أوباما يدّعي التشدد مع متطرفي اليمن

نشر في 08-01-2010 | 00:01
آخر تحديث 08-01-2010 | 00:01
No Image Caption
قال السفير الأميركي في اليمن ستيفن سيش قبل عام إن هدف الإدارة الجديدة هو ترحيل "معظم" اليمنيين الموجودين في غوانتنامو إلى ديارهم، ولا يقتصر الأمر على إرسالهم إلى بلدهم الأم ليتعرضوا للاعتقال هناك، بل ليتمكنوا من "بناء مستقبلهم هنا"!
 Stephen Hayes دخل دان فايفر، مدير الاتصالات في البيت الأبيض، إلى مدوّنة البيت الأبيض الرسمية، يوم الأربعاء، لكتابة رد على منتقدي باراك أوباما وطريقة تعاطيه مع ملف مكافحة الإرهاب. يرى فايفر أنّ اللوم على فشل الاستخبارات الذي أدى إلى التفجير الفاشل يوم العيد- أي بعد عام تقريباً من تسلم أوباما الحكم- يمكن أن يقع على الحرب التي أُطلقت منذ سبع سنوات تقريباً في العراق، وإن بساطة هذا الادعاء لا تخفي مدى سخافته في آن.

ما يثير الاهتمام أكثر بعد هو ادعاء فايفر بأن رئيسه أعاد أخيراً حصر تركيز الملف الأميركي في مكافحة الإرهاب على أهدافه الخاصة في أماكن مثل أفغانستان والصومال واليمن.

ذكر فايفر اليمن مرتين، فالأمر ليس مفاجئاً نظراً إلى انتشار تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية ووجود رجل الدين المتطرف أنور العولقي المتمركز مع "القاعدة" في اليمن. عرض العولقي، رجل دين كبير وأحد مجنّدي العناصر في التنظيم، تقديم الإرشاد (على الأقل) إلى الرائد نضال مالك حسن، القناص في قاعدة فورت هود، وعمر فاروق عبدالمطلب، الانتحاري الذي فشل في تفجير طائرة الرحلة 253. بحسب التقارير، حصل عبدالمطلب على تدريب مكثف ودعم كبير من تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية. نتيجة لذلك، تصدر اليمن- وهو بلد غير مألوف بالنسبة إلى معظم الأميركيين- عناوين صحفنا وأخبارنا الرئيسة في الأسابيع الأخيرة، وبالتالي، يريد فايفر أن يعلم الجميع أنّ أوباما، في "حربه ضد القاعدة"، كان مشغولاً في بناء "شراكات" لاستهداف مخابئ الإرهابيين الآمنة في اليمن، فضلاً عن أماكن أخرى.  

لا بد من القول: يا للفرق الذي تحدثه سنة كاملة!

يوم 22 يناير من عام 2009، وقّع أوباما أمراً تنفيذياً يقضي بإغلاق المعتقل في خليج غوانتنامو خلال مهلة 12 شهراً، أمام ترحيب العالم بهذا القرار، زعم أوباما أن خطوته هذه ستتيح للولايات المتحدة العودة مجدداً إلى "المسار الأخلاقي الصحيح" و"استعادة معايير الإجراءات القانونية المتوجبة والقيم الدستورية الجوهرية التي جعلت هذا البلد عظيماً حتى في عز الحرب، وحتى في تعاطيه مع الإرهاب".

في اليوم نفسه الذي أعلن فيه أوباما هذا الكلام، نشر الموقع الإلكتروني التابع لوزارة الخارجية، www.America.gov، مقابلة مع السفير الأميركي في اليمن، ستيفن سيش. ما من بلد يهتم بإغلاق معتقل غوانتنامو أكثر من اليمن. كان المعتقل يضم بين 100 و248 معتقلاً يمنياً في نهاية عهد إدارة بوش. عدا عن بعض الاستثناءات القليلة، بقي الأشخاص القابعون في المعتقل لأسباب وجيهة، لقد كانوا مجاهدين محنّكين وعلى درجة عالية من الخطورة.

اكتسبت تعليقات سيش أهمية كبرى بسبب هذه الحقيقة، الذي قال إن هدف الإدارة الجديدة هو ترحيل "معظم" اليمنيين الموجودين في غوانتنامو إلى ديارهم، ولا يقتصر الأمر على إرسالهم إلى بلدهم الأم ليتعرضوا للاعتقال هناك، بل ليتمكنوا من "بناء مستقبلهم هنا".

تابع سيش قائلاً: "نحن نريد طبعاً أن نساعدهم في العودة إلى اليمن والانخراط مجدداً في مجتمعهم الخاص وسط عائلاتهم"، ومع أن سيش اعترف بوجود "مخاطر طبيعية" في خطوة إعادة المعتقلين بين عامة الشعب، لكنه اعتبر أنّ قلة من المعتقلين يشكلون مشاكل حقيقية. "باستثناء بعض العناصر المتطرفة جداً، نحن نرى أن أغلبية هؤلاء المعتقلين يمكن أن يخضعوا لبرنامج مثمر من إعادة التأهيل سعياً إلى تمكينهم، مع مرور الوقت، من إيجاد طريقة لإعادتهم إلى المجتمع اليمني من دون أن يشكلوا أي خطر أمني".

كان هذا التصريح صادماً، وكان أكثر من 12 عنصراً يمنياً من بين المعتقلين في خليج غوانتنامو حراساً شخصيين لأسامة بن لادن وفقاً لادعاءات الحكومة الأميركية في تلك الفترة، وكان عدد كبير من اليمنيين الآخرين في غوانتنامو قد تلقوا تدريباً في معسكرات تدريب "القاعدة" (74%) أو بقوا في ضيافة "القاعدة" (74%). أُسر آخرون أثناء محاربتهم الأميركيين أو أثناء وجودهم إلى جانب كبار شخصيات "القاعدة"، واعتُقل 15 عنصراً منهم خلال الغارات الجوية التي استهدفت الناشطيّن في "القاعدة" أبو زبيدة ورمزي بن الشيبه. كذلك، اعترف آخرون بتورطهم في الأعمال الإرهابية من تلقاء أنفسهم وعلى مسمع من الجميع، وقد عمدوا في اعترافاتهم أحياناً إلى إطلاق التهديدات بمعاودة ارتكاب جرائم قتل في أحد الأيام.

ومع ذلك، فكرت إدارة أوباما باحتمال إطلاق سراح "أغلبية" هؤلاء المعتقلين في اليمن المعروف بأنه معقل نشاط "القاعدة"؟

حين قرأنا كلمات سيش للمرة الأولى منذ عام تقريباً، افترضنا أنه أخفق في توجيه الرسالة الصحيحة، أو أنه مصاب بحالة خطيرة من "الانتماء إلى البلد المضيف"، ما دفع هذا المسؤول في السياسة الخارجية إلى نسيان بأنه يمثّل مصالح الولايات المتحدة لا البلد الذي يخدم فيه. لذا نقلنا كلماته إلى المتحدث باسم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وافترضنا، بكل صراحة، أننا سنحصل على رد يؤكد إبعاد الرجل الدبلوماسي الجديد عما بدا سياسة متطرفة.

لكنّ ذلك لم يحصل:

تعبّر تعليقات السفير سيش التي أشرتَ إليها عن موقف الحكومة الأميركية الصريح من وضع المعتقلين اليمنيين في غوانتنامو، كما ذكر سيش، أوضحت الحكومة الأميركية أنها ستطبق قرارها بإغلاق معتقل خليج غوانتنامو ما إن يصبح الأمر قابلاً للتنفيذ العملي، لكن الأمر سيحصل بعد سنة على الأكثر من تاريخ  22 يناير 2009.

في الأسبوع الماضي، أرسلت إدارة أوباما ستة يمنيين كانوا معتقلين في غوانتنامو إلى بلدهم، من بين هؤلاء، نذكر أيمن سعيد عبدالله باطرفي، خريج معسكر تدريب "خالدين" الشهير التابع لتنظيم "القاعدة". انخرط باطرفي في أعمال الجهاد منذ أواخر الثمانينيات، حين حارب السوفييت، وكذلك، بقي باطرفي، وهو جرّاح عظام، في ضيافة "القاعدة"، وعمل مع جماعة تابعة للتنظيم على إحدى جبهات القتال، وقابل "عالم أحياء ماليزي" كان على الأرجح رئيس برنامج الجمرة الخبيثة الذي أعدته "القاعدة"، وأمضى فترة مع أسامة بن لادن في منطقة تورا بورا. هل تتساءلون كيف نعلم هذه المعلومات كلها؟ أخبرنا باطرفي بذلك: لقد اختار أن يتطوع لتقديم هذه الحقائق خلال جلسة استماع أمام المجلس الإداري.

كيف يمكن أن يؤيد رجل دبلوماسي تابع للبيت الأبيض مثل فايفر فكرة إطلاق سراح رجل مماثل، وهو قرار جاء نتيجة الهدف الذي حددته الإدارة الأميركية للسنة الماضية، تزامناً مع اعتماد أوباما سياسة جديدة من التشدد في التعامل مع متطرفي اليمن؟ لا يمكن ذلك.

back to top