«شريان الحياة» تدخل غزة بعد «معركة العريش»: مقتل شرطي مصري... ومصابون على جانبي الحدود

نشر في 07-01-2010 | 00:01
آخر تحديث 07-01-2010 | 00:01
مفاوضات بين القاهرة وأنقرة توصلت إلى «حلّ وسط»... وتعزيزات أمنية خوفاً من «اقتحام حمساوي»
تطورت الأحداث بشكل دراماتيكي أمس، في المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، التي أصبحت منذ ليل الثلاثاءـ الأربعاء أشبه بساحة معركة بين الناشطين الأجانب والعرب في قافلة "شريان الحياة" وبين قوات الأمن المصرية، ما لبث أن شارك فيها ناشطون فلسطينيون على الجانب الآخر من الحدود.   

بعد أن تحول ميناء العريش والشريط الفاصل بين مصر وقطاع غزة إلى ما يشبه "ساحة الحرب" طوال نهار أمس، انتهت أزمة قافلة "شريان الحياة 3" إلى قطاع غزة أمس باتفاق كل الأطراف على تقديم "بعض التنازلات" لاحتواء الأزمة المتصاعدة التي كادت تصل إلى "انفجار" بعدما ترددت أنباء عن استعدادات في قطاع غزة لاجتياح الحدود، حيث وافقت السلطات المصرية بعد وساطة تركية على عبور شاحنات القافلة للحدود عدا 59 سيارة جديدة كانت محل خلاف بين السلطات المصرية والمشرفين على القافلة، وبدأت القافلة بالفعل في التحرك عصر أمس من ميناء العريش في طريقها إلى معبر رفح تمهيداً لدخولها إلى غزة. وشهد ميناء العريش طوال ليل الثلاثاءـ الاربعاء أول صدامات عنيفة بين أعضاء القافلة الأجانب وقوات الأمن المصرية، وتحوّل الأمر أمس إلى مواجهات بين ناشطين فلسطينيين وقوات حرس الحدود المصرية، لقي على إثرها جندي مصري مصرعه، بينما أصيب 35 فلسطينياً احتشدوا على الجانب الفلسطيني من مدينة رفح ورشقوا الجنود المصريين بالحجارة. وكانت قوات مكافحة الشغب المصرية اقتحمت ميناء العريش في وقت متأخر من مساء أمس الأول في أعقاب سيطرة نشطاء القافلة عليه مدة ساعتين، وقيام أعضاء القافلة باحتجاز 4 من أفراد الأمن المصري بينهم ضابط، بينما اعتقلت سلطات الأمن المصرية 6 من أعضاء القافلة ثلاثة أميركيين وبريطانيين اثنين وناشط كويتي، وتم تبادل المحتجزين من الجانبين ظهر أمس. وقال شهود عيان إن الضابط المصري كان في حالة سيئة بعد تعرضه للضرب المبرح على يد أعضاء القافلة.

اقتحام ومصادمات

وأسفر اقتحام قوات الشرطة لميناء العريش عن وقوع إصابات بين الطرفين، حيث ذكر بيان لوزارة الداخلية المصرية وقوع 15 مصاباً من قوات الأمن المصرية بينهم أربعة ضباط ، في حين أصيب نحو 25 من أعضاء "شريان الحياة 3" بحسب ما قاله زهير بيراوي المتحدث باسم القافلة لـ"الجريدة".

وقد انفجرت الصدامات عقب فشل المفاوضات بين أمين شباب الحزب "الوطني الديمقراطي" الحاكم في مصر محمد هيبة وعضو لجنة السياسات طارق حسن، وبين المشرف على القافلة النائب البريطاني جورج غالوي ومرافقيه، بعد إصرار الأخير على دخول كل شاحنات القافلة إلى غزة، رغم اعتراض السلطات المصرية على إدخال 49 سيارة.

حشود أمنية

وذكرت مصادر مطلعة في معبر "رفح" أن قوات الشرطة استعدت لاقتحام جديد فجر (الأربعاء) إلا أن تعليمات سياسية عليا صدرت بالتوقف عن أي احتكاك بأفراد القافلة الذين سيطروا تماماً على ميناء العريش، وساد هدوء مشوب بالحذر عدة ساعات بعد انتهاء المصادمات بين الشرطة وأفراد القافلة.

في غضون ذلك قررت الحكومة المصرية الدفع بأعداد متزايدة من قوات الأمن إلى المنطقة الحدودية من قطاع غزة، تحسباً لأي محاولة لاقتحام الشريط الحدودي، حيث عبرت العشرات من حاملات الجنود أمس إلى سيناء، من منطقة الإسماعيلية (أقرب المحافظات إلى سيناء)، لاسيما بعد أن حركت حركة "حماس" تظاهرات باتجاه الشريط الحدودي ومعبر "رفح" للتضامن مع نشطاء قافلة "شريان الحياة"، وقيام عدد من الفلسطينيين برشق قوات الأمن المصرية بالحجارة.

زكي

ووصف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي أمس تصريحات الناطق باسم حركة "حماس" فوزي برهوم، بشأن الأحداث المؤسفة التي شهدها ميناء  العريش البحري مساء الثلاثاء من جانب المشاركين في قافلة "شريان الحياة 3" بأنها "تدعو إلى السخرية".

وكان برهوم اعتبر أمس أن أحداث العريش "تمثل اعتداء من الأمن المصري على سيادة 40 دولة عربية وإسلامية وأوروبية تمثلها القافلة"، وعن ذلك قال زكي: "تصريحات برهوم تؤكد أنه لا يعي مفهوم السيادة من الأساس"، وأضاف "إن كان يعيه فإننا نقول له إن سيادة مصر فوق كل اعتبار".

واتفق الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير على ضرورة دعم أهل غزة والتضامن معهم، مع تأكيد مقتضيات السيادة المصرية، بينما وجه وزير الخارجية الفرنسي انتقاداً حاداً لـ"حماس" دون أن يسميها.

وقال كوشنير في مؤتمر صحافي مشترك مع موسى عقب لقائهما بمقر الأمانة العامة للجامعة أمس: "إننا لسنا على استعداد لسماع دروس من أناس لا يحترمون قواعد أصدقائهم (في إشارة إلى حماس)"، وأردف قائلا: "المصريون في مصر هم السادة، وواضعوا القواعد". ومن جانبه، قال الأمين العام للجامعة العربية في رده على أسئلة الصحافيين بشأن اللغط الذي تثيره بعض الجهات حول الإجراءات التي تتخذها مصر لحماية حدودها مع غزة: "هناك مقتضيات السيادة، وهنالك الالتزامات الإنسانية والطبيعية من جانب مصر وشعبها إلى أهل غزة".

جدل برلماني

وتفاعلت أمس، أزمة قافلة "شريان الحياة" برلمانياً، إذ دان مجلس الشورى المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) بشدة كل التجاوزات والأعمال التي وصفها بـ"التخريبية" التي ارتكبتها "قافلة شريان الحياة 3" في ميناء العريش مساء أمس الأول. وأكد رئيس المجلس صفوت الشريف في بيان له أن هذه الأعمال "مرفوضة وتتعارض مع الأخلاق"، مشدداً على أن "أرض مصر لن تكون معبراً للفوضيين ومثيري الشغب، وعلى كل من يدخل مصر أن يحترم قوانينها وقواعدها ويلتزم بها".

وتبارى نواب الحزب "الوطني" ونواب المعارضة في التقدم بطلبات عاجلة بشأن أزمة القافلة، إذ سارع نائب الحزب "الوطني" في مجلس الشورى معوض خطاب بمطالبة الحكومة بالتصدي بالقوة للقافلة، مشيراً إلى أن "معظم عناصرها من حركة حماس وحزب الله وجماعة الإخوان المحظورة وإيران، وهم الذين تطاولوا واعتدوا على رجال الأمن وأحدثوا العديد من الإصابات بهم".

back to top