خذ وخل: السلطة الرابعة أم الراكعة؟!

نشر في 17-01-2010
آخر تحديث 17-01-2010 | 00:01
 سليمان الفهد • لا شك عندي أبداً أن التعديلات الرقابية «القراقوشية» التي تنوي الحكومة طرحها على مجلس الأمة لإقرارها ستحول السلطة الرابعة بجلالة قدرها، إلى السلطة الراكعة، التي «لا تهش ولا تنش» كصحف الحائط في المدارس الثانوية، والمساجد الجامعة! ولا أعرف كيف سيهضم المواطن ويبلع مقولة أن هذه الحكومة رشيدة وإصلاحية، كما تزعم هي ونتمنى نحن الشعب، حين يجدها تزج بالإعلاميين في السجون جزاءً وفاقاً على «ارتكابهم فعلة» تدبيج رأي حر كفله الدستور، ويتكفل القانون الحالي بمعالجة الشطط ومجابهته.

اللهم إلا إذا كان المراد بالإصلاح الذي ترفع بيرقه الحكومة يكمن في أن سجن الصحافيين، هو تربية وإصلاح وتأديب لذوي الأقلام الجسورة التي لا تخشى في الحق عدة وعتاد القمع المضمر في مضمون التعديلات السيئة الذكر! ومن هنا حري بكتّاب الرأي ومقدمي برامج «التوك شو» وغيرهما، تهيئة أنفسهم للسجن في أي يوم، فيشرع كل واحد بتوديع العيال وأمهم مسبقاً، خشية أن يساق مخفورا فجأة! ذلك أن التعديلات تزأر بصريح العبارة قائلة: أينما تكونوا يدرككم القمع الخارج من رحم التعديلات، ولو كنتم في بروج مشيدة!

• والحق أن التعديلات التي ستضاف على قانوني المطبوعات والنشر، والإعلام المرئي والمسموع، تنطوي على ردة إعلامية تنكص بالبلاد والعباد إلى كويت الخمسينيات النافية لدولة المؤسسات التي نخبرها منذ عشرات السنين!

إن حضور الرقابة الطافحة بالتعسف في الألفية الثالثة، يبدو لي بمنزلة نكتة فجة سمجة ستفضي ببلادنا إلى «مضحكة» في عيون الألفية الثالثة، حيث الفضاء الإعلامي العالمي بات مشرعا من الجهات الأربع، فتتدفق منه الأخبار والمعلومات والآراء، بمنأى عن أي رقابة ديناصورية باتت تنتمي- بالضرورة- إلى الماضي والتاريخ، إن لم أقل إلى مزبلته «حاشاكم» تحديداً! ومع ذلك كله فإن التعديلات إياها لم تغادر كبيرة ولا صغيرة ترد في وسائل الاتصال إلا كبلتها بـ»كلبشات» ردعية قمعية تعسفية تحيل بر البلد وفضاءه إلى سجن مركزي كبير... ولا فخر! الأمر الذي يحيل وزارة الإعلام إلى وزارة الإعدام ولا فخر أيضا! وهو أمر محمود بعكس ما يظن ذوو الظن «الآثم» الذين يتعامون عن «ديمقراطية» القمع الشعبية التي تطول معشر الوافدين والمواطنين سواء، من جراء الرقابة على الرسائل النصية القصيرة (SMS) التي يتواصل بها جل السكان يوميا، وباتت طقسا حوارياً حاضراً في حياتنا اليومية! الأمر الذي يشي بأن الوزارة القمعية ستدس أنفها المتلصص في خصوصيات خلق الله، وتنتهك حرماتهم!

و»المحيرني» هي الكيفية والآلية اللتان ستراقب بهما الوزارة «المسجات» الصادرة والواردة، لاسيما أنها تعد بالملايين، وتحتاج إلى آلاف من النواطير والعيون والآذان المراقبة للعقول؟!

وأخيرا: يحق لوزارة الإعلام أن تفخر بابتداع «الأمن الإعلامي الاستباقي» الذي لم يخلق مثله في البلاد... أي بلاد! صدق من قال: من راقب «المسجات» مات هما وغما، وبات «فرجة» لخلق الألفية الثالثة!

back to top