العوضي لـ الجريدة•: لماذا تتجه مؤسسة البترول إلى إنتاج زيت الوقود إذا كان عميلها الأول يفضل الغاز؟!

نشر في 30-03-2010 | 00:01
آخر تحديث 30-03-2010 | 00:01
No Image Caption
تشغيل المصفاة الجديدة بالنفط الثقيل بنسبة 100% مكلف جداً ويؤثر في هامش الربحية
أشار عبد الحميد العوضي إلى وجود مخاطر اقتصادية عند تكرير نفوط مختلفة بالمصفاة الجديدة، في حال انخفاض فروق أسعار النفط المكررة بين «KEC» والنفوط الأخرى، التي تستهدف إنتاج زيت الوقود «LSFO» بسبب اختلاف نسب المنتجات البترولية باختلاف أنواع النفط الخام المكرر.

قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي إن المادة الثانية من مرسوم إنشاء المجلس الأعلى للبترول تنص على أن «يتولى المجلس الأعلى للبترول السياسة العامة للثروة البترولية للمحافظة عليها، وحسن استغلالها وتنمية الصناعات المترتبة عليها والمنبثقة عنها بهدف ضمان الاستثمار الأفضل لهذه الثروة، وتحقيق اكبر عائد منها واستكمال صناعة بترولية وطنية متكاملة، كل ذلك في إطار السياسة المرسومة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد»، مشيرا الى ان مشاريع الصناعة النفطية يجب ان تضمن الاستثمار الافضل وتحقيق أكبر عائد اقتصادي ممكن.

وأضاف العوضي في بحث خص به "الجريدة" عن المصفاة الرابعة ان مؤسسة البترول الكويتية قامت برفع مشروع المصفاة الرابعة ومشروع الوقود البيئي الذي تم اعتماده من قبل المجلس منذ فبراير عام 2006 ولم يتم الاسراع في تنفيذه من قبل ادارة المؤسسة، ومشروع الوقود البيئي يهدف الى توسعة وتطوير المصافي الموجودة ماعدا مصفاة الشعيبة لإنتاج مشتقات بترولية عالية المواصفات، وبالإضافة الى رفع القدرة التحويلية لانتاج اقل نسبة من زيت الوقود تصل الى حوالي 5 في المئة.

النفوط الثقيلة

وقال العوضي قبل كل شيء ماذا تعني المصفاة؟ مجيبا هي مجموعة عمليات تصنيع لتحويل النفط الخام الى مجموعة مشتقات بترولية تتطلبها الاسواق العالمية بمواصفات اساسية واخرى تفضيلية، كما يتطلب ان يكون العائد المادي المتوقع مجزيا حتى تتمكن المصفاة من الاستمرار بالعمل والنجاح وتحقيق العائد المتوقع منها.

واستعرض العوضي أهداف المصفاة الرابعة:

1 - تزويد محطات توليد الكهرباء بزيت الوقود (LSFO) ذي المحتوى الكبريتي المنخفض.

2 - منفذ اقتصادي لتكرير النفوط الثقيلة بسبب صعوبة تسويقها.

3 - توفير وظائف ادارية وفنية للكويتيين وغيرهم.

وفند العوضي الهدف الاول المتعلق بزيت الوقود (LSFO) لمحطات توليد الكهرباء قائلا:

ان توقيع الكويت على اتفاقية كيوتو في عام 2005 للمساهمة في تقليل الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة والناتجة من عمليات استخدام النفط الخام او المشتقات البترولية يدفع مؤسسة البترول الكويتية الى تحسين مصافيها وعملياتها، حرصا منها على تغطية هذا الجانب ووفاء لالتزاماتها في تلبية المعايير العالمية للبيئة وتقديم وقود نظيف سواء للاستهلاك المحلي او العالمي، كما قامت المؤسسة باستيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG) من الخارج لفترة محدودة، مدتها خمس سنوات حتى يتم تشغيل المصفاة الرابعة كبديل للوقود المستخدم لتوفير كميات سواء من النفط الخام او من المشتقات البترولية للتصدير. وتساءل مادام الموضوع يتعلق بالبيئة وتزويد محطات الكهرباء بالوقود المناسب والامثل اقتصاديا وبيئيا... هل زيت الوقود ذو المحتوى الكبريتي القليل (LSFO) افضل بيئيا واقتصاديا من (LNG)؟ حيث تشير المعلومات الصادرة عن (EIA) وكالة الطاقة وفق الجدول المرفق الى ان الغاز الطبيعي هو الافضل بيئيا للاستخدام والاعلى من حيث القيمة الحرارية الكامنة، حيث تقدر القيمة الحرارية في (LSFO) حوالي 39 مليون BTU بالطن المتري مقابل 47 مليون BUT بالطن (LNG)، ويتضح من الجدول ان زيت الوقود هو اكثر تلويثا للبيئة عند احتراقه مقارنة بالغاز الطبيعي.

الغاز الطبيعي وقوداً

واوضح العوضي ان وزارة الكهرباء والماء تعتمد بشكل اساسي على الغاز الطبيعي كوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية ويأتي استهلاكها لأنواع اخرى من الوقود هو النقص الحاصل في توافر الغاز الطبيعي، ولقد بلغ حجم الاستهلاك خلال عام 2009 حوالي 272 الف برميل يوميا (كل انواع الوقود) كما تشير خطط وزارة الكهرباء الى شراء توربينات غازية وتبديل توربينات بخارية متقادمة بأخرى جديدة تعمل بالأساس على الغاز الطبيعي في محطات مثل الزور الجنوبية والصبية

والشويخ والدوحة الشرقية.

وتساءل مرة اخرى: لماذا تتجه مؤسسة البترول الى انتاج زيت الوقود (LSFO) اذا كان "الزبون" الاول (وزارة الكهرباء) يفضل الغاز الطبيعي؟! مجيبا: قد ترجع الاسباب الى عدم توافر الغاز حاليا ولكن الجميع يعلم ان المؤسسة قد اعلنت في وقت سابق اكتشاف الغاز الحر وتقدر كمياته بحوالي 35 ترليون قدم مكعبة، كما ان خطط المؤسسة تهدف الى رفع الانتاج الى مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز عام 2015، بالاضافة الى حقل الدرة وقدرته على انتاج 800 مليون قدم مكعبة من الغاز في نفس العام.

400 ألف برميل 2030

واوضح ان هذه الكميات كافية لتشغيل محطات توليد الكهرباء جميعها بالغاز الطبيعي ولمدة عشرين سنة دون بدائل اخرى لكي ننعم بأجواء بيئية صحية عالية وبأقل قدر ممكن من الملوثات الجوية على اعتبار ان استهلاك الوقود سيصل الى 400 الف برميل عام 2030. ولكن ماذا ستفعل المؤسسة بالكميات الهائلة من (LSFO) التي يصل انتاجها الى اكثر من 35 في المئة من انتاج المصفاة الجديدة وتقدر الكميات بحوالي 225 الف برميل في اليوم وهي حوالي 12 مليون طن سنويا، وتساءل هل لدى المؤسسة اسواق وزبائن لسحب هذه الكميات؟! وهل لدى رئيس التسويق استراتيجيات وخط تسويقية وزبائن تتكفل بسحب هذه الكميات؟! وما هو حال هامش الربحية للمصفاة عندما يكون اكثر من ثلث انتاجها (LSFO)؟ هل ستضطر المؤسسة في حينها إلى تشغيل المصفاة الجديدة بطاقة تكريرية أقل تفاديا للخسائر؟ وهل انتفت حاجة وزارة الكهرباء لزيت الوقود بتوافر الغاز الطبيعي بكميات تشغيلية وافرة وبالإضافة إلى قدرة المؤسسة على استيراد الغاز المسال من الخارج؟!

منفذ اقتصادي

أما في ما يتعلق بالهدف الثاني للمصفاة وهو منفذ اقتصادي لتكرير النفط الثقيلة وصعوبة تسويقها ففنده العوضي قائلا: إن تشغيل المصفاة الجديدة بالنفط الثقيل بنسبة 100 في المئة هو أمر مكلف جدا ويرفع من تكلفة التشغيل التي تؤثر سلبا على هامش الربحية للمصفاة وعادة ما تغطي تكاليف التشغيل مثل المواد المساعدة «CATALYST» والكيماويات وغاز الهيدروجين بكميات كبيرة وبخار الماء المحمص وارتفاع تكاليف الصيانة الدورية لمصفاة كبيرة الحجم 615 ألف برميل، مشيرا الى انه قد تلجأ المؤسسة الى سلة من النفوط الكويتية لتحسين الاقتصاديات وتقليل التكاليف وتقليل المخاطر البيئية إذ إن النفوط الثقيلة يصل انتاجها إلى حوالي 250 ألف برميل يوميا بحلول عام 2015، و900 ألف برميل في عام 2020، واشار الى ان هناك مخاطر اقتصادية عند تكرير نفوط مختلفة في حال انخفاض فروق اسعار النفط المكررة بين «KEC» والنفوط الاخرى التي تستهدف انتاج زيت الوقود «LSFO» معللا ذلك باختلاف نسب المنتجات البترولية باختلاف انواع النفط الخام المكرر.

وقال العوضي إن اقتصاديات المصفاة الجديدة يجب ان تراعي فروق أسعار للمنتجات الخفيفة والمنتجات الثقيلة، وكذلك فروق الاسعار بين النفوط الخفيفة أو المتوسطة والنفوط الثقيلة، وكلما كانت الفروق كبيرة زادت فرص تحسين هامش الربحية للمصفاة، موضحا أن تسويق النفوط الثقيلة ليست بالامور الصعبة، وهناك كفاءات تسويقية عالية في ادارة المبيعات للنفط الخام قادرة على تسويق هذه النفوط، ولكن من خلال استراتيجيات تسويقية طويلة المدى تضعها الادارة العليا للتسويق للسنوات القادمة وتكون واضحة المعالم من حيث الاسواق الواعدة والزبائن والكميات المطلوبة والاسعار المتوقعة ورسم سياسة تسعيرية وسعر قياس النقوط الثقيلة مثل رطاوي وفارس وغيرها. متسائلا هل لدى المؤسسة مثل هذه الاستراتيجيات تحسبا للانتاج والتكرير؟ موضحا أن هناك نفوطا ثقيلة تباع بحدود 60 ـ 70 دولارا للبرميل مثل نفط Maya المكسيكي درجة الكثافة 2105 AP1 وهناك مصفاة حول العالم تعمل بالنفوط الخفيفة والمتوسطة والثقيلة فهل تم دراسة الفرص المتاحة للنفوط الكويتية علما بأن التوجه العالمي هو تكرير النفوط الثقيلة اكثر بسبب تناقض النفوط الخفيفة.

وفي ما يتعلق بالهدف الثالث الخاص بتوفير وظائف ادارية وفنية للكويتيين وغيرهم قال العوضي إن عدد الوظائف المتاحة في المصفاة الجديدة محدودة لا تتعدى و500 فرصة وظيفية بسبب اغلاق مصفاة الشعيبة ونقل موظفيها الى المصفاة الجديدة، مشيرا الى ان استثمار مبلغ كبير يقدر بحوالي 15 مليار دولار لخلق فرص وظيفية بحدود 500 وظيفة هو امر بكل الحسابات عالٍ جدا.

ملاحظات إضافية على المصفاة الرابعة

•  الطبيعة الاستراتيجية لصناعة التكرير والفجوة بين الطاقة التكريرية والطلب العالمي للمشتقات البترولية.

•  الفجوة الزمنية بين حجم التكاليف ومقدار الإيرادات الإيجابية.

•  منطقة الخليج العربي أصبحت مجمعات للمصافي REFINERY HUB، بسبب وجود أكثر من 25 مصفاة تكرير وطاقتها التكريرية تصل الى حوالي 7.5 ملايين برميل في اليوم، لذلك فإن بناء مصفاة جديدة يجب أن يأخذ بالاعتبار، بين هذه المصافي.

•  منطقة الخليج العربي منطقة معرضة لتقلبات سياسية لها تأثير اقتصادي مباشر على عوامل التكلفة والربح وضياع العائد الاقتصادي يؤثر على الاهمية الاستراتيجية للمصافي.

•  تضارب الأهداف بين مشروع الوقود البيئي الذي يهدف إلى تقليل زيت الوقود إلى أدنى نسبة وهدف المصفاة الجديدة لإنتاج أكثر من ثلث طاقة المصفاة من زيت الوقود.

•  كيفية الاستفادة من مصفاة الشعيبة بدلاً من إغلاقها وإدخالها في مشروع التوسعة والتطوير.

back to top