ميرنا خيّاط: أعشق رقيّ نوال الكويتية!
مخرجة راقية في عملها وفي تعاملها مع الفنانين، ارتقت سلم النجاح درجة درجة، فحققت هوية خاصة في إخراج الفيديو كليب مستفيدة من أخطائها ومن هفواتها لاكتساب المزيد من الخبرة بهدف الاستمرارية. إنها المخرجة ميرنا خياط التي أكدت في دردشة مع «الجريدة» أن الثقافة والاطلاع الدائم، من أبرز الأسس لبلوغ النجاح.
دخلت عالم إخراج الفيديو كليب منذ عشر سنوات وكنت أول امراة عربية تخوض هذا المجال. أخبرينا عن تجربتك.صحيح، عندما خضت هذه المغامرة جعلت من تجربتي وموهبتي أجنحة أحلّق بها في فضاء أفكاري لإبتكار عمل مميّز، وحققت نجاحاً ما دفعني إلى المزيد من العطاء. لم تسكرني الشهرة ولم أشعر بالغرور، إيماناً مني بأن هذا الأخير يؤدي إلى الاستهتار.
يخطئ أي مخرج يعتقد أن النجاح الذي حققه في عمل معين يدفع المشاهد إلى تقبّل أعماله الأخرى مهما كان مستواها ضعيفاً، لأن المشاهد قادر على التمييز بين العمل السيئ والعمل الجيد.من جهة أخرى انتهجت خطّاً كلاسيكياً وهو الأصعب لافتقاده إلى الجنون وإلى مقولة «خالف تعرف»، وهما عنصران يلفتان انتباه المشاهد سريعاً. كما لا استعمل الفنان كحقل تجارب لي بل أكون مسؤولة أمامه وأتحمّل بمفردي فشل الكليب ونجاحه. أشبّه الكليب الكلاسيكي بالسمفونية الكلاسيكية التي تستغرق وقتاً ليفهمها المشاهد لكنها تبقى في ذهنه دائماً. لم أنجرّ وراء الموضة ولا أعترف بالحجة التي يستخدمها بعض المخرجين لتبرير فشله ومفادها أن الجمهور يريد أعمالا سطحية لا تحتاج إلى التفكير، ولا تناسب القيم المرتكزة على احترام النفس وعين المشاهد في آن.يتهمك البعض بتكرار أفكارك، ما تعليقك؟أتقبل النقد البنّاء، إنما يزعجني الصحافي الذي يجهل أصول اللعبة الإخراجية ويفتقد إلى الثقافة، مع ذلك يتجرأ ويوزع اتهامات ساذجة من دون تقديم إثباتات تؤكّد صحّة كلامه، مثلاً انتقدني أحد الصحافيين في إحدى المرات بأني استخدمت أريكة حمراء في أحد الأعمال سبق أن استخدمتها منذ سنوات ثماني، فأضحكني هذا المستوى المتدني. ليثبت لي من يتهمني بالتكرار بالوثائق والدلائل في أي عمل كررت نفسي، في وقت ينسخ مخرجون كثر أعمالاً أجنبية بحذافيرها وينسبونها الى أنفسهم من دون حياء أو خجل ويبررها البعض بتوارد الأفكار. من يحاسب هؤلاء؟لا أعرف ولا يهمني، لكن لا يستطيع من يدّعي أنه مخرج، استغلال عقول المشاهدين فترة طويلة خصوصاً أننا في عصر التكنولوجيا والدخول إلى الإنترنت في غاية السهولة واكتشاف الغش أمر في غاية البساطة. أسأله أين الإبداع والرسالة التي يوجهها؟ أنا اكيدة أن المخرج الذي لا يكون صادقاً مع نفسه وعمله وجمهوره مصيره الفشل عاجلاً أم آجلاً. رسمت هوية خاصّة بي، وحافظت على روح واحدة في أعمالي لكن بألوان مختلفة وأشكال متنوعة، لذلك أنا سعيدة لأني لم أخذل الجمهور بالأعمال التي قدمتها حتى اليوم.من يلفتك من المخرجين؟لا أدخل في لعبة الأسماء إنما أقول إن المخرجين الجيدين لا يفوق عددهم أصابع اليد الواحدة.هل أحببت نانسي عجرم في كليب «مين داه لي نسيك» الذي أخرجه سعيد الماروق؟أحبّ نانسي في أعمالها كافة وأراها كاللعبة المتجددة دائماً، لكن تتفاوت أعمالها المصورة بين المهم والأهم.إلى أي مدى يكون المخرج ديكتاتورياً في قراراته مع الفنان؟الديكتاتورية غير مستحبة بالنسبة إلي، أتعامل مع الفنان باحترام كبير وأحاول إقناعه برأيي بطريقة غير مباشرة ومحببة. مثلاً، تقصدني فنانة تعيش حالة معيّنة وتكون أصلا اختارت أغنيتها لأنها وجدتها تحاكي مشاعرها، فتطلب منّي أن أقدمها في صورة تستطيع تفجير إحساسها وحالتها عبرها، أنصاع لرغبتها ولا أعارضها كي لا يأتي العمل مصطنعاً وخالياً من المشاعر.هل ترفضين إخراج كليب لفنان معين ولماذا؟أركز في عملي على مشاركة الفنان آرائه وأجتهد للتعرف إليه والغوص في أعماقه ليأتي الكليب صورة واقعية وصادقة عنه، لذلك أرفض إخراج كليب لمغنٍّ لا أعرفه لأني أهتم بشخصية الفنان وتصرفاته في حياته اليومية لا بالشكل والشعر والماكياج.برأيك ما المعايير التي تؤدي إلى نجاح الكليب؟مع أن «اللوك» أصبح هوساً لدى المخرجين والفنانين، إنما برأيي ليس من الضروري تغيير الملابس وتسريحة الشعر والأكسسوار لتحقيق كليب ناجح بل وجود وحدة حال بين كلمات الأغنية وألحانها وشخصية الفنان إضافة إلى الظروف الحياتية التي يعيشها.هل استعمال التقنيات يفرغ الكليب من الإحساس العفوي؟أبدا. لا أسعى في أعمالي إلى إبراز «عضلاتي» بل إلى إيصال فكرة جميلة سهلة وراقية إلى المتلقي، لذلك أستخدم التقنيات بشكل مبطّن وتصبّ في مصلحة العمل ككل.لماذا يميزك جورج وسوف عن غيرك ويحصر تعامله معك؟(تضحك) تربطني صداقة به إضافة إلى تقديره لأعمالي، أفتخر بأنّه يميزني عن غيري.هل شعرت مرّة أنّك عاجزة عن التعامل مجدداً مع فنان معيّن؟نعم، يعود ذلك إلى أسباب كثيرة، فأتهرّب بطريقة لائقة ومبطّنة. لا أحبّ الحروب والردود المضادة عبر وسائل الإعلام.لماذا لا تكررين التعاون مع نوال الزغبي وهل ما زال الخلاف قائما بينكما؟حالياً ليس لدي مشروع تعاون معها، أما في الستقبل لا أستطيع التكهّن. سلكت كل واحدة منا طريقاً مختلفاً، إنما ليس بيننا أي حقد أو ضغينة. ما أسباب تعاونك الدائم مع أمل حجازي ولماذا تلفتك نانسي عجرم؟تتمتع أمل بشخصيّة متواضعة وعفويّة إلى أبعد الحدود وتحبّ الجوّ العائلي، على غرار نانسي عجرم المحبة والمتصالحة مع نفسها. تلفتني نانسي بذكائها ووعيها للحياة والدليل زواجها المبكر لأنها علمت أن الحياة الزوجية تكملة للحياة المهنية، ولم تغرق في بحر الأضواء والشهرة خلافاً لنجمات كثيرات لا يقدمن على خطوة الزواج خوفاً من فقدان نجوميتهن.هل يختلف تعاملك مع الفنانة اللبنانية عن الفنانة الخليجية؟بعض الفنانات الخليجيات لديهن مفاهيم خاصّة ألتزم بها. أحب التعاون مع الفنانين الخليجيين لأنهم يتمتعون بالصدق، على رأسهم نوال الكويتية التي أعشقها لأنها راقية بتعاملها وحضورها وصوتها. لا تقبل نوال مشاهدة الكليب عند الانتهاء من تصويره بل تفضّل رؤيته على الهواء ما يحمّلني مقابل الثقة التي تمنحني إيّاها مسؤولية. أحضّر لها عملا جديداً إضافة إلى آخر مع الفنان عبد لله رويشد.تعاملت مع نجم برنامج «إكس فاكتور» محمد المجذوب، هل تحبين دعم المواهب الجديدة؟عندما كنت في بداية طريقي الفني تعامل معي نجوم كبار لأنهم لمسوا فيّ الموهبة، بدوري أتعامل مع الفنانين الشباب الذين يتمتعون بالموهبة، من بينهم محمد المجذوب وغيره.هل صحيح أنك لا تقرئين المجلات الفنية؟نعم، أعرضت عن شراء المجلات الفنية منذ 8 سنوات. قرأت مرّة مقالتين في مجلتين مختلفتين عن فنانة واحدة، الأولى تصفها بالنجمة الكبيرة وصاحبة الصوت الكلثومي والثانية تنتقد نشازها وتصنّعها، فأين تكمن الحقيقة؟ يؤدي المال دوراً بارزاً في عالم الصحافة وتكون له كلمة الفصل في الحكم على هذا الفنان أو ذاك بالنجاح أو الفشل. لكن ألم تدعمك الصحافة ؟طبعا دعمتني، لا أشمل في كلامي الأقلام الصحافية كلها، ثمة أقلام شريفة أشكرها من كل قلبي لأنها دعمتني ووقفت إلى جانبي منذ انطلاقتي. هل تخشين الصحافة؟أبداً، لأني إنسانة واضحة وصريحة وأحترم عملي ولا تغرّني العناوين الرنانة للفت الأنظار.كيف تقيّمين علاقتك مع «روتانا»؟الحفلة الأولى التي بثّت على شاشة art التي تحوّلت في ما بعد إلى «روتانا» كانت من إخراج زوجي ومن تقديمي، لذلك أشعر بالانتماء إليها وعلاقتي وطيدة مع بعض العاملين فيها وليس مع الجميع.أين أصبح مشروع الفيلم السينمائي؟نحن في مرحلة التحضيرات وسأبدأ التصوير قريباً.ينتقد زميلك فادي حداد المخرجين الذين يتحدثون عن أعمال سينمائية يعملون على تنفيذها لكن أحدا منها لم يبصر النور.ليوفق الله الجميع ويعطي كلّ واحد حسب نيته ومعلوماته وثقافته، لا أريد الدخول في تفاصيل الفيلم ولكنّه لبناني %100.كيف تصفين علاقتك بزوجك المخرج طوني أبو الياس وهل ثمة منافسة بينكما؟لا يهتمّ زوجي بالشهرة أو الظهور ويركّز عمله حالياً في شركة الإنتاج التي أسسناها، بالإضافة إلى أنه ابتعد عن إخراج الكليبات في الفترة الأخيرة بعدما لمس التدهور الإخراجي والفني الحاصل. يفرح لنجاحي وينزعج عندما أقدّم عملا فيه بعض الهفوات لأنه يريد لي التميز على الدوام. من هنا لا يوجد منافسة بيننا بل دعم متبادل.إلى أي مدى نجحت في التوفيق بين حياتك الزوجية والمهنية؟التوفيق صعب جداً وأشعر دائماً بالتقصير في مكان ما. تعطيني عائلتي الجميلة والمتماسكة الحافز للاستمرار في عملي ولا أستطيع وصف إحساسي عندما أرى أولادي يكبرون أمامي. أحاول توزيع وقتي معهم بين التدريس والنشاطات والحوار وأمور أخرى مهمة، لأنهم في مرحلة تكوين الشخصية ويحتاجون إلى وجودي قربهم دائماً. ربّتني والدتي على قوّة الشخصية ورفض الخطأ وعلى العاطفة والمحبة والحنان في آن وهذه الأمور كلها أحاول تعليمها لأولادي.ما النصائح التي توجهينها الى الطلاب الذين يدرسون الإخراج؟أنصحهم بألا تنحصر دراستهم في الحصول على الشهادة الجامعية بل متابعة دورات خاصة بالإخراج سواء محليّة أو عالمية، كذلك قراءة الكتب المتخصصة بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة وغيرها والحفاظ على الرقي في الفن وعدم الانجرار وراء النجاح السهل، لأن من يصعد سريعاً يقع سريعاً، الأهم الاستمرارية.ما أمنيتك؟ألا أرى طفلا يبكي ويتعذب أينما كان في انحاء العالم وأن يصحو ضمير حكام العالم.