شكرا يا شيخ سالم... ولكن؟!

نشر في 14-02-2010
آخر تحديث 14-02-2010 | 00:00
 سعد العجمي بداية نقدم كل الشكر والامتنان لسمو الشيخ سالم العلي على تبرعاته السخية سواء تلك التي تمت خلال رحلته العلاجية أو التي قدمها بعد عودته إلى أرض الوطن، وهي بلا شك تبرعات ساهمت بشكل كبير في تخفيف أعباء مالية على أسر كويتية تئن تحت وطأة الحاجة.

الشيخ سالم «صباحي قح» يمثل نموذج الشيوخ الكبار الذين يحظون بكل تقدير واحترام في قلوب أهل الكويت لعدة أسباب، على رأسها السن، وكذلك بعده عن العمل السياسي المباشر، وبالتالي لم تكن لديه أي خصومات سياسية تؤثر في «هيبته» أو صورته لدى الرأي العام.

بعيدا عن صحة، أو عدم صحة مقولة استقطاب «الولاءات» التي يطرحها البعض هذه الأيام، فإن استخدام ورقة «المال» قد يكون أمراً طبيعيا في حالة الشيخ سالم العلي، على اعتبار أن كونه أحد أقطاب أسرة الحكم يشكل غطاء «اجتماعيا» فقط لتبرعاته، كما أن ما عرف عن رجاحة عقله وحبه لهذه الأرض قد يبقي موضوع التبرعات في سياق «النوايا الحسنة» التي يطرحها الكثيرون خلال حديثهم في الدواوين على الأقل.

قبل عام 2006 لم يعرف عن أسرة آل صباح استخدام المال السياسي أو الاجتماعي، في موضوع خلق توازنات داخل الأسرة الحاكمة، لكن الأمور تغيرت منذ ذلك التاريخ، ولو أن قضية إقحام المال ستبقى حكرا على الأسرة لكان هامش الخطورة قليل على اعتبار أن ذلك أمر خاص بالأسرة، هي من يتحمل سلبياته وإيجابياته.

ولكن تخيلوا معي أن ذلك التاجر محدث النعمة الذي تحدث عنه الوشيحي في مقالات سابقة له، قرر غدا التبرع بألف دينار لكل عسكري في الجيش، وبمثلها لكل رجال وزارة الداخلية، ترى ما المخاطر التي قد ينطوي عليها مثل هذا التصرف؟!

وإذا ما أصبح حبل «التبرعات» على الغارب، فقد يقوم تاجر ما باستخدام ورقة المال والتبرعات لأهداف سياسية بحتة، فيقرر هذا التاجر التبرع «المجزي» لأهالي الدائرة الانتخابية الثانية، وذاك لأهالي الدائرة الثالثة، وتبدأ دائرة التبرع تضيق شيئا فشيئا لنكتشف بعد فترة قصيرة أن الدولة تحولت إلى إقطاعيات صغيرة، وتكون هناك مئة دولة داخل دولة.

ومن يضمن لنا أن قضية التبرعات غير المقننة قد لا تتجه غدا إلى العزف على وتر المذهب والطائفة أو العرق، وهنا سنكون قد ساهمنا في تفتيت المجتمع من أجل مصالح شخصية، عندها لا يمكن لأي كان السيطرة على الوضع.

الأخطر من ذلك كله أن قضية «التبرعات» تأتي اليوم في مرحلة «فك ارتباط» لكثير من المصالح الاقتصادية والتحالفات السياسية بين أكثر من طرف نعيشها في الكويت اليوم، تمعنوا في هجوم إحدى الصحف على عائلة الخرافي، موضوع غرفة التجارة، قضية «زين»، كعكة خطة التنمية التي تنتظر بعض الأطراف اقتسامها، الصراع الرياضي، التنافس على المناصب داخل الأسرة وخارجها، علاقة أبناء الأسرة مع بعضهم، مثل هذه التحولات السياسية والاقتصادية قد تجعل من ورقة «المال والتبرع» لاعبا رئيسا قي تحديد شكل مستقبلنا السياسي ومضمونه بل حتى الأمني.

على كل أتمنى في هذه المرحلة الحساسة أن يصدر مجلس الأمة تشريعا يحدد فيه الأطر التي يجب أن تصرف فيها التبرعات والشرائح المستهدفة لأي تبرع، وأن يتم ذلك كله بإشراف الحكومة كجهة تنفيذية ومجلس الأمة كجهة رقابية، فالمال زائل والكويت هي الباقية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top