معركة التوطين في الامارات مستمرة


نشر في 24-11-2009
آخر تحديث 24-11-2009 | 00:00
 د. عبدالخالق عبدالله من المصادفات أنه في اليوم الذي صدر فيه قرار تشكيل المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، كان طالب الدكتوراه في جامعة كويوتو اليابانية، كوجي هورينوكي، يعرض أطروحته بعنوان «التحولات السياسية والاجتماعية في الإمارات». تتكون هذه الأطروحة التي هي أول أطروحة باللغة اليابانية عن دولة الإمارات من مقدمة وأحد عشر فصلا، لكن أهم فصل هو الفصل الذي يحمل عنوان «ثلاثون عاماً من الجدل حول التوطين في الإمارات».

يصف كوجي هورينوكي، الذي يتحدث اللغة العربية ويبدأ يومه عادة بقراءة الصحف العربية والأجنبية الصادرة في الإمارات، كلاً من الإمارات والكويت والبحرين وقطر، التي تعاني الخلل السكاني بـ«دول الأقلية المواطنة»، التي هي على نقيض الدولة الحديثة التي تتشكل من الأغلبية المواطنة. ويعتقد هذا الباحث الشاب أن «دولة الأقلية المواطنة» ظاهرة تاريخية وسياسية فريدة من ناحية، وغير طبيعية من ناحية ثانية، ولا يمكنها أن تستمر طويلا من ناحية ثالثة، وستضطر عاجلا أم آجلا أن تستوعب الأكثرية الوافدة في نسيجها الاجتماعي، وتتحول إلى مجتمعات تضم مزيجا غير مستقر من مواطني الأمس، ومواطني اليوم، ومواطني الغد.

هذا على الصعيد النظري، أما من حيث البيانات فتقدر هذه الأطروحة أن إجمالي عدد سكان الإمارات بلغ 7.104 ملايين نسمة، وأن عدد المواطنين في الإمارات هو 923 ألف نسمة، مما يعني أن نسبة المواطنين تراجعت إلى 13% عام 2009. وتظهر البيانات أن الجالية الهندية هي الأكبر عددا، لكن الجالية الصينية هي الجالية الأسرع نموا في الإمارات حيث بلغ عددها نحو 200 ألف نسمة.

وفي الوقت الذي يؤكد كوجي هورينوكي أن هدف تنويع الاقتصاد هدف وطني نبيل ومشروع ضروري لابد من السير فيه، إلا أنه يحذر من النمو الاقتصادي السريع والتحول إلى مركز تجاري ومالي وسياحي عالمي. هذا النمط من النمو لا يمكن تلبية احتياجاته محلياً ويحتاج دائما إلى تدفق أعداد متزايدة من العمالة الماهرة والمتخصصة وأعداد أخرى من العمالة غير الماهرة والرخيصة من الخارج.

اقتصاد الإمارات ضخم، وهو الأسرع نموا في المنطقة وقادر على خلق نحو 600 ألف وظيفة سنويا في القطاع الخاص وحده، لكن على الرغم من ضخامته ونموه السريع فإنه غير قادر على إيجاد وظائف مناسبة لنحو 25-30 ألف مواطن يرغبون في العمل ولا يجدون عملا في القطاع الخاص.

من الواضح أن المشكلة، كما يراها كوجي هورينوكي هي في تغليب مصلحة السوق على مصلحة الوطن، وتغليب الاعتبارات الآنية على الاعتبارات الوطنية البعيدة المدى. في الصراع من أجل التوطين في الإمارات انتصر مبدأ الاقتصاد الحر. وتبدو أطروحات كوجي هورينوكي متشائمة بخصوص مستقبل التوطين في الإمارات. لكن الجانب المشرق الوحيد الذي لا يشير إليه هو أن النقاش المجتمعي حول التوطين مستمر ولن يتوقف.

* باحث وأكاديمي إماراتي 

back to top