فخفخينو... أيّة عودة للمخرج القديم والممثّل المخضرم؟
على شاكلة «دكتور سيليكون» و{ابقى قابلني» و{الأكاديمية» جاء فيلم «فخفخينو» للمخرج إبراهيم عفيفي العائد بعد غياب ليثير بقوة السؤال: هل عادت سينما المقاولات؟ تلك النوعية التي اشتهرت في حقبة الثمانينات الماضية، اتسمت بالتكلفة المحدودة في الإنتاج، والاستخفاف غير المحدود بأبسط أولويّات العمل السينمائي كالتكنيك والدراما ومختلف عناصر الفيلم الفنية، وكانت نموذجاً للاستسهال الحرفي والإهمال التقني!هذه المواصفات كلها تنطبق على أفلام كثيرة عرضت أخيراً، ابتداءً من أيام عيد الفطر وقبلها خلال العام، من شاكلة «دكتور سيليكون» و{علقة موت»... وما ضاعف الأزمة أنه حتى أفلام كبار النجوم مثل «بوبوس» لعادل إمام ويسرا جاءت باهتة ومرتبكة!
عفيفي أحد مخرجي جيل الثمانينات، قدم آنذاك أفلاماً استهلاكية نجحت تجارياً مثل «العجوز والبلطجي» و{الفرن» و{القرش» و{قبضة الهلالي» و{السيد قشطة»، لكنه لم ينجح اليوم مع «فخفخينو»، فحتى في السينما التجارية والاستهلاكية لكل مرحلة رجالها الذين يستطيعون تحقيق ترفيهاً أو تسلية بطريقة معينة، لكن الطريقة تتغير وذوق المتلقي يتبدّل من مرحلة إلى أخرى. ربما وجد عفيفي جمهوراً آخر، لكنه لم يتقبل أو يستسيغ ما قدمه له في الـ 2009.يمثّل الفيلم عودة المخضرم يوسف شعبان، في دور منتج سينمائي (واجهة لإخفاء أنه تاجر المخدرات) لديه رغباته النسائية التي تبحث بضغط عقدة قديمة عن النساء الخادمات ومثيلاتهن. من هنا تظهر مؤديات مثل رانيا يوسف وبوسي سمير في أدوار نساء يحققن رغباته، ويتخيّل أيضاً بطلات في مشاهد سينمائية قديمة بملابس الخادمات أو «بأزياء بلدي» مثل نادية لطفي وهند رستم. تضطرب أحداث الفيلم وترتبك خطوطه الدرامية (إذا وُجدت أصلاً)، فنجد عصابات، والرجل (يوسف شعبان) يفوز على إحداها في النهاية ويسخر من الجميع حتى الشرطة، وينتهي على هذه الصورة من اللامعنى واللامبالاة الحرفية والدرامية!على رغم أن شعبان رجع إلى السينما بعد سنوات إلا أنه لم يجد فيها نفسه، وحاول كما المخرج العودة بتصوراته القديمة إلى السينما التجارية التي قد تجذب جمهوراً، لكن لا الأخير ذهب إلى الفيلم، ولا أخذه المتذوقون والنقاد على محمل الجد...لم يفهم شعبان أن عليه العودة بقيمة ما، أو مشاركة سينما الجدد على نحو يحمل أهمية، فقد سبقه آخرون من نجوم مخضرمين وفقوا في ذلك مثل نور الشريف في «مسجون ترانزيت» أو محمود ياسين في «الجزيرة» و{الوعد»، ما شكّل لهما عودة ذكية بأفلام مناسبة، ومشاركة تقدّم جديداً إلى سينما الشباب والجدد، بل تؤكد ما بلغه هؤلاء من نضج فني كبير.حتى إذا تحسن شيء في السينما المصرية في الفترة المقبلة بعرض أفلام جيدة، يبقى أن النسبة الأكبر والنوعية الغالبة منها ستأتي على هذه الشاكلة، لأن أوضاع الإنتاج والتوزيع ومختلف شروط السوق وظروفه، لن تفضي بطبيعتها إلا إلى هذا المستوى المتدني، فالدولة لا تدعم السينما بأية صورة إلا في ما ندر (إنتاجها «المسافر» حدث يتيم منذ عام 1971 أي أربعة عقود)، إضافة إلى أن منتج القطاع الخاص الذي يبحث عن الفن إلى جانب تحقيق الأرباح، آسيا ورمسيس نجيب وحسين القلا وغيرهم، اختفى وحل مكانه تجار، لا يسعون إلا إلى مزيد من المال ولو على حساب أوليات الحرفة وألف باء الصناعة والتقنية. نعود إلى سؤالين انطلقا من «فخفخينو» وأخوته: هل عادت سينما المقاولات؟ هل نحن بصدد فصل جديد بمشاهد جديدة من الأزمة السينمائية؟