خذ وخل: العنف حجة الباطل!


نشر في 07-10-2009
آخر تحديث 07-10-2009 | 00:01
 سليمان الفهد ● صدق «مونتسكيو» حين قال: «من الظلم أن نطلب حقا بالقوة، إذا كنا نستطيع الحصول عليه بالحجة»، لكن الجاني الآثم الذي اعتدى على الزميل زايد الزيد لا يؤمن- بداهة- بمضمون هذه الحكمة، لأنه- بالضرورة- يفتقر إلى الحجج التي يفند بها آراء الزميل التي عرت سوءة الفساد والمفسدين في البلاد. والحادثة الإجرامية لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة! وحسبنا دليلا على ما ذهبنا إليه استدعاء الحوادث الإجرامية التي تعرض لها الزملاء الصحافيون خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لنتأكد بأن كتاب الرأي الحر الجريء الذين لا يخشون في الحق طلقة رصاص، ولا ضربة بآلة حادة، ولا غيرها من وسيلة عنف، لومة لائم البتة.

من هنا تكمن دلالة وأهمية الاحتشاد الجماهيري الذي تداعت له الأطياف السياسية في البلاد كافة لتثبت للجاني ومن يقف وراءه أيا كان، بأن الباطل كان زهوقا، لاسيما إذا توافر للحق موالٍ وأصدقاء يقفون معه إلى ما شاء الله، دونما خشية من العنف الذي يجابه به المفسدون في بر الكويت أصحاب الآراء الشفافة الصادقة الجريئة.

ومع أهمية الشق الجنائي في حادث الاعتداء الذي استهدف الزميل «الزيد» والذي يسعى إلى القبض على الجاني، ومحاكمته وفق القوانين المرعية، إلا أن هذه الفعلة تنطوي على جريمة سياسية حري بالتحقيق الخوض فيها، سعيا إلى معرفة من يقف وراءها، ولإدراك الأسباب والدوافع اللتين حرضتا عليها!

● ومن هنا فإن مجرد الاكتفاء بموقف التنديد والإدانة للجريمة، والمقرونة بالتضامن مع المعتدى عليه، لن يوقف مسلسل العنف المتنامي، والذي لم يعد مقصورا على كتّاب الرأي في الصحافة الورقية والإلكترونية فحسب، بل إنه اقتحم سكينة المستشفيات، وحرمة الجامعات وغيرهما من الفضاءات التي يخبرها الجميع، الأمر الذي يشي بأن كل رافض للفساد والمفسدين معرض إلى مثل هذه الفعلة التي كابدها الزميل، وربما أكثر! وتجليات ظاهرة العنف المتنامية في الوطن لم تعد محصورة بالعنف الجسدي الدموي، ولكنه حاضر بقذف الآخرين بالكفر والزندقة والتخوين وسيلة لنفي الآخرين وإلغائهم من الحضور الاجتماعي والسياسي، ليكون رأيهم- وحده- هو الحق، وما عداه هو الباطل، الذي يستوجب في عرفهم، محاربته بوسائل تنفي فقه الجدل بالحسنى، والكلمة السواء، ومقارعة الفكر المعارض بالحجة.

ومن واجبنا وحقنا الاعتراف بأن فضاء الاتصال ليس بمنأى عن العنف الشفهي والتحريري اللذين يخوضان في مستنقع الأعراض من قبل أبواق تتمنى وأد حرية الاتصال وتقييده، والردة بالبلاد إلى دولة «المشيخة» النافية لدولة المؤسسات الدستورية! ومن نافل القول: الإشارة إلى أن الفوضى العارمة التي تعشش في دولة الكويت وضواحيها قد حرضت على تنامي العنف وتواصله، لاسيما إزاء التهاون بشأن تطبيق القوانين الرادعة! ورحم الله الشاعر «أحمد شوقي» حين قال:

علمت أن وراء الضعف مقدرة

وأن للحق لا للقوة الغلبا

الصبح يظلم في عينيك مطلعه

إذا أسدلت عليه الشك والريبا.

back to top