وجهة نظر : المصفاة الرابعة بين مطرقة العصر وسندان البيروقراطية

نشر في 30-06-2009
آخر تحديث 30-06-2009 | 00:00
 د. عباس المجرن تعكف شركة البترول الوطنية على دراسة حزمة من مطالبات بالتعويض تقدمت بها شركات سبق تأهيلها للدخول في عملية تنفيذ عقود مشروع المصفاة الرابعة، أو مصفاة الزور، حيث كانت «البترول الوطنية» قد وقعت مع هذه الشركات خطابات نوايا تتعلق بتنفيذ المشروع، وبينما ترى الشركة أن المشروع قد تم التخلي عنه خلال المدة القانونية، وهي ستة أشهر من تاريخ توقيع تلك الخطابات، ترى الشركات المؤهلة أن خطابات النوايا قد تضمنت نصا بحق هذه الشركات في التعويض عن التكاليف الأولية التي تحملتها في عملية التحضير للبدء بانطلاق عملية التنفيذ.

وبينما تتجه آراء البعض من المسؤولين في «البترول الوطنية» إلى إعادة تكليف الشركات ذاتها بتنفيذ مشروع بديل عن المصفاة الرابعة هو مشروع إعادة بناء وتطوير مصفاة الشعيبة، تصر بعض الشركات على عدم المشاركة في أي مشروع جديد قبل تسوية قضية التعويضات.

ومهما كانت النتائج فإنه من المؤكد أن هناك اتجاها يرجح إعادة طرح «المصفاة الرابعة» على بساط البحث في المجلس الأعلى للبترول أو على الأقل إعادة بناء وتحديث «مصفاة الشعيبة»، وتفيد بعض المصادر بأن ملف المشروع معروض بالفعل للبت فيه من قبل المجلس.

عوامل إيجابية

ولا شك في أن إعادة إحياء مشروع حيوي وهام كمشروع المصفاة الرابعة أمر مرغوب بل وضروري نظرا إلى حاجة الكويت إلى إنتاج توليفة من المشتقات المتوافقة مع المتطلبات البيئية وخصوصا في أسواق البلدان الصناعية، وقد تكون حزمة العوامل السلبية التي تضافرت على مدى السنوات الماضية، والتي أدت في نهاية المطاف إلى إلغاء المشروع قد انحسرت، أو لنقل قد انحسر بعضها، فالتكاليف الباهظة للمشروع كانت قد تصاعدت بمعدلات قياسية، بسبب ارتفاع أجور الفنيين العاملين في تقنية بناء المصافي العملاقة نتيجة لزيادة الطلب على خدماتهم في فترة صعود أسعار النفط في السنوات الأربع السابقة، ولكن هذا الطلب قد ضعف الآن مع تراجع الطلب على تلك الخدمات، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى أسعار الصلب والمعادن والمعدات اللازمة في عملية بناء المصافي، والتي انخفضت أسعارها على وقع الأزمة المالية الراهنة.

وتشكل قدرة أسعار النفط على التماسك في الفترة المتبقية من هذا العام عند متوسط سعري لا يقل عن 70 دولارا للبرميل، عنصرا إضافيا يدعم المشروع، خاصة أن خبراء صناعة النفط في دول منظمة أوبك يميلون إلى أن سعرا كهذا يعتبر محفزا للاستثمار في الصناعة النفطية سواء في عمليات توسعة الحقول أو البنى الفوقية مثل المصافي والقدرات التخزينية.

إشكالية الملكية العامة

ولكن، على الرغم من أي تحولات إيجابية في مصلحة المصفاة الرابعة، تظل المشروعات النفطية العملاقة في دولة الكويت مرهونة بإشكالية قدرتها على اجتياز ثلاث قنوات سيادية هي: المجلس الأعلى للبترول ومجلس الوزراء ومجلس الأمة، وهذه عملية تستغرق زمنا طويلا، قد تتغير في ظله المعطيات الاقتصادية التي تبرر إنشاء المشروع.

إن هذه الإشكالية هي نتاج الملكية العامة لصناعة النفط بكل مراحلها، وهي ملكية لا تتناسب مع حاجة الصناعة النفطية المعاصرة إلى سرعة في اتخاذ القرار ومرونة عالية في التعامل مع المتغيرات ومواكبة التحولات في عصر يتسم بالديناميكية والسرعة، وهي ديناميكية وسرعة لا يستطيع التجاوب معها سوى قطاع خاص كفؤ وجريء. 

back to top