الرجل الذي فقد عقله

نشر في 03-02-2010
آخر تحديث 03-02-2010 | 00:01
 سعد العجمي لا أدري إن كان الزميل نبيل الفضل صحا من سباته فجأة بعد كل هذه السنوات ليكتشف أن الصحافة الكويتية مختطفة من البدون والوافدين، أم أن الصورة التي نشرت للصحافيين البرلمانيين مع مسلم البراك وأجواءها الحميمية قد طيرت ما تبقى من أبراج عقله، وجعلته "يهذي بما لا يدري"؟!

أدرك حجم "الحسرة" التي أصابت الزميل بعد التعويضات التي دفعها للبراك، لكنني أعترف بخطئي في تقدير حجم الألم والصدمة، فقد بدا واضحاً أن زميلنا أصيب في مقتل بعد أن دفع التعويض، وقد سبق أن تم رفع قضايا علينا، ودفعنا من "جيوبنا" ولم تصبنا "هستيريا" الفضل التي يعيشها منذ أيام.

إن محاولة الفضل وغيره، تصوير حضور الزملاء من صحافيي المجلس مأدبة البراك على أنها مشاركة منهم في تكميم الأفواه والحريات، أو أنها تشفٍّ بزميل لهم، هي في واقع الأمر خلط للأوراق وحرفٌ للأمور عن نصابها الصحيح، فالأحكام القضائية النهائية التي صدرت تثبت أن ما مارسه الفضل لم يكن في نطاق حرية الرأي، بل وضعتها المحكمة في خانة السب والقذف والتجريح، فالصحافة مسؤولية وأخلاق قبل كل شيء، وليست وسيلة للطعن في الذمم والأعراض والشخوص، إلا إن كان الفضل يشكك في القضاء وأحكامه، فهذه قضية أخرى. ثم عن أي زمالة يتحدث الفضل؟ نعم قد نكون كصحافيين حضرنا المأدبة زملاء مهنة له، لكننا بكل تأكيد لسنا زملاء نهج وأسلوب في مدرسة الفضل التي تنشر ثقافة "الطز" و"ألعن أمه" و"السرسرية" وغيرها من المصطلحات الدخيلة على الصحافة الكويتية.

الفضل وخلال مقالاته الأخيرة لم يخض في أسباب الموضوع ومسبباته، بل ركز على جزئية إقامة مأدبة الغداء في المجلس، وهذه مردود عليها، فالبراك لم يدعُ الصحافيين كافة، بل وجه الدعوة فقط إلى صحافيي المجلس الذين يوجدون فيه حتى الساعة الرابعة عصراً من كل يوم لتغطية الجلسات واجتماعات اللجان، وقد اتبع الطرق القانونية حيث أبلغ العلاقات العامة في المجلس، وأخذ موافقتها قبل سفر الرئيس جاسم الخرافي الذي نقدر له موافقته بأن يقيم نائب مأدبة لصحافيين برلمانيين، وهنا ليس لنائب الرئيس عبدالله الرومي أي دور في الموضوع، لكن أسباب الهجوم عليه من قبل الفضل واضحة لكل لبيب.

كما أن "زميلنا العزيز" بدا مرتبكاً وفاقداً للمصداقية أو على الأقل للمعلومة الصحيحة، عندما أشار قبل أيام إلى أن الحكم الذي ربحه مسلم هو الأول من نوعه، بينما سجلات وزارة العدل تؤكد أن البراك ربح القضية رقم 1188/ 2007 والقضية 166/ 2008 والقضية 955/ 2009 والقضية 2838/ 2009 بمبالغ إجمالية وصلت إلى 18 ألف دينار كويتي، وهنا لا مجال لتكذيب لغة الأرقام، وليس أمامي إلا تفسيران، فإما أن الفضل لم يدفع من جيبه، وهو ما لا أتمنى صحته، وإما أن المعلومة قد غيِّبت عنه من قبل المحامين الموكلين عنه وهو ما أتوقعه.

على كلٍ،  فإن أكثر ما أحزنني وكان بمنزلة الدافع الرئيس لي لكتابة هذا المقال، ما قاله الفضل بحق إخوة صحافيين أعزاء من البدون أو الأشقاء العرب العاملين معنا في تغطية أخبار مجلس الأمة، وصورهم الجماعية مع سمو الأمير حفظه الله وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء، والمعروضة في بهو المجلس تفند كل ما قاله الفضل تحت تأثير الصدمة التي جعلته يحذر من "خطرهم" الذي لا وجود له إلا في مخيلته.

لست هنا بصدد التذكير بدور الإخوة "البدون" الذين ننزههم قولاً وفعلاً، ومن واقع تجربة وزمالة مما قاله الفضل، لكننا بصدد الإشارة إلى أن كل سرقة مليارية أو تجاوز أو استيلاء على المال العام نجد أن وراءه كويتيين وليسوا "بدوناً"!

أما الأشقاء العرب العاملون في حقل الصحافة، فإن إغفال دورهم الرائد في تطوير أداء السلطة الرابعة في الكويت هو بمنزلة إنكار للجميل منذ جيلهم الأول، ووصولاً إلى الزملاء مديري التحرير أحمد طقشة "القبس"، ومحمد الحسيني "الأنباء"، وحسام فتحي "الوطن" التي يكتب فيها الفضل، الذين نقدرهم ونثمن دورهم من واقع أنهم شركاء معنا في خدمة بلدنا عبر حقل الصحافة.

كما أننا نفخر بأشقائنا العرب كافة، ومنهم مَن يتبوأ أعلى المناصب في مجلس الأمة ذاته من خبراء ومستشارين، وكذلك في سلكنا القضائي العادل، ممن يوقعون أحكاماً باسم صاحب السمو، هي الملاذ الأول والأخير لنا، وأولنا نبيل الفضل الذي أنصفته أحكام قضائية كثيرة حكم فيها قضاة أفاضل من أشقائنا العرب.

***

في مقاله المنشور يوم الأحد 13 يناير، يقول الفضل "سمو الأمير حذر رؤساء تحرير الصحف من تهييج مقصود وتوجيه ووقيعة يمارسها (بدون) يعملون في الصحافة"، لم ينشر ما يثبت أن سموه- حفظه الله- قال هذه العبارة، ثم هل يجوز النقل عن سموه دون إذن من الديوان الأميري؟ ومنّا إلى وزير الإعلام!

***

الزميل الفضل ابتدع مصطلحاً جديداً في مقالاته الأخيرة، فهو يؤكد أن له علاقة جيدة مع بعض من يجرِّحهم في مقالاته، لكنه يؤكد أن علاقاته الودية بهم "لا تعادل جناح بعوضة أمام مصلحة الكويت"، وهي المصلحة التي يبدو أنه المالك الوحيد لحقوقها، وكأن غيره لا يهتم بمصلحة البلد، عموماً، ومن مصطلح الفضل ذاته، نقول لبعض الكتّاب ممن خاضوا في موضوع مأدبة مسلم، إنكم لا تساوون جناح بعوضة أمام تاريخ "أبو براك" ككاتب، رغم اختلافنا الدائم معه، لذلك لن نمنحكم شرف الرد عليكم.

back to top