الاستثمارات الكويتية في تونس... إلى أين؟

نشر في 12-01-2010
آخر تحديث 12-01-2010 | 00:01
 فالح ماجد المطيري بدأت العلاقة الكويتية التونسية على المستوى الشعبي في عشرينيات القرن الماضي، عندما زار الكويت "الشيخ عبدالعزيز الثعالبي" الذي يلقب بشيخ الإصلاح والمقاومة، بسبب أفكاره التجديدية في الفقه ومقاومته للمستعمر الفرنسي الذي كان يحتل تونس ودول الشمال الإفريقي، وقد تعرض الشيخ الثعالبي للسجن والنفي نتيجة لتلك المقاومة، وأثناء زيارته إلى الكويت التقى بمفكرها الشيخ عبدالعزيز الرشيد، وارتبط الاثنان بصداقة متينة وطويلة، وقد أهدى الشيخ عبدالعزيز الرشيد مقدمة كتابه «تاريخ الكويت» للشيخ الثعالبي.

 أما على المستوى الرسمي فقد كانت تونس من أولى الدول التي اعترفت باستقلال الكويت إبان أزمة عبدالكريم قاسم، وكانت من الدول السباقة إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع الكويت من خلال فتح سفارة لها، وتسمية الدبلوماسي «الشاذلي زوكار» قائما بالأعمال فيها أثناء فترة حكم الزعيم الحبيب بورقيبة، وتقديرا للموقف التونسي قامت الكويت بعدد من المشاريع التنموية في تونس، من بينها «المجموعة الكويتية التونسية للتنمية» التي يحسب لها أنها أسست للبنية التحتية السياحية في تونس، من خلال إنشائها عددا من الفنادق لاستقطاب واستيعاب السياح القادمين إلى تونس، وقد وصل عدد الفنادق التابعة للمجموعة في فترة من الفترات إلى «18» فندقا، وهو الرقم الأعلى الذي تملكه أي مجموعة أو دولة أخرى منافسة في القطاع السياحي، وقد حملت تلك الفنادق اسما تجاريا موحدا تحت سلسلة فنادق «أبو نواس» تملك «الهيئة العامة للاستثمار النصيب الأكبر من أسهم»، هذه الاستثمارات، وإن جاءت في بداياتها كما أسلفت تقديرا من الحكومة الكويتية لموقف تونس المساند لها في أزمتها مع قاسم، إلا أنها مع مرور الوقت أصبحت استثمارات تحقق أرباحا طائلة، نتيجة للعقلية التونسية التي عرفت الإمكانات السياحية لبلادها وعرفت كيف تستغلها وتروج لها.

 وزادت أهمية وربحية الاستثمارات الكويتية في تونس، بعد تولي الرئيس زين العابدين بن علي للحكم في 7-11-1987، وترسيخه للأمن والأمان في تونس بعد قضائه على التيارات المتطرفة، مما جعل من تونس الوجهة السياحية المفضلة للعديد من الدول، وأصبحت السياحة التونسية من أهم الأنشطة التي تدر دخلا على خزينة الدولة، وتم تصنيفها كمصدر ثان للدخل في تونس، مما يعني بالتبعية ارتفاع عوائد الفنادق الكويتية «سلسلة أبو نواس» التي صارت القائد الفعلي للسياحة التونسية وتسيدت الساحة بلا منازع.

وقد كان هذا الاستثمار المشترك بين الكويت وتونس- حسب وجهة نظري- مثالا يجب أن يحتذى به في العلاقات العربية-العربية، بعيدا عن الشعارات التي ترفع بلا فائدة تذكر، فكما أسلفت كانت الاستثمارات الكويتية هي من هيأ البنية التحتية لقطاع السياحة في تونس، وخلقت الآلاف من فرص العمل للشباب التونسي، واستوعبت الأعداد المتزايدة من السياح العرب والأجانب، في مقابل أن الحكومة التونسية هيأت كل فرص النجاح لهذه الاستثمارات، من خلال القوانين والتشريعات، والعقلية التونسية التي تعرف إمكانات بلدها وكيفية استثمارها بالإضافة إلى الجو الآمن.

وقد تجلت أهمية هذه الاستثمارات في تحصين العلاقات السياسية بين البلدين من أي عثرات أو سوء فهم، كما حصل أثناء الغزو العراقي للكويت، عندما حاول البعض أن يصنف تونس ضمن ما اصطلح على تسميته «بدول الضد»، والذي أؤكد هنا أن الموقف الرسمي التونسي قد أسيء فهمه من قبل البعض، فلم يصدر من الجهات الرسمية أثناء تلك الفترة ما يؤيد الاحتلال، بل إن الموقف الرسمي كان مع حرية واستقلال الكويت، ومن حاول قيادة الشارع في الاتجاه المؤيد لصدام حسين كان «حزب النهضة» المحسوب على الإخوان المسلمين، رغم محاولات البعض خلط الأوراق.

وقد فوجئت خلال زيارتي إلى تونس في الأيام الماضية، بأن الهيئة العامة للاستثمار، قد باعت جل الفنادق التي تملكها لجهات أخرى، يقال إنها «ليبية»، وقد أثار هذا التصرف الكثير من الأسئلة في نفسي، نتمنى من الإخوة في الهيئة والمجموعة الكويتية التونسية للتنمية الإجابة عنها، ومنها:

• ما مبررات بيع هذا العدد الكبير من سلسلة فنادق «أبو نواس»؟

• هل بيعت هذه الفنادق ضمن «مزايدة معلنة» ومن الجهات التي تقدمت بعروض شراء؟

• بكم بيعت هذه الفنادق، ولماذا نقرأ أي خبر أو إعلان عن هذه الصفقة في الصحافة الكويتية؟

***

تساؤل أخير نوجهه إلى الإخوة الأفاضل في الهيئة العامة للاستثمار: هل صحيح ما يتم تداوله بأن الهيئة قد باعت أسهمها «الممتازة» في «سيتي غروب»، لتوفير سيولة لشراء 51% من أسهم مشروع «بورت غالب»؟

لا أفترض الخير المطلق ولا الشر المطلق من هذه التساؤلات، إلى أن نسمع الإجابات.

back to top