افتتاحية أهلاً بكم في بلدكم
ليس انعقاد القمة الثلاثين لدول مجلس التعاون اليوم في الكويت إلا انعكاساً طبيعياً لعمق العلاقات الأخوية القائمة بين الدول الخليجية، وترجمة عملية للرؤى السديدة لقادتها التي أوصلتها إلى مستوى من التعاون والتعاضد لم تحققه أي منظومة إقليمية في المنطقة.والكويت إذ ترحب أميراً وشعباً بزعماء الدول الشقيقة تأمل أن تكون هذه القمة منطلقاً لمزيد من التأكيد على المصالح المشتركة، ولبنة إضافية في طريق تحقيق مزيد من الإنجازات، ومناسبة لنقلة نوعية في خطوات التكامل تعتمد على حكمة الهدوء وضرورات مجاراة العصر وحاجات المجتمع الخليجي.
يأتي القادة الخليجيون إلى بلدهم الكويت التي أكد سمو الأمير باسمها أنها لن تنسى وقوفهم إلى جانبها إبان الغزو العراقي، والتي تبني علاقاتها مع الجميع انطلاقاً من الوفاء والمحبة والتطلع إلى المستقبل، فما يجمع الكويتيين بإخوانهم في دول المجلس هو مصيرٌ مشترك وإرادة واحدة في تحقيق أهداف مجلس التعاون التي هي في النهاية تحقيق الرفاهية والأمان لكل الخليجيين.كل ما ستتطرق إليه القمة مفيد ومطلوب، سواء شمل مشروع السكك الحديد والربط الكهربائي والتنقل بالبطاقة المدنية والمسائل الجمركية والعملة الموحدة. والكويت واثقة بأن القادة سيقاربون كل هذه المواضيع بما تتطلبه من تبصر ودراسة وضرورة تحقيق إنجازات يلمسها كل مواطن خليجي. سيبقى موضوع أمن الخليج واستقرار دوله على رأس قائمة اهتمامات القمة. ويسجَّل للقادة نجاحهم في التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والفكر الضال داخل كل دولة خليجية. وهم لن يتوانوا عن تجديد التضامن الكامل مع المملكة العربية السعودية في حربها العادلة ضد المتمردين الحوثيين الذين ينتهكون حدودها ويحاولون النيل من أمنها ودورها القيادي في الخليج والعالمين العربي والإسلامي.ينظر المواطن الخليجي بتقدير إلى المواقف الثابتة لقادة دول مجلس التعاون المتمسكين بحل النزاعات بالسبل السلمية خصوصاً في ما يتعلق بمعالجة الملف النووي الإيراني واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث، مثلما يقدر موقفهم الحازم إزاء أي اختراق أمني خصوصاً إذا اتخذ شكل نزاع مذهبي يهدد وحدة دولة شقيقة مثل اليمن، ويتيح لعناصر التطرف أن تجد مساحات خصبة تنطلق منها لممارسة الإرهاب في المنطقة.يدرك المجتمعون اليوم في الكويت أن الاستقرار شرط أساسي للتطور والإنجاز، لذلك فإنهم يثبِّتونه خطاً أحمر ويعملون لجعله منيعاً مطلقين التنافس بينهم في مجال التطور البشري والتحديث. وليست جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا إلا نموذجاً، لأنها تلخص إرادة النماء والانفتاح، وهما ما يحتاج إليه أي مجتمع في القرن الحادي والعشرين.قمة الكويت ستكون عند حسن ظن شعوب مجلس التعاون بإذن الله. فمثلما تمكنت من الحفاظ على المجلس طوال 28 عاماً رغم العقبات، واستطاعت تطويره، فإنها قادرة اليوم على دفعه خطوة كبرى إلى أمام مسترشدةً بحكمة القادة المجتمعين، ومستلهمةً رمزية مكان الانعقاد الذي انطلقت منه فكرة مجلس التعاون الخليجي.الجريدة