مروراً بالمدينة الفاضلة

نشر في 22-01-2010
آخر تحديث 22-01-2010 | 00:01
 أ. د. فيصل الشريفي يصفها أفلاطون كجزيرة تقع ما وراء أعمدة هرقل، كانت قوة بحرية حققت انتصارات على أجزاء كثيرة من أوروبا الغربية وإفريقيا سنة 9000 قبل الميلاد. هي قارة مفقودة ولدت بعد الحضارة الفرعونية، يعتقد أنها غرقت في يوم 11 من ديسمبر/كانون الأول عام 1820 قبل الميلاد.

ولمزيد من الردح بالخيال يقال إنها كانت على اتصال مع الحضارة الفرعونية، لذلك يوجد على بعض المعابد المصرية القديمة بضع كلمات بطريقة غريبة في الكتابة، وأيضا يوجد رسم عليه طائرة نفاثة ويركبها رجلان اثنان: الأول رجل فرعوني يقال إنه رمسيس الثاني، والثاني رجل يلبس لبساً غريباً، ويقال إنه من الأطلسيين، ويوجد فيلم اسمه "أطلنتس" اقتبسوا فيه شكل الطائرة الموجودة في المعبد.

 امتازت هذه الحضارة بامتلاكها تقنيات عالية في التحكم بالطاقة وامتلاكها أيضا قنابل نووية، والتي بسببها دمرت الحضارة بعد الحرب بينها وبين حضارة راما التي كانت تقع في جنوب شرق آسيا بالقرب من بحر اليابان.

هذه القصة الأسطورية للمدينة الفاضلة ظلت حلماً يراود كل الحالمين رغم كل خزعبلات "أطنش وطنش"، حيث ظلت حكايتها فرضية لم تطابق الواقع لكن مجانينها كثر.

في المقابل، وعلى أرض الواقع، تجد شريعة حمورابي التي ضمت 282 مادة قانونية اعتمدت مبدأ "السن بالسن، والعين بالعين"، تدرّس إلى الآن كمادة أساسية في أقسام القانون.

وجه المقارنة هو مدينتي الفاضلة الكويت، وكيفية تعاملنا مع مبدأ السن بالسن والعين بالعين دون مراعاة لأصل القانون، وقياسنا للضرر دائما يأتي بعد فوات الأوان، منكرين حجم الضرر أو ملغين توابعه على الآخرين وفق مبدأ «البادئ أظلم».

حلمي في الكويت أبسط بكثير من مدينة أفلاطون أو شريعة حمورابي، فقوام حلمي أُلفة الماضي الجميل، ماضي البحر والبر، وكيف كان التراحم والتواصل والاحترام تلامس كل ذرة من تراب الوطن، رغم صعوبة العيش وأطماع الأشرار لكن الله نصرهم لأنهم لم يأمروا مترفيها.

حلمي في الكويت أبسط من مدينة أفلاطون أو شريعة حمورابي، فقوامه حرية الحاضر ويسر العيش وسلاح العلم وتضحية الرجال والنساء يوم 2/8/1990.

أستغرب كغيري لماذا يريد البعض "غلب" المدينة ووضعها تحت صفيح ساخن لأغراض آنية مليئة بالأنانية، أهدافها إقالة وزير أو إحراج نائب أو تكسير تاجر أو حتى إسقاط حكومة، والوسيلة لم تكن يوما في إطار القانون؟!

جرّنا إلى أحداث ليست من صناعتنا، وأقحمنا في أجندات خارجية، يجب على أبناء الكويت إدراك خطرها، والتحرك باتجاه المصلحة الوطنية دون وضع أي اعتبار، حتى لو كان في الإطار الطائفي أو القبلي، فماذا يعني وقوفي مع هذا أو ذاك، وأهله لم يسألوا عنه، ثم لفظوه لمعرفتهم بسيرته وماضيه، فالتروي مطلوب والانتصار لمثل هؤلاء مرفوض.

وضع العقدة في المنشار أمام كل تصرف تسلكه الحكومة سيربك حساباتها رغماً عن أنفها، فسياسة إرضاء كل الأطراف صعبة، وغاية لن تدرك، ومطاطية في التحرك لن تفيد، فالجماعة «مكسرين بعض»، وهم حتما لن يرحموها إذا انتهجت مبدأ العدالة وتطبيق القانون، فوضع المصلحة والسيادة الوطنية فوق كل اعتبار قرار على الحكومة ألا تجامل فيه أحداً.

تناحرنا لو «لاحق عليه» حمورابي لرأيته استكفى بـ282 مادة؟ فهل سيطلب تعديلاً على قانوني المرئي والمسموع؟ أو «يحط» وزيره كبش فداء؟ الإجابة بعد أيام عند أفلاطون ومدينته الفاضلة.

ودمتم سالمين.

back to top