دربيل بودي 
والمدينة الفاضلة!

نشر في 15-10-2009
آخر تحديث 15-10-2009 | 00:00
 عبدالله المسفر يعلم الله أني من الحريصين على الوحدة الوطنية ومن أشد المدافعين عنها، وأرفض تماماً التعصب المذهبي والطائفي والقبلي، لكن من الواجب أن نتحدث دون مواربة وبكل شفافية، لأن ما يحدث على الساحة الآن كـ»الدمل» الذي يحتاج للإزالة حتى إن تسبب ذلك في ألم، لذلك سنتحدث في هذا المقال بجرأة وصراحة ووضوح.

الأخ جاسم بودي رئيس تحرير الزميلة «الراي» من الذين نحب مقالاتهم، لأن لديهم غيرة وحرصا على الوطن أيضاً، وكثيرا ما تعجبني مقالاته، لكن كما يقال لكل منا زلة أو سقطة، وفي بعض الأحيان تكون هناك سقطات للزميل بودي حال أي شخص في هذا الكون، لكن للحقيقة هفوة أو سقطة بودي في المقال الأخير المنشور الجمعة الماضية كانت كبيرة، ولم ير الزميل العزيز والغالي الأمور كما يجب أن تكون في نصابها الصحيح.

من الواضح أن «دربيل» الزميل بودي الذي كان ينظر فيه عندما كتب مقال الجمعة والمعنون بـ»من يستحق أن يكون كويتياً» لم يكن «دربيلاً» منضبطاً، وبالتالي لم يحسن النظر ليرى الأمور كما هي على أرض الواقع من منظورها السليم، و»الدربيل» كان خارج نطاق الكويت والتغطية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك وتخطى الحدود إلى المدينة الفاضلة. وإن كان الزميل بودي المتفائل أيضاً قد اعترف بأن ما يقوله يعبر عن المدينة الفاضلة، فإنه لم يرسم المدينة الفاضلة لكل الأطراف إنما فضّل أن يعيش فيها البعض ويتحملوا إسفاف الآخرين الذين لن يعيشوا فيها.

بومرزوق ما تحدثت عنه تعلم تماماً أنه ليس بالحل الأمثل ولا المفيد ولا الذي يحل مشاكلنا، فأنت طالبت مجموعة أن تترفع وأن تتحلى بأخلاق المدينة الفاضلة، وانتفضت عندما تعرضوا لمجموعة أخرى بينما تركت للآخرين حرية ما يفعلونه ولم تطلب منهم التحلي بنفس الصفات، ولم تنتفض عندما بغت هذه الفئة على الفئة السابقة... فلماذا تفرق بين الطرفين؟!

أخي جاسم دعنا نتحدث بشفافية... فأنت عندما تحدثت عن أحد النواب وقلت إنه طالب بتسفير مجموعة كويتية كريمة إلى دولة إقليمية ببطاقات سفر ذهاب دون إياب- وتقصد هنا الشيعة- وكما تعلم الشيعة إخوة لنا جميعاً وشخصياً تربطني بهم علاقة صداقة وطيدة جداً، وهذا ليس ما في الأمر، ولكن ما أتعجب له أنك انتفضت الآن ولم تنتفض أبداً من قبل، ولم نسمع منك أي شكوى أو نقرأ لك أي اعتراض على ما يتعرض له أبناء القبائل، خصوصا هذه الأيام التي يتطاول فيها الساقط واللاقط والجاهل على أبناء القبائل... فلماذا؟

أخي جاسم.. من يقف لهؤلاء الجهلاء الذين تعدوا على أبناء القبائل ونوابهم.. ألم تسأل نفسك، وأنت القريب من السلطة بحكم منصبك كصاحب صحيفة وصاحب علاقات وطيدة مع أفرادها، لماذا لم يعاقب الجهلاء على أفعالهم؟ ألا تعلم أن هؤلاء الجهلاء وراءهم من يحميهم ويعضد موقفهم؟ وهذا طبعا ليس بالشخص العادي، بل من أصحاب القرار والنفوذ. ألم تسأل نفسك لماذا يقوم بذلك؟ ألم يراودك تفكير بأن هذا يحدث من أجل إثارة نواب القبائل، ومن ثم التأزيم وضرب الديمقراطية في مقتل وربما حل المجلس والانفراد بالسلطة؟ لذلك يسرح هؤلاء للتخريب ووصف نواب القبائل بأوصاف مشينة، ورغم كل ذلك نجد صمتاً حكومياً مطبقاً.

جاسم يا أخي... سؤال أوجهه إليك: مَن هؤلاء الذين يقفون وراء هؤلاء الجهلاء؟ مفهوم أنك تعرف، ومفهوم لماذا لا تعلن عنهم؟! لكن الصحيح إن كنت تريد المدينة الفاضلة كما كتبت في مقالك أن تتكلم عمَن يستقبل من يضرب في الوحدة الوطنية في مكتبه وديوانه، سواء أصحاب المحطات أو من يستقبلونهم على الشاشة متفقين على ضرب الوحدة الوطنية، تمنيت أن تفعل ذلك يا أخي جاسم ولكنك مع الأسف اكتفيت بالقشور، وكنا ننتظر منك أن تتكلم بجرأة وشجاعة.

يا أخ جاسم هل من المعقول أن تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يقول أحد النواب إن الوزير لا يصلح أن يكون رئيس قسم... بينما هناك من يدعم المحطات التي تستقبل شخصيات تضرب في الوحدة الوطنية بكل تبجح؟ والأدهى أن هذه المحطات مدعومة من رئيس الحكومة كما قال زميلنا محمد عبدالقادر الجاسم في مقال له على موقعه، والسؤال إذا كان ما قاله الجاسم صحيحاً فكيف سيكون الإصلاح إذن؟

العلة باطنية يا عزيزي وفي أصحاب القرار لا المواطنين والنواب، وكنت أتمنى أن تكون صريحا يا بومروزق وألا تنزلق في هذا المستنقع وأن تتكلم بجرأة وشجاعة، لا أن تكتب مقالاً غير واقعي ومقالاً عن أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك... لأنه معروف من يدعم هذه الوسائل الإعلامية ويقدم لها الأموال والوثائق الرسمية والمعلومات لضرب الديمقراطية.

أخي جاسم يبدو أن «دربيلك» تأثر بالتطور والتكنولوجيا وأدخلت عليه بعض التعديلات، حتى أنه لم يعد «دربيل» الزمن الجميل الذي يسمي الأمور بمسمياتها، وأنه قد تبدل بدربيل آخر ربما لأهداف ومصالح أخرى!

المادة السابعة من الدستور:

العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين. 

back to top