أمير البحار... حكاية بسيطة وأداء بمذاق خاصّ

نشر في 15-12-2009 | 00:00
آخر تحديث 15-12-2009 | 00:00
«أمير البحار»، فيلم بسيط للغاية، وربما يكون ذلك مناسباً لفيلم من نوع سينما الترفيه الخفيفة، يؤكد فيه محمد هنيدي قدرته على الاستمرار وإشاعة جوّ من البهجة في أفلامه، وأنه أحد بل أول من أطلق لقب «المضحكون الجدد» منذ عام 1977. على رغم أن أفلامه تتعثّر أحياناً سواء على صعيد إقبال الجمهور أو تقييم النقاد، إلا أنه يصرّ على النهوض مجدداً في كل مرة، وتأكيد سماته كنجم كوميدي موهوب يتميز أداؤه بحضور ومذاق خاصّين محبوبين.

أخرج «أمير البحار» وائل حسان، أحد أهم المخرجين الذين واكبوا موجة «المضحكون الجدد»، وأثبت فيها مقدرة حرفية واضحة، وهو يقدّم فيلمه الجديد في حدود تلك المقدرة، من دون لمسات إبداع خاصة أو جوانب إشعاع للفن السينمائي الجميل الممتع، أي في حدود المطلوب لفيلم بسيط درامياً، فكاهي خفيف للترفيه في مجمله.

في هذه الحدود أيضاً كتب يوسف معاطي السيناريو، فجاء في مستوى أقل من السيناريوهات التي كتبها في المرات السابقة، سواء مع عادل إمام أو في فيلم «طباخ الريس» لطلعت زكريا، أو حتى مع هنيدي نفسه في فيلمه السابق «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» على رغم ما يمكن أن يؤخذ عليه!

ترتكز معالجة «أمير البحار» على موقف أولي رئيس، هو تعلّق «أمير» (محمد هنيدي) بابنة الجيران «سلوى» (شيري عادل)، وتعبيره المستمر عن مشاعر الحب العميق تجاهها ورغبته في الزواج منها، منذ كان طالباً في الأكاديمية البحرية، بينما هي تنظر إليه باستمرار كأخ وجار، أمضيا طفولتهما سوياً.

يتخرّج «أمير» في الأكاديمية بصعوبة شديدة (بسبب تدليل أمه له) وهنا تذكّرنا أجواء معاناته أثناء التدريبات وتعثّره فيها، بسلسلة إسماعيل يس القديمة الشهيرة، خصوصاً إزاء صرامة رئيس الأكاديمية (غسان مطر) والد سلوى في الوقت نفسه، ثم زميله (ياسر جلال) الذي سبقه بسبب تعثّر أمير في الدراسة، وأصبح موجهاً ومدرباً في الأكاديمية بالغ القسوة تجاهه.

يستعين أمير بزميله هذا ليكون «مندوباً عاطفياً»، كما أسمياه، ويقنع سلوى بأن تكون أكثر تعاطفاً وتفهّماً لمشاعر أمير، لكن «المندوب العاطفي»، بسبب جوانب سيئة في نفسه الأمارة بالسوء ـ كما يعترف هو في ما بعد ـ يحاول أن يجذبها إليه هو، بعدما أدرك طبيعتها الرومنسية الغالبة وولعها بالشعر والكلام العاطفي، فيدّعي أمامها أنه ذلك الشخص الذي يماثلها ويبادلها في الطبائع والاهتمامات، ويتمكن من نيل موافقتها على الزواج به.

أمام هذه التطوّرات يسيطر اليأس على أمير ويستسلم للأمر الواقع، على غير عادته في مرات سابقة قاوم فيها بكل الطرق محاولات عرسان للتقدّم لخطبتها، خصوصاً أن والد سلوى لم يكن مقتنعاً بأمير كعريس لابنته مثلما لم يكن مقتنعاً به كطالب في أكاديميته، عكس موقف والدتها (مها أبو عوف) التي كانت تتعاطف معه وتعامله بودّ.

لكن سلوى نفسها تكتشف، وقبل إتمام الزواج، أن في عريسها عيوباً لا يمكنها تحمّلها، سواء في مسلكه تجاهها أو علاقاته النسائية التي انكشفت لها، فتهرب من الزواج والعريس، إلى أمير ومركبه (أمير البحار).

هنا يصل سيناريو معاطي إلى جزئه الثاني، إذ يبحر المركب الذي احتضن معظم أبطال الفيلم: أمير ووالدته (هناء الشوربجي) وأخواته البنات اللواتي يقدّمهن الفيلم كـ{عوانس»، وتؤدي دور إحداهن المذيعة كريمة عبد الله (أحد أبرز مواهب قناة «موجة كوميدي» ونجومها) وأخيراً سلوى، بالإضافة إلى زميلين لأمير من خريجي الأكاديمية، بعيداً، إلى أن يحدث المتغّير اللافت الأخير في السيناريو، وهو وقوعهم أسرى في يد القراصنة (زعيمهم ضياء الميرغني)، وطلب هؤلاء فدية بقيمة 8 ملايين جنيه مقابل كل أسير، هنا يحاول الفيلم أن يستفيد درامياً من ظاهرة القراصنة بالقرب من الصومال، التي عانى منها كثيرون بالفعل بينهم صيادون مصريون في الفترة الأخيرة، وتحرّرهم من الأسر بالمقاومة والحيلة معاً.

بعد هذه الأحداث يصل الفيلم إلى نهايته السعيدة باكتشاف سلوى قيمة مشاعر «أمير البحار» وصدقها وإحساسها بالحب تجاهه.

فيلم بسيط، كما أشرنا، إلى حدّ التبسيط، نماذجه البشرية أحادية وخطوطه الدرامية ليست متنامية كثيراً، وربما كان هذا مقبولاً في الفيلم الفكاهي الخفيف ولا نقول الكوميدي بالضرورة، لأن ثمة أعمالاً كوميدية تنطوي على جوانب وخطوط أكثر غنى وتركيباً، وتتسم الرؤية الفكرية فيها بالعمق والتأملات الجادة. لكن أين نحن من هذه الكوميديا البارعة الحقيقية المفتقدة!!

back to top