وجهة نظر : 
الوقت ارخص الموارد في صناعة النفط الكويتي

نشر في 07-07-2009
آخر تحديث 07-07-2009 | 00:00
 د. عباس المجرن اعتمدت مؤسسة البترول الكويتية، منذ النصف الأول من عقد التسعينيات، خطة تهدف إلى زيادة القدرة الإنتاجية من النفط الخام إلى معدل 3 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2005 وإلى 4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015، ولتحقيق هذا الهدف تضمنت الخطة تطوير مكامن وحقول المنطقة الشمالية، وهي حقول صعبة يتطلب تطويرها خبرات ومعرفة وتقنيات لا تتوفر لدى الشركات الكويتية، وارتأت شركة نفط الكويت أن الاستعانة بشركات النفط العالمية من شأنها أن تمكّن الكويت من الحصول والتعرف على تقنيات متطورة في مجال إدارة المكامن النفطية، وتمكن الشركة من توظيف هذه التقنيات في الحقول المتقادمة مثل برقان. وقد قدرت تكلفة مشروع تطوير حقول الشمال بنحو 7 مليارات دولار. إلا أن هذا الموضوع الفني أي الاستعانة بالشركات الأجنبية في تنمية حقول النفط في المناطق الشمالية أُخضِع لجدل سياسي مطول ومستفيض بسبب ظهور صراعات مصالح خاصة وعدم وضوح آليات هذه الاستعانة، ودخل المشروع في نفق الاختلاف بشأن الآليات والشروط والضوابط المتعلقة بمزايا وعوائد الشركات الأجنبية من المشروع، بل وتحفظ عنه البعض بسبب ما وصفه بالتعارض مع نصوص الدستور، لأنه رأى فيه شبهة استغلال غير مشروع للثروات الطبيعية، وهذا أمر تحظره المادة 152 من الدستور. ولم تنجح التعديلات والضمانات والشروط المتعددة التي أدخلتها اللجنة البرلمانية المختصة على «مشروع الكويت» في تخفيف حدة المعارضة البرلمانية له. ومن المؤسف أن مشروعا حيويا كهذا لم يحظَ بما يستحقه من جدية في التداول سواء من الجانب التشريعي أو التنفيذي. وقد اضطر القطاع النفطي في ظل هذا الوضع إلى مد أجل خطته لتحقيق معدل الـ3 ملايين برميل إلى عام 2010، وقد يؤجّل هذا الهدف إلى عام 2015.

حقول الشمال

وعلى مدى السنوات التي أمضتها الكويت في عملية البحث عن مخرج سياسي لمعضلة تطوير حقول الشمال، أخذ العديد من المشروعات الخاصة بتطوير حقول صعبة مماثلة في بلدان مجاورة وغير مجاورة منتجة للنفط طريقه إلى حيز التنفيذ. وعلى الرغم من آلية الوضع السياسي الشديد التعقيد في العراق، على سبيل المثال، وعلى الرغم من المعارضة التي تواجهها الحكومة العراقية للعدول عن تعاقداتها مع شركات عالمية لتطوير 29 حقلا نفطيا عراقيا صعبا يتوقع أن تضيف نحو 1.5 مليون برميل يوميا إلى إنتاج العراق النفطي خلال السنوات الأربع المقبلة، إضافة إلى مرحلة ثانية من التطوير من شأنها أن ترفع من قدرة العراق على الإنتاج من نحو 2.5 مليون برميل إلى نحو 6 ملايين برميل يوميا خلال خمس سنوات، إلا أن العراق يبدو جادا في تنفيذ تلك التعاقدات.

هدر الوقت

ويتيح تطوير القدرات الإنتاجية في البلدان الأخرى حصولها على حصص سوقية إضافية، وقد يتحقق جزء من هذه الحصص على حساب رصيد سوق النفط الكويتي. كما أن تطوير القدرة الإنتاجية لبعض الحقول العراقية التي تشترك في تكويناتها المكمنية مع بعض الحقول الكويتية مثل حقلي العبدلي والرتقة من شأنه أن يضعف من الطاقة الإنتاجية لهذه الحقول في المستقبل، وتجدر الإشارة إلى أن تثبيت خط الحدود الدولية بين البلدين قد أتاح للكويت استعادة عدة آبار في حقل الرتقة، إلا أن الفائدة المتحققة من هذه الآبار ستبقى هامشية ما دامت القدرة الإنتاجية مقيدة بمشكلة غياب تطوير المكامن. ولسنا بحاجة في ظل هذه المعطيات إلى إعادة تأكيد أن الوقت الضائع ليس في مصلحة الاقتصاد الوطني، خاصة أن القدرة الإنتاجية لأهم حقل منتج في البلاد وهو حقل برقان، ثاني أكبر حقل في العالم، مستمرة في التراجع.

* أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت 

back to top