الحقيقة المؤلمة!!

نشر في 21-06-2010
آخر تحديث 21-06-2010 | 00:00
 عبدالله المسفر من الطبيعي أن يطلق أي شخص يسمع عن أزمة الكهرباء في الكويت ضحكة مدوية يسمع رنينها الجالس على شاطئ فيينا، يستمتع برؤية الطبيعة الخلابة والماء والخضرة والوجه الحسن، فأزمة الكهرباء في الكويت هي في الحقيقة مهزلة بكل المقاييس العالمية والمحلية والمنطقية، لأن بلداً مثل الكويت من المفترض أن تساعد الدول الأخرى في أزمات كهذه، لا أن تعاني هي هذه الأزمة وبحدة، ولدرجة أن تكون مؤلمة، كما صرح وزير الكهرباء الهمام بأن الألم سيكون في رمضان ابتهاجا واحتفالا بالصيام والشهر الكريم.

ما يحدث في بلدنا الآن من أزمة هو أمر طبيعي جدا ومتوقع، بل إن القادم أسوأ طالما أن الفساد ينخر في مؤسسات الدولة، والكثيرون لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة، وبالذات من المسؤولين الذين لا يفكرون في مستقبل البلد، ولكن مستقبلهم الشخصي، وبدلا من وضع الخطط التطويرية والاطلاع على الإحصاءات لأوضاعنا الحالية، وما هو متوقع في المستقبل، شغلوا أنفسهم بكيف يحصلون على ما ليس من حقهم، أو على الأقل كيف ينفعون أقاربهم ويعطونهم المناقصات والهبات والاستثناءات، ويغضون الطرف عن المخالفات كما كتبنا الأسبوع الماضي عما يحدث في وزارة التربية.

أزمة الكهرباء كما أرى هي بداية لأزمات أخرى، فالكويت بلد نفطي ويملك من المال الكثير الكثير، ويستيطع أن يشتري مئات المحطات الكهربائية، ولكن سوء الإدارة والنوايا غير الحسنة والجهل أيضا تسببت في هذه الأزمة التي هي أبسط بكثير مما يمكن أن يحدث في قطاعات أخرى، فهل هناك من مبرر واحد لعدم إنشاء محطات كهربائية تولد لنا الطاقة الكافية لضعفي ما نحتاج؟!

ما السبب في أن تغدق الكويت على الآخرين وتبخل على نفسها، بل إن الغريب أن الكويت تمول إنشاء محطات كهرباء في دول أخرى من باب الصداقة والأشقاء، وما إلى غير ذلك؟ فإلى متى سنظل نعاني هذه الأزمة، وهي أزمة لها سنوات، ولم نجد لها حلاً حتى الآن على الرغم من أن الحكومة لو بدأت بإنشاء محطات قبل سنوات لكنا اليوم ننعم بحرية الاستهلاك دون الحاجة لهذا الترشيد الذي يتحدثون عنه؟

في وزارة الكهرباء والماء مناقصات كثيرة لم يثمر أي شيء منها، فهناك مناقصة محولات اتضح عدم صلاحيتها وتم غض الطرف عنها لأن الشركة المسؤولة يملكها نافذ وشريكه وافد نافذ أيضا، وغيرها من المناقصات التي لم تثمر شيئا والوضع «مكانك راوح» ولم نجد تحركا فعليا لحل الأزمة، وكلها مجرد تمنيات وآمال بانخفاض الحرارة وعودة الطوز!

ما يحدث حاليا يتحمله رئيس الوزراء الحالي في الأساس بحكم منصبة السابق- رئيسا للوزراء (قبل أربع سنوات)- وكذلك يتحمل المسؤولية وزير الكهرباء بدر الشريعان، ولنكن منصفين، فإن الرجل يحاول الاجتهاد، ولكن يبدو أنه اجتهاد إعلامي فقط، ولا يوجد شيء على أرض الواقع، فلا يمكن أن نقول عنه حديث العهد بالوزارة، فطالما مرت ستة أشهر فقد أصبح الرجل على علم بأمور الوزارة كلها، وعليه أن يكون قد استدرك كل الأخطاء ووضع الخطط للحلول، أما هؤلاء النواب الذين يطنطنون عند كل خطأ حكومي ويبررون بلا منطق أو عقلانية، فقد أصبحت ردودهم فجة ومقززة، ومعروف سلفا من سيدافع عن الحكومة وعن أي خطأ فهل هذا يعقل؟!

ياسادة إن مصلحة الكويت أهم من كل شيء، فبالله عليكم غيروا المفاهيم وتعاملوا مع الأمور بالحق والعدل والحيادية وانتصروا للكفاءة وللحق، لأن الله تعالى لم يخلق شيئا عبثا، ولم يأمرنا باتباع الأخلاق الحميدة عبثا، إنما صلاحنا في تمسكنا بالحق حتى إن لم يعجبنا، ونهضتنا لن تتحقق إلا بالانتصار للكفاءات والابتعاد عن «الواسطة» والمحسوبية والضغائن والأحقاد، أما أن نسير على نفس النهج فإن الأزمات ستتلاحق والتدهور سيستمر. 

back to top