القمع والقيادة الرديئة ينفّران معارضي الحكومة

نشر في 15-06-2010
آخر تحديث 15-06-2010 | 00:01
أصدرت وزارة الدفاع الإيرانية حظراً شاملاً على المظاهرات، وطُلب من ميليشيا الباسيج النزول إلى الشارع بأعداد هائلة، فالحركة الخضراء لم تعد تتمتع بالقوة نفسها كما في السنة الماضية عندما نجحت في حشد مئات آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة.
 ذي تيليغراف لا شك أن تعرض حفيد آية الله روح الله الخميني، مؤسس النظام الإيراني، للاستهزاء والسخرية من قبل مؤيدي الحكومة يكشف الكثير عن الاضطراب الذي تعيشه النخبة الحاكمة في إيران.

بعد كل المعاناة التي تعرض لها مؤيدو الثورة الخضراء المعارضة في إيران مذ تجرؤوا على الطعن بنتائج انتخابات شهر يونيو (حزيران) الماضي الرئاسية، سيكون من البديهي تماماً أن يقرروا التنفيس عن مشاعرهم على حسن الخميني أثناء مخاطبته الحشود بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لوفاة جده في طهران في الأسبوع الماضي.

لكن العكس قد حصل، فيما سعى حسن إلى الإشادة بإنجازات الخميني على صعيد الإطاحة بالشاه وتشكيل الثورة الإسلامية الإيرانية، علا صراخ مؤيدي علي خامنئي، الذي خلف الخميني كقائد أعلى لإيران، في محاولة لإسكاته.

وقد أُجبر حسن، الذي يتهمه المتشددون بالتعاطف مع مؤيدي الثورة الخضراء، على التخلي عن خطابه والانسحاب من المنصة فيما هتف حشد من المحافظين "الموت لموسوي"، بإشارة إلى المير حسين موسوي، رئيس الوزراء الإيراني السابق والقائد الرمزي للحركة الخضراء.

ويشير تعرض أحد المتحدرين من السلالة المؤسسة للنظام لإهانة مماثلة إلى المناخ الحامي الذي يسود البلاد قبل ذكرى مرور عام على الانتخابات المتنازع عليها بشدة. في هذا السباق الرئاسي أعيد انتخاب محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية لكن أتباع موسوي شككوا بشدة في النتائج وسط ادعاءات بالتلاعب بالانتخابات: في بعض المحافظات، وجد المراقبون المستقلون أن عدد الأصوات المقترعة يفوق عدد الناخبين المسجلين.

وتمثلت النتيجة، كما رأى العالم مذهولاً، في أكبر موجة احتجاجات مناهضة للحكومة منذ ثورة عام 1979. غير أن تحدي سلطة النظام قوبل بوحشية استثنائية، وخلص تقرير صدر الأسبوع الماضي عن منظمة العفو الدولية إلى أن 5 آلاف متظاهر اعتُقل خلال العام الماضي. وقد تعرض الكثير منهم لأشكال التعذيب منها الضرب، والاغتصاب والحبس الانفرادي لفترات طويلة. وصفت إحدى الناشطات، أطلق سراحها بعد وقت، كيف وصل مستجوبوها كابلات كهربائية بصدرها وأخضعوها لصدمات كهربائية إلى أن فقدت الوعي في زنزانتها. كذلك، قُتل مئات المتظاهرين الآخرين أو جرحوا خلال الاشتباكات في الشوارع.

من المستبعد أن يتوقف ذلك كله، فقد أصدرت وزارة الدفاع حظراً شاملاً على المظاهرات، وطُلب من ميليشيا الباسيج الموكلة الدفاع عن مبادئ الثورة الإسلامية، النزول إلى الشارع بأعداد هائلة. لا شك أن الحركة الخضراء لم تعد تتمتع بالقوة نفسها كما في السنة الماضية عندما نجحت في حشد مئات آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة مما شل جزءًا كبيراً من البلاد. يعزى ذلك جزئياً إلى القمع، لكن فشل الحركة في ارساء نمط التغيير في النظام الذي أراد الغرب بيأس رؤيته في طهران ينسب بمعظمه إلى قيادة موسوي.

فموسوي ليس أبداً خصماً لدوداً للثورة بل أحد أشد مؤيديها. فضلاً عن ذلك، يورطه تقرير صدر الأسبوع الماضي عن جيفري روبرتسون، أحد أبرز المحامين الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان، بشكل مباشر في إعدام آلاف السجناء السياسيين بشكل خارج عن القانون عام 1988، عندما كان رئيساً للوزراء. ويعني ذلك أن موسوي لا يسعى إلى الإطاحة بالنظام لكنه يعتقد أنه أكثر أهلية وكفاءة لتولي زمام الأمور من أمثال أحمدي نجاد.

ولعل السبب الأساسي الذي مكّن موسوي وغيره من المعتدلين البارزين من اجتذاب دعم مماثل واسع النطاق يتمثل في استغلالهم ببراعة الغضب المتجذر بعمق في نفوس ملايين المواطنين الإيرانيين العاديين حيال الوضع الاقتصادي الخطير للدولة. من الناحية النظرية، ينبغي أن تكون إيران واحدة من أثرى دول العالم فهي تملك ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم. لكن سوء إدارة أحمدي نجاد الكارثية للاقتصاد أدى إلى انتشار البطالة والتضخم الجامح، فهذه الدولة التي تملك فائضاً في الاحتياطي النفطي تجد نفسها في موقف مزعج يحتم عليها توزيع إمدادات النفط على مواطنيها.

ويعزى هذا الوضع المأساوي جزئياً إلى العقوبات التي فُرضت على إيران بسبب رفض أحمدي نجاد المستمر تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم المثير للجدل، ومن المتوقع الآن أن تزداد الضغوط الاقتصادية والسياسية على حكومته بعد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض المزيد من العقوبات على إيران.

بالنسبة إلى الدبلوماسيين الغربيين المشاركين في صياغة قرار العقوبات الجديدة، اعتبرت صياغة القرار مهمة دقيقة من ناحية التأكد من أن الإجراءات المتخذة استهدفت الأفراد والمؤسسات (كالحرس الثوري الإيراني) المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنظام وبرنامجه النووي. فإذا كانت العقوبات صارمة جداً فقد تحقق نتيجة عكسية وتساعد النظام في حشد الدعم لموقفه المتحدي للغرب.

سعى أحمدي نجاد إلى التخفيف من التأثير المحتمل للعقوبات الجديدة، صارفاً النظر عنها باعتبار أنها "كالمنديل المتسخ لا يصلح إلا للرمي في سلة المهملات". لكنني لست واثقاً من ذلك، فإذا أثمرت التدابير الجديدة، ومن المرجح أن تثمر مع دعم الصين وروسيا لها، سرعان ما سيكتشف أن على نظامه أن يدفع ثمناً باهظاً لتحديه المستمر للرأي العام العالمي.

* كون كافلين | Con Coughlin

back to top