صراع العائلة وتعقيداتها في Brothers

نشر في 23-12-2009 | 00:00
آخر تحديث 23-12-2009 | 00:00
في فترة بعد ظهر أحد الأيام الأخيرة الصافية، رفع قائد فرقة U2 بونو، كتفيه، وأرخى ذقنه، وقطّب جبينه كما {بوباي} حين بدأ بذكر انطباعه الدقيق عن مخرج الأفلام الإيرلندي جيم شيريدان. ضرب بكفّه على جبينه وبدأ يحك بقوّة، كرجل يحاول فرك حاجبه بورق الزجاج. ثم تمتم بلهجة إيرلندية قوية: {هل تريد مشاهدة الفيلم؟ إنه عن العلاقة الأخوية؟}.

مما لا شك فيه أن فيلم شيريدان الجديد بعنوان Brothers، يتمحور حول العائلة، الواجب، الحرب، الشعور بالذنب، وفاجعة القلب البشري. شاهد بونو وزملاؤه في الفرقة مشهداً مؤثّراً من الفيلم واغتنموا فوراً فرصة المساهمة بموسيقاهم في المشروع. تعرّفوا إلى مواضيع كثيرة مألوفة من رصيد شيريدان الفني (الذي يتضمن أفلاماً مثل My Left Foot، In the Name of the Father

وThe Boxer) ولفتهم شيئاً جديداً في هذه القصة التي تتحدث عن جراح الجنود في أرض المعركة وجراح الأحباء المتروكين في الوطن.

يقول بونو: {تمتاز قصص جيم بنفحة بساطة على مستوى القصّة، لكن التعقيدات تكمن في العلاقات المصقولة. وقصّة هذا الفيلم في غاية التعقيد. لقد بذل المخرج جهداً كبيراً فيها، لذا تتضمن مشاعر قوية جداً. إنه فيلم مؤثّر جداً}.

يعطي شيريدان، الذي يفرك وجهه وجبينه بحماسة مقلقة ومتكررة، انطباعاً بأنه رجل يعرف أنه يملك شيئاً مميّزاً بين يديه. أثناء مقابلتين، الأولى في نيويورك والأخرى في لوس أنجليس، تحدّث المخرج البالغ 60 عاماً عن Brothers كتوجّه جديد من نوعه، وبدا متحمّساً لأداء نجومه الثلاثة، توبي ماغواير، جايك غيلينهال، وناتالي بورتمان.

يعقّب شيريدان: {أعتقد أن Brothers نجح كفيلم على رغم أنه لا يُفترض بي إعطاء رأيي. إنه دقيق، ورفيع الذوق، وشبيه بقصّة قابيل وهابيل. لا يتحدث عن الحرب، وإنما عن أسرة أحد أفرادها في أفغانستان. كذلك ليس فيلماً ليبرالياً مناهضاً للحرب، أمّا بالنسبة إلى كونه معادياً لها، فما من أحد يصنع أفلاماً تؤيد العنف}.

بمعنىً أبسط، يتمحور فيلم شيريدان حول الشقيقين كاهيل، أحدهما يعود من السجن (غيلينهال بدور تومي)، والآخر يرحل إلى الحرب (ماغواير بدور سام)، والمرأة (بورتمان بدور غرايس) التي تحب الاثنين. صُوّرت مشاهد الحرب في الظلال الموحشة والحفر الصخرية في صحراء نيومكسيكو.

يعلّق شيريدان: {وكأنك في مكان ما قبل التاريخ ونابضاً بالحياة. لو أنك واقف في ذلك المكان في الماضي، لكانت الحياة تتدفق من وجهك، لكنها اليوم متحجّرة. يأتي الفيلم بهذه العواطف البدائية والتي أفترض، أنها كانت يجب أن تظل مكبوتة}.

يُجبَر سام خلال قتاله في أفغانستان على اتّخاذ قرار أخلاقي يرُخي بعواقب دائمة ونهائية. يذكر شيريدان: {ثمّة قرار في تلك القصة يتخطّى المأساة والمعتاد والمتوقّع. فيتأذى سام نتيجة ذلك القرار ويعود إلى منزله بحثاً عن روحه التي تمثّلها زوجته. لكنها تكتشف الحب مع شقيقه}.

أوسكار

Brothers فيلم شيريدان السابع الذي يأتي بعد أقل من شهر على الذكرى العشرين لأول فيلم له بعنوان My Left Foot: The Story of Christy Brown ترشّح لجائزة أوسكار عن أفضل إخراج وأخرى عن أفضل سيناريو. يُذكَر أن الممثلين في الفيلم دانيال داي لويس وبريندا فريكر نالا جائزتي أوسكار عن أفضل تمثيل. واليوم يعتبر شيريدان، المرشّح ست مرات لجائزة أوسكار، على الأرجح أهم مخرج في أيرلندا.

في ما يخص Brothers، خطرت لشيريدان فكرة القصة في مكان غير متوقّع في فيلم Brodre الدنماركي الصادر في عام 2004 حول شقيقين، أحدهما يذهب إلى الحرب والثاني يخرج حديثاً من السجن، وامرأة تغدو طرفاً ثالثاً في تلك العلاقة. كتب السيناريو ديفيد بينيوف الذي ألّف أيضاً نصي فيلمي The Kite Runner وTroy. غاب الفيلم الأصلي وتوظيف شيريدان لنصّه إلى حد كبير من حيث التفاصيل والإيقاع لكن المخرج يقر بأنه شعر ببعض الانزعاج خلال مراجعته الخلفية التي دُفنت في الماضي.

يقول: {عزمت على صناعة فيلم مختلف يتناول قصّة شقيقين يترعرعان في دبلن، لكنني واجهت مشاكل مالية وشخصية}.

على الصعيد المالي، كان من الصعب إخراج فيلم في أيرلندا، أمّا على الصعيد الشخصي، فقد أقلقتني على الأرجح فكرة العودة إلى الوطن مجدداً كمخرج. بالنسبة إلى شيريدان، لم تغب عنه ذكريات الطفولة المعقّدة التي عاشها.

يذكر: {حين كنت في الثانية عشرة، انتقل والدي فجأةً من كوخ صغير إلى منزل ضخم فيه نزلاء. كنت أدرس تلك الشخصيات الجالسة هناك. كان يتغيّر طاقم النزلاء الوافدين إلى منزلنا الواقع في دبلن آنذاك بالقرب من مكان يُدعى اليوم شارع شيريف... وفي أحد الأحياء المجاورة في أعلى الشارع، كان عليك التعامل مع هؤلاء الأولاد الذي كانوا يأتون إلى حيّنا ويبدأون بالتعارك. عزّز ذلك شخصيتي كطفل}.

أنشأ والده مجموعةً مسرحيةً ساعدته على الانطلاق في حياته المهنية. بفضل ذلك أيضاً، التقى في عام 1977 بولد يُدعى بول هيوسن انضم إلى المجموعة لأخذ دروس في التقليد؛ كان يُلقّب هيوسن مسبقاً ببونو. بالنسبة إلى شيريدان، ساعده المسرح في صناعة الأفلام. لكن بالنسبة إلى بونو اليافع، لم ينجح في مجال التقليد. لكن لا داعي للقلق فقد وجد منافذ أخرى لمواهبه الإبداعية.

يبدو Brothers كسائر أفلام شيريدان بسيطاً وينم عن ترو، فالمخرج ليس أحد المرشّحين المرجّحين لإغراق الجماهير بتأثيرات خاصة ساطعة أو خدع سردية. يعقّب شيريدان: {أتمنى أحياناً لو أنني أستطيع إعتاق الكلمات التي في خاطري. لكن طبيعة الأيرلنديين البشرية فصامية. حتّى كتّابنا العظماء، أمثال جويس أو بيكيت، فيميلون إلى الجنون. لذا نجد ثقافتنا مجرّدة من الصور}.

انبهر شيريدان بانضباط ماغواير، وبراعة بورتمان، والأهم من ذلك كله على الأرجح، عفوية غيلينهال السهلة، الذي يبدو سلوكه المُشتت إلى حد ما في الموقع كبحث عن إشارات وليس دليلاً على شخص يفتقر إلى المعرفة.

يقول شيريدان: {يبرع جايك في البحث عن شيء في المشهد}. ويضيف مقهقهاً: {ذلك لا يعني أنه ينسى نصّه. فهو يبحث دوماً عن شيء ما في المشهد، وهذا ما يجعله واقعياً}.

ركّز بعض الانتقادات على المقارنة بين Brothers ونسخته الدنماركية (اعتبرته مجلّة Variety مثلاً {توأماً أكثر تنقيحاً لكن أقل فاعليةً}) لكن طاقم الممثلين الذي يتضمن أيضاً سام شيبارد وماري وينينغهام، والسيناريو جعلا الفيلم محط نقاش متكرر خلال موسم الجوائز.

back to top