الثقافة الإسلامية والطبيعة بريشة نبيل نحاس
دشّنت أخيراً شركة «سوليدير» في لبنان «مركز بيروت للمعارض» مستضيفة في حفلة الافتتاح المعرض الاستعادي للفنان اللبناني الأصل نبيل نحاس.يضم المعرض لوحات تعبّر عن المراحل الفنية كافة التي مر بها نبيل نحاس منذ السبعينات وإلى اليوم، وبعضها لم يعرض سابقاً. يستعيد من خلالها الفنان مسيرة لوحاته التي مزج فيها بين الفن الشرقي والفن الغربي بطريقة عفوية تارة واستفزازية طوراً، فهو اعتمد في بداياته علم الهندسة، خصوصاً علم الهندسة الإسلامية، إضافة إلى الخط الكوفي. من هنا كانت أعماله عبارة عن طبقات متداخلة عدة، وتركيبات هندسية متراكمة.
بعد الفن التجريدي الهندسي، انتقل نحاس إلى مرحلة التجريد اللوني، على أثر اجتياح إسرائيل لبنان عام 1982، وكانت تلك الفترة مريرة على اللبنانيين، بسبب كثرة الدمار والمجازر التي طغت على الشارع اللبناني، ما أثّر فيه كثيراً، فبدأ العمل على لوحات استخدم فيها الأبيض والأسود فحسب، وحاول أن يبين الأشكال الهندسية التي اعتمدها سابقاً، لكن على شكل دموع أو أشباح، تمثل الأرواح المتألمة، وهذه المرحلة وجدانية تأملية، وقد عدل الفنان فيها عن استخدام الفن الإسلامي، وبدأ العمل على الأشكال المتكررة في لوحاته. وهي جزء من نظرية «الفركتال» أو الهندسة الكسيرية. الطبيعة والثقافة الإسلامية هما محور أعمال نحاس ومصدر إلهامه، والطبيعة لديه لا تقتصر على البحر، والأشجار، بل هي الكون بأسره، المجرات والكواكب. في لوحاته الأخيرة، رسم أشجار الزيتون، النخيل، الصبّار، الصنوبر والأرز، معتمداً نظرية الفركتال والألوان الذهبية، لتعكس تألق الضوء على الأشجار. واستخدام اللون الذهبي يعكس تأثيرات رموز الفن الإسلامي وهذا شائع جداً في الشرق. أما اللون الأزرق في لوحات نحاس فيمثل سماء البحر الأبيض المتوسط.بين مصر ولبنان، أمضى نحاس أول عشر سنوات من حياته، ليسافر عام 1968 إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعلّم فن الرسم في جامعة «يال». لمع اسمه سريعاً، فكان له أول معرض مع مجموعة فنانين أميركيين عام 1977، ليكون له بعدها أكثر من 10 معارض فردية بين فرنسا، الولايات المتحدة والبرازيل... إضافة إلى عشرات المعارض الجماعية التي استضافته في دول أوروبية، أميركية وعالمية. يقول نحاس في حديث صحفي: «تبلورت الفركتال لدي عام 1990، فبعد أن ضرب إعصار المنطقة التي أقطن فيها في الولايات المتحدة الأميركية، كنت أتمشى على شاطئ البحر القريب من منزلي، فوجدت بعض نجمات البحر star fish، وأعجبني منظرها كثيراً، فجمعت بعضاً منها، جففتها، وثبتها على لوحة علّقتها في غرفة الضيوف. بعد فترة بدأت تطوير هذا العمل. أحسست أن نجمة البحر جعلتني أبدأ من الصفر، جعلتني أبدأ مرحلة جديدة ونوعية، تجمع بين علم الهندسة الإسلامية والفن الغربي. وأحسست أنني أستطيع من خلال هذه اللوحات أن أنقل معلومات بصرية وأن أطور الأشكال الطبيعية، وأن أعكس نمو الأشياء في الطبيعة وأجعل من الأشياء الطبيعية حرفتي، ما عكس نظرية الفركتال بشكل أقوى». • يستمر المعرض لغاية 22 أغسطس (آب) المقبل، ويفتح أبوابه طيلة أيام الأسبوع من 11 صباحاً الى 8 مساء.