Coco Before Chanel... قسوة كوكو شانيل وأناقتها
خلال الحرب العالمية الثانية، أقامت مصممة الأزياء الفرنسية الغنية عن التعريف كوكو شانيل، التي برهنت مزايا البساطة وإن كانت مكلفة، علاقة حب مع ضابط ألماني. حتى أنها أُوقفت ذات مرة بتهمة ارتكاب جرائم حرب ليُطلق سراحها بعد تدخل العائلة البريطانية المالكة.لكن لا تتوقعوا رؤية هذا الفصل المثير للجدل من حياة شانيل في الفيلم الفرنسي الجديدCoco Before Chanel. يركّز هذا الفيلم المذهل خلال ساعتين على حياتها قبل دخولها عالم الشهرة والأضواء.
توضح الكاتبة والمخرجة آن فونتين (The Girl From Monaco): {لم أرد تناول حياتها خلال ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته. رفضت التخلي عن حريتي في سرد هذه القصة أو الخضوع لقيود دار شانيل. وبهذه الطريقة تمكنت من صياغة النص كما يحلو لي. أعتقد أيضاً أنه من المنطقي بدء قصة حياتها منذ طفولتها وصولاً إلى أولى أيام شهرتها}.تفاجأت فونتين حين أدركت أن فرنسيين كثيرين يجهلون قصة حياة شانيل: {ما كانوا يملكون أدنى فكرة عن شبابها. فقد ظنوا أنها انتمت إلى الطبقة البورجوازية وتحلت بشخصية قوية. وطبعاً، كانوا محقين. إلا أنهم لا يتذكرون سوى الجزء الأخير من حياتها بما أنه ما زال قريباً من يومنا هذا}. (توفيت كوكو شانيل في عام 1971 عن عمر 87 سنة).قصة خياليةلا عجب في أن الشعب الفرنسي بحد ذاته يجهل ماضي شانيل. فقد اختلقت هذه المصممة قصة خيالية عن نفسها وعملت على تحسينها وتنميقها طوال سنوات. فراحت تجمّل واقعها، مدعيةً أن والدها أبحر إلى أميركا بحثاً عن المال بعد موت والدتها، وأنها اضطرت للعيش مع عمتيها العانستين.لكن الواقع مغاير تماماً. فقد تركها والدها وهي بعد صغيرة في ميتم في دير تابع للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، حيث تعلمت الخياطة. ولم تعرف الوجه الجميل من الحياة إلا بعدما أصبحت عشيقة الرجل الثري الماجن إتيان بالسان. ثم وقعت في الغرام للمرة الأولى حين عشقت أرثر {بوي} كابل، رجل متزوج صنع نفسه بنفسه، ومن خلاله حصلت على المال اللازم لفتح متجرها لبيع القبعات. تخبر فونتين: {أرادت أن تنسى تلك الأحزان المريرة وتبتكر لنفسها حياة جديدة. رغبت في أن تحيا وتسير قدماً. كانت تملك إصراراً قوياً وطموحاً كبيراً عززا رغبتها في أن تغدو مشهورة. فحلمت بأن تصبح فنانة}.لم تبدأ فونتين بكتابة النص إلى أن التقت بالممثلة أودري توتو، التي جسّدت دور الشابة الناعمة الصغيرة القدم في أفلام مثل Amelie وA Very Long Engagement. شكلياً، بدت توتو الممثلة الملائمة لهذا الدور لأنها تتمتع بالبنية الصغيرة والطفولية ذاتها كما شانيل. إلا أن فونتين لم تكن أكيدة من أن توتو ستكون صلبة كفاية. لكن بعد مضي 10 دقائق على لقائهما، أدركت أن توتو تتحلى بالعزيمة الضرورية لأداء دور شانيل.توضح فونتين: {لا أعتقد أن أي ممثلة أخرى في فرنسا كانت ستنجح في هذا الدور. أظن أن توتو تتمتع بجاذبية شانيل وعزمها. وهذه المرة الأولى التي تؤدي فيها دور امرأة راشدة}.كانت توتو أكثر من مستعدة لهذا الدور. تذكر هذه الممثلة: {من المذهل أداء دور امرأة معقدة إلى هذا الحد. عشت تجربة جديدة مع ما تحلّت به شخصية شانيل من سلطة وفظاظة وقسوة وقوة}.شعرت توتو بالارتباك خلال البحث الذي أجرته عن هذه المصممة لأن شانيل لم تنفك تجمل حياتها. لذلك لجأت توتو إلى صور هذه المصممة حين كانت شابة لتكوّن فكرة عنها.تخبر توتو: {تلاحظ شخصيتها القوية وأناقتها في الحال، وإن كانت ترتدي ثوباً عادياً. كانت طريقتها في الوقوف تشع أناقة ورقيّاً وسحراً. وترى أيضاً أنها تتمتع بقوة وتركيز عاليين. ولا شك في أنك ستدرك أنها عانت نوعاً من الحزن والكآبة}.كان التحدي الأكبر الذي واجهته توتو حفاظها على شخصية شانيل القوية، والقاسية غالباً، خلال أجزاء الفيلم كافة. وتوضح السبب بقولها: {أنا مختلفة عن شانيل. أنا ألطف وأرق. وكان علي أن أتحلى بتلك السلطة حتى لو لم اضطر إلى الإعراب عنها في كل مشهد}.اعترت شانيل، على حد تعبير توتو، التعاسة لأنها كانت تعيش في حالة من الفوضى: {لا أعتقد أنها عرفت مَن تكون. أرادت أن تبدو مختلفة وكانت تنتظر حدثاً ما. فمن المخيف أن يكون المرء متمرداً}.