اسقاط الفوائد ببركة بورمية

نشر في 08-01-2010
آخر تحديث 08-01-2010 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي إسقاط فوائد القروض كانت نكتة يتندر بها أغلبية النواب عندما بدأها النائب بورمية وحيداً في خطوة أشبه بالمهمة المستحيلة التي كانت كفيلة بحرقه سياسيا، واليوم على عكس كل وعود النواب التي أطلقوها في حملاتهم الانتخابية تجد بورمية يقف متحدياً منتصراً لفكرة كانت من بنات الخيال.

ما أعجبني في عمل بورمية هو الإصرار على نفس الفكرة رغم محاولات إطلاق النار عليها من كل حدب وصوب، لكنه أبدع في حمايتها بل أعطاها الروح كلما دنا أجلها، ولا أظنه سيتوقف هذه المرة حتى لو أدخلتها الحكومة غرفة الإنعاش أو أصابتها بالصميم على قرار الموت الدماغي.

مبررات الحكومة في عدم إقرار قانون إسقاط الفوائد لا أجدها منطقية، وأهم ما جاء في تلك التصريحات اللا منطقية هو تصريح البنك المركزي الذي مفاده «القانون يزعزع الثقة بالنظام المصرفي وسيكرس مبدأ عدم احترام العقود»... «الله الله على هيك حكي... وينكم» عن زعزعة الاستقرار الأسري عندما سمحتم لكل البنوك والمؤسسات بغسل جيوب الكويتيين على الناشف، وأيضا عند تفضيلكم المشاهدة والتفرج بينما كنتم ومازلتم أصحاب اليد الطولى في تطبيق القانون؟ الحكومة لم تكتف بالمشاهدة، بل دخلت طرفاً في التشويش عبر تصريحات «الريج الحلو» مرة، ومرة أخرى عبر موضوع حصر الحل في صندوق المعسرين كبوابة وحيدة.

هذا التصرف والتوجه الحكومي لم يكن مقنعا في نحر فكرة إسقاط القروض، كونه لم يقدم ما يفيد عن حجم الضرر بلغة الأرقام التي ستصيب المال العام، وأيضا لإنشائيته وعدم واقعيته، وكما هي حال تصريحات النواب الرافضين لفكرة إسقاط القروض فهم أيضا إنشائيون، ولم يقدموا ما يدحض رأي فريق بورمية رغم شطارتهم المهنية والأكاديمية.

تفكيك جلسات إسقاط فوائد القروض أتى هذه المرة بواسطة النواب، وهو ليس بغريب عليهم، فواحد يكفي لعدم اكتمال النصاب، وواحد يكفي لتخريب الجلسة، وواحد يكفي لإسقاط القانون.

الأصل في إسقاط فوائد القروض هو إسقاط تعسف واستغلال البنوك لأغلبية الموظفين الكويتيين، ولو كان القرار بيدي لما قبلت بأقل من إسقاط كل الفوائد وعدم تعويض أي بنك لم يلتزم بالقرارات المنظمة للإقراض، فلا يمكن أن تأتي الحكومة اليوم وتكافئ المخطئ على أعماله غير القانونية.

البدائل التي طرحها النواب بتعويض البنوك عما يمكن أن يتسبب في خسارتها مقنعة، ولا يمكن رفضها إلا إذا كانت الفوائد أكبر من أصل الدين أو إنها الحيلة والوسيلة الوحيدة التي كانت تدر الأرباح على البنوك، وإلا ماذا نفسر هذه الاستماتة على عدم إقرار القانون، وهنا على كل البنوك كشف حساباتها الشهرية التفصيلية عن نوع أرباحها التشغيلية لتكشف عن دورها الحقيقي في التنمية.

النائب الفاضل الدكتور ضيف الله بورمية رغم أنه من سكان منطقتي، وجار عزيز إلا إن علاقتي معه فيها الكثير من المدّ والجزر، لمواقفه السياسية التي أختلف معه فيها، وآخرها استجواب النائب الأول، وباعتباره أحد نواب التأزيم، إلا أنه يعجبني في هذا الإصرار الذي قلب الحلم إلى حقيقة لامست الواقع بإقرار القانون بمداولته الثانية، ولم يبق للحلم إلا أن تعيشه الحكومة.

اليوم أعدت قراءة أسماء النواب عسى أن أجد مثل بورمية اخترع فكرة ترجمها إلى مشروع قد ينجح أو قد يطير في مهب الريح لكن روحها باقية مستمرة، فهل يتبنى نوابنا الأفاضل فكرة أو قانوناً يخدم الكويت ليكون عندنا 50 مشروع قانون آسف 48؟

صراع النواب وثقافة الاتهامات المتبادلة «ترى مصخت» وقد توصلنا إلى طريق مسدود، فعليكم التعاون فيما بينكم وتوحيد الصفوف ثم طالبوا الحكومة بالتعاون.

ودمتم سالمين. 

back to top