حكومة تأمر ومجلس يطيع... شتبون بعد؟!

نشر في 10-06-2010
آخر تحديث 10-06-2010 | 00:00
 حسن العيسى الحمد لله، كل دول العالم "السنعة" لديها حكومة واحدة تدير الدولة، لكننا في الكويت أفضل منهم، وهذا بالتأكيد لأننا لسنا من دول "السنع". الحمد لله لدينا حكومتان، مبنى الحكومة الأولى قرب قصر السيف ويطل على البحر، واسمها مجلس الوزراء، وحكومة أخرى، تقابلها تقريباً، واسمها "مجلس الأمة". ويا بخت الحكومة رقم واحد، فلديها وكلاء يمثلونها ويبصمون على قراراتها في كل المناسبات، بالحق وبالباطل. ويا بختنا بالاثنتين! صورة ومرآة عاكسة والعكس صحيح، مايسترو حكومي وكومبارس مجلسي، ولو قلبت الصورة فلن يختلف الأمر في دولة المركز المالي ومركز الحريات الفكرية للمنطقة!

كيف نفسر إقرار سرية الجلسة من نواب حكومة رقم 2 حتى قبل الاستماع إلى أسباب السرية المزعومة! وما الدواعي إلى طلب السرية؟ وما وجه الخطورة في علنية الجلسة؟! موضوع استجواب النائب خالد الطاحوس لم يكن عن قضايا تمس أمن الدولة أو مما يعرض مصالحها العظمى للخطر، أو يهدد أمنها الاجتماعي والاقتصادي كما تكرر وتدندن مدونات قوانين الجزاء وأمن الدولة والمطبوعات والنشر في نصوص "الماغنا كارتا" الكويتية. كان موضوع الاستجواب قضية لا تلامس وعي الكثيرين من أهل الكويت، هم وحكومتهم ومجلسهم، كان عن البيئة والكارثة البيئية، سواء كانت في أم الهيمان أم في أي مكان آخر في دولة بني نفط. ربما لم يكن مُهِمّاً أن يعرف الناس بلغة الأرقام سواء تقدم بها النائب خالد الطاحوس أو شمَّر د. البصيري عن ساعديه للرد عليها وقبرها في مهدها؛ فقد تم إصدار حكم مُبَيَّتة أسبابه مسبقاً حتى قبل الاستماع إلى مرافعة الادعاء أو الدفاع، وهكذا تصاغ الأحكام العادلة "ولا بلاش"! أحكام جاهزة مُعَلَّبة تحت الطلب من غير مرافعة ومن دون سماع لا اتهام ولا دفاع، المهم ما تريده "حكومة الحكومة" يصير، ويصبح أمراً واقعاً، تفرك الحكومة مصباح علاء الدين بيدَي الواسطة والمال الحلال فيرد عليها المارد: أمرك مطاع يا مولاتي! هكذا علينا أن نفهم الديمقراطية، وهكذا يكون مبدأ الفصل بين السلطات في كويت القرن الحادي والعشرين!

الرئيس الخرافي صرَّح متسائلاً: إذا كانت سرية الجلسات إفراغاً للدستور من محتواه فلماذا وضع المُشرِّع هذه المادة؟ جوابي للرئيس يكون بسؤال آخر أتقدم به، وهو: لماذا قرر المشرع الدستوري مبدأ علنية الجلسات بدايةً وفق المادة 94 من الدستور؟ المبدأ والأصل هو علنية الجلسات، وبهذه العلنية تتحقق الرقابة الشعبية، وبهذه العلنية تتحقق الديمقراطية الصحيحة، أما سرية الجلسات فقد أجازها المُشرِّع على سبيل الاستثناء وللضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وليس من قدرها سرية استجوابات الشيوخ! وفي النهاية لنقل شكراً للحكومة رقم واحد التي تُقرِّر، وشُكْرٌ آخر لحكومة المجلس التي تبصم.

back to top