ولادة الحكومة اللبنانية جزء من ملفات إقليمية معقدة
ولادة الحكومة اللبنانية جزء من ملفات إقليمية معقدة
اعتبر متابعو عملية تشكيل الحكومة اللبنانية عن قرب أن ما نشرته صحيفة "البعث" السورية الأحد لناحية وصف الرئيس المكلف سعد الحريري بـ "النائب المكلف" في تكرار للوصف الذي سبق لرئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون أن اعتمده، والإنتقادات التي وجهتها الصحيفة ذاتها الى موقف البطريرك الماروني نصرالله صفير الداعي كلا من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف الى حسم أمرهما وتشكيل حكومة من الأكثرية في حال استمرت العراقيل في وجه التشكيلة التآلفية، بمثابة مؤشر "جديد من نوعه" على اصطدام تشكيل الحكومة بعراقيل وعقبات "جدية". ويلاحظ المراقبون أن الإنتقادات السورية المذكورة تعتبر الأولى من نوعها إعلاميا لناحيتي المضمون والشكل بعد فترة من "المهادنة" التي طبعت العلاقة مع البطريرك صفير، وفترة من "فك الاشتباك" مع الحريري على خلفية الإتصالات السعودية – السورية، مما يعيد ربط الملفات اللبنانية بالتطورات الإقليمية، ويرهن أي حل داخلي بأثمان وظروف إقليمية تسعى سورية الى الاستفادة منها لتعزيز حضورها ودورها.من هنا، فإن المتابعين لعملية تشكيل الحكومة باتوا متأكدين أكثر من أي يوم مضى بأن الألغام التي تعترض ولادة الحكومة مرتبطة باعتبارات خارجية لا بمطالب داخلية ليست عمليا سوى الواجهة التي تخفي حقيقة أن عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية هي جزء من الحوادث والتطورات الإقليمية التي تحركها كل من دمشق وطهران، وأبرزها:
1- زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى إيران الاسبوع الماضي، وتأكيد كل من الأسد ونظيره الإيراني أحمدي نجاد على متانة التحالف والارتباط بين سورية وإيران وعلى وحدة قراءتهما للوضع في الشرق الأوسط والخليج.2- تحريك ملف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، على أمل النجاح في إحداث اختراق أمني يكون بمثابة رأس جسر يقود لاحقا الى توسيع الاختراق في اتجاه المملكة العربية السعودية.3- تزامن تحرك ملف الحوثيين مع كشف السعودية خلية من اربعة وأربعين متشددا كانوا يستعدون لأعمال من شأنها زعزعة أمن واستقرار المملكة وغيرها من الدول.4- عودة التفجيرات الإنتحارية بكثافة الى العراق، واعترافات أحد المتهمين بتنسيق التفجيرات مع مسؤول بعثي عراقي مقيم على الأراضي السورية. 5- استمرار عرقلة الجهود المصرية الهادفة الى تحقيق المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية بين حركتي حماس وفتح، واستمرار تشتت السلطة الفلسطينية بين حكومة محمود عباس في الضفة الغربية والأمر الواقع الذي تفرضه حماس فس قطاع غزة.من هنا تأكيد بعض المراقبين بأنه لم يعد من الجدوى بمكان النظر في الشروط التي يضعها العماد عون لتشكيل الحكومة الجديدة، ودعوتهم الى متابعة ما يمكن أن يستجد إقليميا على الملفات المذكورة من خلال مجموعة من التطورات المرتقبة، ومنها:1- طبيعة انعكاس تجديد الحلف السوري – الإيراني على العلاقات العربية – السورية وتحديدا على مسار الإتصالات بين المملكة ودمشق.2- نتائج زيارة الرئيس المصري حسني مبارك الى الولايات المتحدة.3- مصير مبادرة السلام الخاصة بالشرق الأوسط التي ينتظر أن يعلنها الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الأسابيع القليلة المقبلة.4- طبيعة الخطوات والتدابير التي سيلجأ اليها المجتمع الدولي في التعاطي مع إيران على خلفية عدم امتثالها للشروط الدولية الخاصة بملفها النووي.