الناقدة خيرية البشلاوي: عادل إمام مهزوز فنياً ولا يحتمل النقد
خيرية البشلاوي من أفضل النقاد في تاريخ السينما المصرية، عُرفت بحيادها وموضوعيتها وقدرتها الكبيرة على التحليل السينمائي، لذا استحقت التكريم من المهرجان القومي للسينما وهو التكريم نفسه الذي تغيَّب عنه الفنان عادل إمام لرغبته في عدم تسلّم جائزته بحضورها بسبب انتقاداتها المستمرة لأعماله، ما دفعه الى شن هجوم عليها مشيراً الى أنها دأبت على انتقاده يومياً وعلى مدى 40 عاماً.عن الهجوم وحال السينما المصرية وواقع النقد السينمائي كان الحوار التالي مع الناقدة.
بماذا تفسّرين هجوم الفنان عادل إمام الشرس عليك؟عادل إمام مهزوز فنياً، وما يقدمه من أعمال، خصوصاً في السنوات الأخيرة، يتّسم بالتفاهة والضعف الفني، وأنا أقول رأيي بكل صراحة في أفلامه وفي أدائه وهذا لا يعجبه بالطبع لأنه مغرور جداً ولا يستطيع تحمُّل النقد الموضوعي والمحايد.قال إنك ومنذ أربعين عاماً تنتقدينه يومياً، ما ردّك؟هذا كلام يدعو الى السخرية، فأنا ناقدة للأعمال الفنية كلّها وليس لدي وقت أضيّعه في انتقاد عادل إمام يومياً كما يتخيل، وكل ما أفعله هو تقييم أعماله بموضوعية، وعندما يقدِّم عملاً جيداً أشيد به مثلما حدث مع «اللعب مع الكبار».بعد تصريحاته ظنّ البعض بأن بينكما ضغائن شخصية، فهل هذا صحيح؟إطلاقا، فأنا لا أعرفه شخصياً، وعلى مدى تاريخي النقدي كنت حريصة على ألا تربطني علاقة شخصية بأي فنان كي لا أُحرج من انتقاده. كذلك، لا أحضر عروض الأفلام الخاصة ولا أقابل صانعيها، وحتى الفنان الذي أشيد به لا أسعى الى التعرّف إليه أو إخباره برأيي فيه، وأذكر ذات مرة عندما أشدت بأحمد حلمي تصادف أن سافرنا معاً في طائرة واحدة لحضور أحد المهرجانات في المغرب، ومرّ من أمامي مراراً، ولم أحاول التحدث معه إطلاقاً، فعلاقتي بالفنان تكون من خلال الشاشة ولا أستثني عادل إمام أو غيره. هل استفزَّك هجومه؟كلا، لأني أثق في نفسي ولا أهتم بتلك التفاهات بل على العكس أكدَّت لي أن ما أكتبه مؤثر وبشكل لم أكن أتخيله، إذ انبرت أقلام شريفة للدفاع عني، والتأكيد على جهل عادل إمام ومحدودية ثقافته. كيف ترين حال السينما المصرية في السنوات الأخيرة؟أنا متفائلة لحالها، إذ دأبت في السنوات الأخيرة على إنتاج عناصر جديدة سواء على مستوى الممثلين أو المخرجين أو الفنيين، فيكاد لا يمر عام من دون ظهور مواهب جديدة ومميزة. كذلك أصبحت نوعية المخرجين مختلفة، والممثلون ومعظمهم من الشباب على درجة عالية من الوعي والثقافة، ما يرفع من قيمة السينما المصرية.لكن البعض يراها ضعيفة مقارنة بالسينما العالمية؟المقارنة تتعلق بالمستوى التقني، فثمة تفوّق شديد من ناحية التكنولوجيا سواء في السينما الأميركية أو العالمية، ما يفسر عدم وجود فيلم مصري في المهرجانات العالمية الكبرى. ماذا عن مشاركات بعض الأفلام المصرية السنوية في مهرجان «كان»؟هذه ليست مشاركات رسمية فما يحدث هو تأجير «دكان» وسجادة حمراء ليُعرض الفيلم على هامش المهرجان، ومن جهته يُصدر بعض جهات الإعلام أنه مشارك رسمي، وهذا غير صحيح فالسينما المصرية ما زالت سينما محلية عيبها الأكبر أنها غير طموحة وليس فيها من يتطلع الى اقتحام الحدود. برأيك، كيف يمكن للسينما المصرية أن تتجاوز محلّيتها؟ أولاً، لا بد من أن تتحلى بالصدق، وأن تكون لغتها السينمائية ناضجة، وقد يحدث ذلك من دون أية تنازلات، فالسينما الإيرانية مثال حي على ذلك وقد وصلت الى العالمية من دون أي تضحيات أو تنازلات بل فحسب عبر تقديم الواقع بصدق وبما لا يستفز المناخ المحافظ ولكن للأسف السينما في بلدنا ما زالت سلعة إنتاجية. وكيف ستخرج من هذا المأزق؟أعتقد أن الديجيتال سيحلّ هذه المشكلة، إذ تُنتج الأفلام بتكلفة إنتاجية بسيطة ولا يكون ثمة قلق من الخسارة, ما سيعطي فرصة للمحاولة من دون الحاجة الى أصحاب رأس المال الكبار الذين يتعاملون مع السينما كواجهة اجتماعية وإعلامية فحسب، وبعيداً عن كونها رسالة.لماذا تتهمين المنتجين الحاليين بالتعامل مع السينما كواجهة اجتماعية فحسب؟لأنهم كيانات اقتصادية ضخمة، والسينما ليست عملهم الرئيس، وأحياناً لا يهدفون منها إلى الربح بقدر ما يهدفون إلى الوجاهة، فأنا لا أظن أن فيلم مثل «ليلة البيبي دول « والذي تكلّف أكثر من 50 مليون جنيه، جنى إيرادات تغطي هذه التكاليف، ولكن مما لا شك فيه أن هذه الكيانات أعطت الفرصة لمخرجين ونجوم جدد. ما الأفلام التي أعجبتك في الفترة الأخيرة؟أعجبتني مجموعة من الأفلام من بينها: «كبارية»، «خلطة فوزية»، «الريس عمر حرب»، «آسف على الإزعاج، و{واحد صفر». على رغم تاريخنا السينمائي الطويل إلا أن المهرجانات السينمائية المحلية ما زالت ضعيفة، فما السبب برأيك؟لأن المهرجانات لدينا لا بد من أن تكون مرتبطة بالجمهور، فيما الأخير ما زال بعيداً عنها وربما يحضر الافتتاح أو الختام ولكنه لا يتابع الأفلام المعروضة، بعكس المهرجانات العالمية مثل «كان» مثلاً والذي نضطر أحياناً فيه الى مشاهدة الأفلام وقوفاً لعدم وجود أماكن بسبب الزحام الجماهيري الذي يحب السينما كمنتج ثقافي. ما رأيك في الرقابة الراهنة على الأفلام السينمائية؟إنها رقابة متساهلة جداً وأحيانا أندهش من درجة التساهل العالية. إذن أنت لست مع إلغائها؟لا، فالرقابة ضرورية ومهمة وهي موجودة في جميع أنحاء العالم. كيف تنظرين الى النقد السينمائي المصري؟للأسف ما زال ضعيفاً، ولا توجد لدينا مجلات نقدية متخصصة. ما هي شروط الناقد الجيد من وجهة نظرك؟في البداية، على الناقد أن يتمتع بالموهبة فالنقد نوع من أنواع الإبداع، ويشاهد أفلاماً كثيرة ويقرأ باستمرار، وأن يملك مفاتيح قراءة الفيلم مع دراسة للنظريات النقدية، ومن المهم ألا يتعالى على الجمهور لأنه الجزء الثاني من المعادلة ولا يمكن تجاهله.