تشوه الأجنة أو التخلف أو حدوث طفرات في خلايا بعض النباتات، ولأن الكتاب المذكور مضى عليه أزيد من عشر سنوات فلاشك أن المباحث العلمية المتمحورة حول معرفة الأخطار الناتجة عن انتشار الموجات الكهرومغناطيسية قد جد فيها الجديد الذي قد يتجاوز ما ذكرناه من مخاطر.

* والحق أن المرء لا يمكن أن يلوم إخوتنا سكان المنطقة، إذا اكتنفتهم واستحوذت عليهم، مشاعر الخشية والقلق والتوجس، لأن الذي يده في أتون التلوث الكهرومغناطيسي ليست مثل الذي يده في منأى عنها، وعودا على بدء إلى اللجنة البيئية التطوعية لمنطقة «أم الهيمان» نقول إنها اختارت النهج الصحيح لتسليط الأضواء على محنة المنطقة البيئية، عبر فيلم تلفزيوني يوثق مظاهرها كما تبدت في الأمراض التي أصيب بها السكان من جراء التلوث المذكور، فضلا عن دعم شهادات المواطنين القاطنين هناك، بآراء الخبراء المعنيين بالبيئة، والمختصين بالصحة العامة، ويحق لنا نعت «أم الهيمان» بـ»أم الهمين»: فالهمّ الأول يتجلى ببيئة التلوث إياه، أما الهمّ الآخر فإنه يتبدى في عدم اتخاذ قرار حكومي حاسم، يتجاوز الوعود والأماني التي يجابه بها المسؤولون غضب وقلق أهالي المنطقة المنكوبة!

ولعل الهتاف الذي لعلع به أطفال هذه المنطقة يترجم بشاعرية بليغة المطلب الشعبي لها المتمثل في السكنى وسط فضاء معيشي نقي الهواء، أو «نبي هواء نقي» بحسب تعبير الأطفال أنفسهم، وهو من حقهم بالضرورة، ولا يجادلهم فيه أحد سوى أصحاب الذمة الواسعة من القيمين والمقاولين ومن لف لفهم!

وإذا كان لسان حال أطفال المنطقة يتسم بالرومانسية، كما رأينا، فإن خطاب أولياء أمورهم يطفح بالواقعية العملية، حيث يجدون خلاصهم في تثمين بيوتهم، وإيجاد بديل صحي لسكنهم.

وقد سبق للعبد لله الكتابة حول هذه المحنة التلوثية، ومثلي كثر... لكن الجهات المختصة ما برحت تلوك وعود الأسطوانة المشروخة الرامية إلى تهدئة السكان، إلى حين ايجاد حل لهذه المعضلة، «حين تحج البقر على قرونها» في يوم، في شهر، في سنة!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top