بلير: الكويت وصلت إلى مرحلة يعاني فيها رجال الأعمال القيود
هناك خطر واقعي بحصول عجز هيكلي في ميزانية الحكومة خلال العقد المقبل
قال رئيس الوزراء السابق توني بلير، إنه لا يمكن للكويت أن تستمر في مسارها الحالي، فإما أن تغيّر اتجاهاً أو تنحدر، مشيراً إلى وجود حماسة متجددة في السياسة الكويتية بعد الانتخابات الأخيرة.
أكد رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق توني بلير أن الكويت بلد لا مثيل له، لكنه الآن في حاجة إلى قرار حاسم بشأن مستقبله.وقال بلير في تصريح خاص أدلى به أمس إلى "كونا" بمناسبة تقديم تقرير رؤية الكويت 2035: إن "تاريخ الكويت عظيم ويزهو بروح المبادرة والتجارة، وإن إمكاناته كبيرة وشعبه موهوب ومبدع، لكن الحقيقة الواضحة هي أن هذه الإمكانات ستظل بعيدة عن التحقيق ما لم يتغير المسار". وأشار إلى أنه من ناحية أخرى "إذا استغلت الكويت الفرصة فإن مستقبلها سيكون مشعاً بحق وستكون قوة إقليمية في المستقبل، أما في حال عدم التغيير فإن مستقبل هذا البلد العظيم سيكون مبهماً، وان عدد السكان سيتعدى الضعف بحلول عام 2035، كما أن أغلبية المواطنين الكويتيين يعملون في القطاع العام".احتياطي النفط وأضاف: "صحيح أن احتياطي النفط كبير إلا أنه سينخفض مع مرور الوقت، ومع ان عائدات النفط في الوقت الحالي تمثل قرابة 90 في المئة من إجمالي الناتج المحلي فإنه سيكون هناك حتماً تحول عالمي بعيداً عن مسببات انبعاث الكربون بسبب القلق حول التغير المناخي". وأوضح بلير "أما بالنسبة لنظامي التعليم والصحة فإنهما يحظيان بمستويات عالية من الإنفاق مقارنة بمعدل الاتحاد الأوروبي، إلا أنهما يحققان نتائج أقل منه بكثير". واعتبر بلير في تصريحه أنه رغم تاريخ الكويت التجاري العريق والمبادر فقد وصلت الآن إلى مرحلة يعاني فيها رجال الأعمال القيود الكثيرة، حتى أصبحوا ينظرون للفرص في الخارج لا داخل الوطن، في الوقت الذي لحقت باقي دول المنطقة بالركب، فطورت بلدانها وأصبحت في المقدمة في مجالات مثل التجارة والخدمات المالية وغيرها. ورأى أن هناك خطراً واقعياً بحصول عجز هيكلي في ميزانية الحكومة خلال العقد المقبل، لافتاً إلى أنه مع ان الإطار الزمني يعتمد بالطبع على أسعار النفط، فإن كل التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن التغيير الجذري ضروري في معظم السيناريوهات المحتملة. وقال: "بكل بساطة لا يمكن للكويت أن تستمر في مسارها الحالي فإما أن تغير اتجاهها أو تنحدر، وحتى زمن قريب عندما كان ينبغي أن تناقش هذه التغييرات بروية ويتم إقرارها وتنفيذها بدا النظام السياسي عاجزاً حيث استمرت العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة تواجه طريقاً مسدوداً". الانتخابات البرلمانية لكنه استدرك قائلاً: "لحسن الحظ وبعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة أصبح هناك حماس متجدد في السياسة الكويتية، فقدمت الحكومة خطة تنمية طموحة للاقتصاد والقطاع العام وتحسّنت العلاقة بين الحكومة والمجلس، وأصبح هناك ثقة بأن التشريعات الأساسية سيُوافق عليها". وشدد رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق توني بلير في تصريحه الخاص لـ"كونا" على أنه "ينبغي على القيادة الكويتية الآن أن تبني على هذا الزخم وتقوم بالتغييرات اللازمة للمستقبل، فقد حان وقت اتخاذ القرار الحاسم... وإذا أراد الكويتيون تحقيق المستقبل الذي يستحقونه ينبغي القيام بتغييرات عميقة وجذرية". وأضاف: "من هنا يقترح تقرير رؤية الكويت 2035 مجموعة من هذه التغييرات، فالتقرير الذي تم إعداده من قبل فريق من الخبراء الكويتيين والدوليين يحلل بدقة التحديات الحالية ويوصي بالخطوات التي يجب اتخاذها إذا أرادت الكويت أن تستعيد ريادتها وتحقق كل إمكاناتها في السنوات المقبلة"، مؤكداً أن "هذا التقرير مبنيّ على رؤية ونوايا سمو أمير البلاد، حفظه الله، والتي عبر عنها بكل وضوح". وأوضح أنه بينما تعد الرؤية المستقبلية أمراً ضرورياً فإن "الكيفية" هي الأمر الأهم الآن، وكذلك القدرة والإرادة لتقديمها.تطوير القطاعات وكشف بلير أن التقرير يقترح إصلاحات محددة في جميع السياسات، التي من شأنها إذا طبقت على نحو فعال أن تغير اتجاه البلاد، فهناك إصلاحات نحو مزيد من تطوير قطاعات النفط والتجارة والتمويل، وإصلاحات في بيئة العمل ورفع القيود عن قطاع الصناعة، واصلاحات في قطاعي التعليم والصحة لتحسين كفاءتهما، وإصلاحات في القطاع العام لتقليل الهدر وتركيز جهوده على جودة النتائج، وإصلاحات في النظام الاجتماعي تسمح بمكافأة المواهب وإبراز التسامح المتأصل في البلاد لينمو ويزدهر، بالإضافة الى استثمار الموروث الثقافي للأمة. وأشار إلى أنه "رغم أن الأمر يعود إلى الكويتيين شعباً وقيادة، فإن تقريرنا هذا يحدد على الأقل الأهداف التي يتعين على كل مجموعة إصلاحات يجب أن تحققها". ورأى بلير أنه "من المهم أن يناقش الشعب الكويتي الإصلاحات الواردة في التقرير خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، ولكن عليه بعد ذلك أن يبدأ في التنفيذ ويتطلب هذا تنظيماً فائقاً لجهود وأعمال الحكومة في كل المجالات لإنجازها كما ينبغي، وقد اقترحنا في التقرير كيفية تطبيق ذلك ولكن الجزء الأصعب في الحكومة لا يتمثل في صياغة الرؤية بل في تطبيقها، الا أننا واثقون تمام الثقة من إمكان تحقيق ذلك، فشعب يتمتع بتاريخ عريق وإمكانات وقدرات كالتي يتمتع بها شعب الكويت ليس له خيار آخر إذا ما أراد أن يرسم مستقبله بطريقة تتفق مع رؤيته لذاته". وختم بلير تصريحه لـ"كونا" قائلاً: "قد تكون التحديات كبيرة ولكن مواجهتها سوف تكون مثيرة وقوية ومجزية".