قنوات المسابقات... لعبة أوهام ضحيتها المشاهد!

نشر في 09-07-2009 | 00:00
آخر تحديث 09-07-2009 | 00:00
No Image Caption
تتنافس الشاشات الصغيرة طوال ساعات الليل والنهار على تقديم برامج مسابقات تغري المشاهد للاشتراك بها ليس لامتحان معلوماته وثقافته إنما طمعاً بالجوائز الضخمة التي تقدمها هذه البرامج لقاء الإجابة عن أسئلة تافهة وسطحية لا تستحق حتى مجرد الالتفات إليها، من دون أن يعلم المشاهد المسكين أنه ضحية المكالمات الهاتفية التي يجريها والتي تمعن المذيعة في تطويل مدتها، فتكلفه مبلغاً لا يستهان به في مقابل أوهام تؤجل الربح إلى ما شاء الله.

«سترايك»، «ميلودي تريكس»، «جيم تيم»، «الإمارة» وغيرها من القنوات والبرامج التي تبيع الأوهام للمشاهدين تحت عنوان «مسابقات» تتخذ مسرحاً لها ستوديو صغير وديكور بسيط ولعبة تدفع هؤلاء إلى الاتصال مراراً وتكراراً، من فرط سهولتها، لربح الدولارات والماسات والرواتب الشهرية من دون أدنى تعب.

تغذي لعبة الأوهام هذه مذيعات يتنافسن على «تدليل» المشاهد، بالضحكات والهمسات والملابس الساخنة، فيتمايلن بأجسادهن لتتمايل معهن أحلام المشاهد بالثراء السريع من خلال ضربة حظ.

هل من الممكن أن تتحمل أوطان تطمح إلى التغيير هذا العبث؟ وكيف يرى المسؤولون عن الإعلام هذه القنوات؟

تجارب وهمية

تركز فكرة هذه القنوات على احتياجات المشاهد المادية، في رأي د. هشام عطية (أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة)، وعلى أوقات الفراغ الكثيرة لديه، فيعيش من خلالها تجارب وهمية بدلاً من الاستفادة من هذا الوقت في تنمية مهاراته الشخصية.

يضيف عطية: «لا فرق بين هذه القنوات وبين تعاطي المخدرات، ففي الحالتين يفقد العقل موضوعيته ويضيع الوقت جزافاً. لا تحمل هذه القنوات من الفكر إلا أتفهه وتعتمد المسابقات التي تقدمها على رؤوس فارغة إلا من الإثارة وترسّخ في الأذهان أن المرأة هي مجرد بضاعة أو سلعة».

يلاحظ هشام أن موازنات هذه القنوات مجهولة ولا يوجد مراقبة عليها، «ولا نعرف ما إذا كانت تدفع ضرائب للدولة أم لا» على حد قوله، لذلك يطالب المسؤولين عن الإعلام في الوطن العربي بالالتفات إلى مثل هذه القنوات والجمعيات المدنية والمعنية بحقوق الإنسان بالعمل للحدّ من انتشارها.

أما د. عاطف العبد (أستاذ في قسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة القاهرة) فيرى أن معظم قنوات المسابقات تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من الربح عن طريق مذيعات يستعرضن أجسادهن ويعتمدن بالدرجة الأولى على إثارة الغرائز لدى المشاهد، سواء بالمظهر أو الميوعة في اللغة، «لذلك تحرص هذه القنوات على تقديم مسابقات تافهة لتحفيز المشاهد على الفوز خصوصاً أن هناك جوائز خيالية يعلن عنها يومياً وتشمل الأموال والشقق وغيرها من الأوهام التي تدفع الجميع الى المشاركة، فالأسئلة تافهة ولا ترقى المعلومة إلى أي مستوى، لذا أتساءل: أين هذه البرامج من مواثيق الشرف الإعلامية التي تتنافى مع كل ما يمت إلى هذه الظاهرة المرضية بصلة؟»

افتعال الأحاديث

من جهته يلاحظ د. صفوت العالم (أستاذ العلاقات العامة والإعلام في جامعة القاهرة) أن أرقام الهاتف التي يتمّ استخدامها في الوقت الحالي لتقديم المسابقات هي في الأساس مجانية هدفها تقديم الخدمات للناس، «لكن للأسف توظّف لتيسير الاتصال في مسابقات تبيع الحظ والوهم، وتطور الأمر إلى أن أصبحت هناك قنوات متخصصة في هذه النوعية من المسابقات التافهة تقوم في معظمها على افتعال الأحاديث والأفكار بهدف زيادة مدة المكالمة لتصل إلى 7 أو 10 دقائق من دون داع، في محاولة لتصل كلفة المكالمة إلى 10 جنيهات أو أكثر، بالإضافة إلى فقدان الشفافية في تنظيم مثل هذه المسابقات، فلا أحد يحدّد تاريخ إعلان الفائز أو تاريخ الانتهاء من المسابقة، أو من يشرف عليها».

يكمن الحلّ، من وجهة نظر د. صفوت، في أن يشرّع مجلس الشعب قانوناً لمواجهة هذا النوع من المسابقات.

أما د. أحمد عبد الله (أستاذ علم النفس) فيؤكد أن الفكرة الأساسية وراء ظهور هذه القنوات هي استخدام الإعلام للحصول على أموال من الجمهور من خلال اللعب على آمال المشاركين وأحلامهم. «كل ذلك ناتج عن تشجيع الفضائيات ثقافة الاستسهال لدى المشاهدين، لذا ينجذب المشاهد الكسول إليها، فهو لا يريد أن يبذل أي مجهود للحصول على الثقافة أو المعلومة، لكن بمجرد مشاهدة فتيات يتمايلن بأجسادهن ويقدمن له الوهم على أنه حلم سهل يندفع للمشاركة» على حد تعبيره.

تلعب القنوات على رغبات الكسب السريع، في رأي د.عبد السلام بشر (أستاذ في كلية الدعوة الإسلامية في جامعة الأزهر)، مع وجود «مشهيات» يغرين بالمشاركة، ما يؤكد أن هذه القنوات تمارس نوعاً من الخداع والربا من خلال التواطؤ بين شركات الاتصال والقناة لنهب أموال البسطاء بالباطل.

back to top