تقرير بوجروة القضائي يكشف مستور «التحقيقات» ويطالب وزير الداخلية باستقلاليتها وفصلها عن المخافر

نشر في 21-03-2010 | 00:01
آخر تحديث 21-03-2010 | 00:01
No Image Caption
• اللجنة انتهت إلى وجود خلل في عملها وطالبت برقابة لاحقة على قراراتها والتفتيش على أعمال المحققين

• مصادر قضائية لـ الجريدة.: ضم التحقيقات إلى النيابة مخالف للدستور والاستثناء دائم منذ 1961
طالب تقرير اللجنة القضائية المكلفة دراسة وضع الإدارة العامة للتحقيقات وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بالعمل على استقلال الإدارة، والحيدة في عملها والعمل على الفصل بين المخافر والمحققين، كما طالب بتفعيل أدوات المساءلة للمحققين والتفتيش على أعمالهم.

كشف تقرير اللجنة القضائية المكلفة دراسة وضع الإدارة العامة للتحقيقات والتي يترأسها المحامي العام في النيابة العامة المستشار سلطان بوجروة، والذي رفع إلى وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد قبل نحو أسبوع عن ضرورة العمل على استقلال الإدارة والحيدة في عملها وإجراءاتها والعمل بشكل فوري على فصل المخافر عن عمل المحققين، حتى يكون المحققون بعيدين عن المنتمين لأفراد الشرطة وباقي الجمهور.

وأضاف تقرير بوجروة القضائي، الذي تضمن 8 توصيات حصلت "الجريدة" على أبرزها، وهي ضرورة مراجعة القرارات التي تصدرها الإدارة العامة للتحقيقات، وذلك بمعرفة جهات خارج وزارة الداخلية كالفتوى والتشريع، وأن تكون هناك رقابة على قراراتها التي تكشف حاليا الكثير من الخلل.

أدوات المساءلة

ولفت تقرير اللجنة إلى ضرورة تفعيل أدوات المساءلة على المحققين والتفتيش على أعمال أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات للوصول إلى مزيد من العمل المتقن لأعضاء الإدارة العامة للتحقيقات.

وقالت مصادر قضائية لـ "الجريدة" إن اللجنة القضائية رفعت تقريرها إلى وزير الداخلية، ويحمل التوصيات التي رأتها اللجنة، والتي بإنجازها من قبل الوزارة سيعمل ذلك على رفع أداء المحققين في الإدارة العامة للتحقيقات.

انتشال

وبينت المصادر أنه تبين لدى التدقيق على عمل الإدارة وجود خلل كبير في عملها، وعلى وزير الداخلية انتشال هذه الإدارة من الوضع الذي تعيش فيه وإلا فإن الفساد سيستفحل بشكل كبير، وتحدث أمور لا تحمد عقباها في ما بعد.

وقالت المصادر إن النيابة العامة، وهي تحقق في القضية التي رفعها عدد من المدعين العامين ضد مدير الإدارة العامة للتحقيقات السابق انتهت إلى عدة نتائج، رفعتها إلى وزير الداخلية والتي بسببها طلب الوزير تشكيل لجنة من السلطة القضائية لإصلاح الوضع الداخلي في الإدارة العامة للتحقيقات وأن من بين تلك النتائج التي رفعتها النيابة ان الإدارة العامة للتحقيقات تعاني خللا إداريا يلقي بظلال قاتمة من التخبط في الإدارة وسوء تسيير دفة العمل ومنظومته داخل الإدارة العامة للتحقيقات، وهو خلل إن لم يكبح في مهده يجمح ويجنح إلى غير المصلحة العامة، وإن لم يؤخذ بيد عسراء تعاظم خطره واستفحل أمره، وتعذر تدارك ضرره، وأن النيابة العامة وبحكم ولايتها وحرصها على المصلحة العامة وخصوصا في عمل الإدارة العامة للتحقيقات، وهي عصب العمل في وزارة الداخلية ومنوط بها إقرار السكينة في ربوع المجتمع، إنما تدق ناقوس الخطر الذي يبدو في ما وصلت إليه الحال بتلك الإدارة، وتهيب بالسيد وزير الداخلية أن يتدخل بحكم مسؤوليته لعودة الأمور إلى نصابها الصحيح، وكف كل من تورط في أعضاء الإدارة في إفساد سير العمل بها والمضي في تجنبهم جادة الصواب ومساءلتهم بما يكفل تقويم عوجهم الذي انعكس سلبا على سمعة الإدارة العامة للتحقيقات.

كرة الإصلاح

وقالت المصادر إن كرة إصلاح الإدارة العامة للتحقيقات أصبحت الآن بيد وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، الذي طلب من السلطة القضائية تشخيص الأمراض التي تعانيها الإدارة العامة للتحقيقات، وهو في الوقت ذاته سيعمل على تنفيذها من أجل انتشال الإدارة من الوضع الذي تعيش فيها، لافتة إلى أن الخط الذي يتعين أن تسير عليه الإدارة هو إصلاح وضعها الداخلي لا نقلها إلى السلطة القضائية بضمها الى النيابة العامة، وهو ما يعد خطأ جسيما وكبيرا من المشرع الكويتي علاوة على مخالفته نص المادة 167 من الدستور والتي نصت بفقرتها الثانية "يجوز أن يتعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء، ووفقا للاوضاع التي يبينها القانون" وهذا الاستثناء لم يكن مراعاة لاعتبارات وظروف مؤقتة ينتهي بانتهائها، بل كان هذا الاستثناء على سبيل الدوام إلى جانب الاختصاص الأصيل للنيابة العامة بتولي الدعوى العمومية، وذلك مراعاة لواقع البلاد.

المذكرة التفسيرية

وقالت المصادر إن المذكرة التفسيرية للمادة 167 من الدستور، والتي تعد ملزمة، أشارت إلى أنه "مراعاة لواقع الكويت أجازت هذه المادة على سبيل الاستثناء أن يعهد لجهات الأمن العام في نطاق الجنح بتولي الدعوى العمومية بدلا من النيابة العامة صاحبة الدعوى العمومية أصلا وذلك وفقا للأوضاع التي يبينها القانون"، ومما يقطع بأن هذا الاستثناء لم يكن رهنا بظروف مؤقتة بل كان على سبيل الدوام والاستمرار، وان المذكرة التفسيرية قد استطردت إلى القول إنه "كما يلزم أن يبين القانون الأوضاع المشار إليها في المادة الدستورية المذكورة وأن يكفل للقائمين بالدعوى العمومية المنوطة بجهات الأمن ما تقتضيه هذه الأمانة الخطيرة من مؤهلات قانونية في القائمين بها وتنظيم إداري يكفل لهم القدر الضروري من الحيدة والاستقلال"، وقد صدر بالفعل القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة العامة للتحقيقات الذي كفل لأعضاء الإدارة تلك الضمانات التي أشارت إليها الفقرة سالفة الذكر من المذكرة التفسيرية.

استثناء

وقالت المصادر إن الإدارة العامة للتحقيقات تختص حاليا على سبيل الاستثناء بقضايا الجنح القليلة الأهمية الكثيرة العدد، وهو اختصاص استثنائي في أضيق الحدود بالفعل إذ حرص المشرع في عدة قوانين متفرقة على النص صراحة على اختصاص النيابة العامة بجميع الجنح ذات الخطورة والأهمية، كقوانين الأحداث وجنح الإضرار بالمال العام وما يتعلق بالغش التجاري وما يتعلق بالاتجار في السلع وتحديد الأسعار، وحقوق الملكية الفكرية وغسل الأموال وغيرها من القوانين التي تنص على تجريم الجنح ذات الأهمية الخاصة.

قبل الدستور

وبينت المصادر المطلعة أن المادة 9 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية عند بدء العمل به في أول نوفمبر عام 1960، أي قبل صدور الدستور، نصت على "يتولى النائب العام الادعاء والتحقيق والاختصاصات الأخرى التي ينص عليها القانون ويعاون النائب العام أعضاء النيابة العامة ومحققون يعينون لهذا الغرض في دوائر الشرطة والأمن العام"، ثم جرى تعديل هذه المادة بالقانون رقم 30 لسنة 1961 أي قبل الدستور أيضا بنصها الحالي الذي يعطي سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح إلى "محققين يعينون لهذا الغرض في دوائر الشرطة والأمن العام، وفي أعقاب ذلك صدر الدستور الكويتي في 1962/11/11، الذي أكد هذا الاختصاص الاستثنائي الدائم لجهات الأمن العام في مواد الجنح، طبقا لما ورد في المادة 167 منه، واشارت إليه المذكرة التفسيرية.

وختمت المصادر حديثها بالقول: "ليس هناك ما يبرر إلغاء اختصاص الإدارة العامة للتحقيقات بهذه الجنح الكثيرة العدد القليلة الأهمية التي جرى العمل على اختصاصها منذ صدور قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية".  

back to top