دميثير... أهلا بك في صفوف المعارضة!!

نشر في 14-06-2009
آخر تحديث 14-06-2009 | 00:00
 سعد العجمي خلف دميثير نائب حكومي حتى النخاع، وهو لا يجزع من هذا الوصف، بل يتباهى به ويعتبره القاعدة الرئيسة لعمله السياسي الذي حافظ بموجبه على مقعده البرلماني منذ العام 1981 حتى هذه اللحظة.

سواء اتفقت مع دميثير أو اختلفت معه سياسيا، فإنك لا تملك إلا أن تحترمه، فهو نائب واضح وصريح، لا يعرف التلون أو تبديل الجلد بين فترة وأخرى، بمعنى أنه «كاشف» عن رأسه، صنف نفسه حكوميا، واختار المولاة المطلقة منذ زمن بعيد، لكن «حكوميته» لم تكن فجة أو «مليغة» كما فعل البعض في المجلس الماضي، أي أنها مولاة لا تليق إلا بخلف، ويستحيل أن تركب على شخص آخر.

في كثير من الأحيان لعب خلف دميثير دور المنقذ للحكومة، بل إنه حافظ على ماء وجهها أكثر من مرة، ولعلنا نتذكر استجواب الشيخ علي الجراح، عندما لم تجد الحكومة من يتحدث معارضا للاستجواب سوى «أبو مشعل»، الذي دافع فعليا عن الوزير، بعد أن تحدث أحمد الشحومي كمعارض للاستجواب، لكنه لم يدافع عن الوزير بل ذهب لمهاجمة بعض النواب كتصفية حسابات، وهو الذي تحدث ربع ساعة كاملة لم يذكر فيها اسم الشيخ علي.

اليوم وبعد انتخابات نائب الرئيس، يقول خلف إنه سيتحول إلى صفوف المعارضة بعد أن خذلته الحكومة بل «كذبت» عليه على حد وصفه، ولم تمنحه أصواتها وهو الذي خسر الكثير من صداقاته النيابية من أجل عيون الحكومة.

ترى ماذا سيضير الحكومة لو أنها أبلغت دميثير أنها لن تصوت له، وكانت صريحة معه، بدلا من أن «تضحك» الناس عليه، وتضحكهم أكثر على نفسها عندما بدت كمن ينكث بالوعد و«يقص» الحبل بالحلفاء والأصحاب، وهو الأمر الذي جعل حليفا استراتيجيا كخلف يقول قبل يومين «اكتشفت أن الاستجوابات ظاهرة صحية وعلى وزير الداخلية صعود المنصة أو الاستقالة» وهو الذي لم يؤيد يوما أي استجواب طوال حياته البرلمانية إن لم تخني الذاكرة.

ما جرى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحكومة تتفنن في كسب العداءات والخصوم، وتبدع في خسارة الأعوان والأصدقاء، بل إنها وفي أحيان كثيرة تكون وبالا على حلفائها، وخيرا على معارضيها، ولعل ما حدث في الانتخابات الماضية عبر سقوط أكثر من حليف حكومي، ونجاح بعض معارضيها، خصوصا من حاولت أن تضرهم باعتقالهم أو تشويه سمعتهم عبر الإعلام الفاسد، يذكرنا بقصة ذلك «الدب» الذي حاول هش ذبابة حطت على رأس صاحبه، فعندما لم يستطع قام برميها بحجر كبير فطارت الذبابة لكنه قتل صاحبه.

كذلك فإن موقف الحكومة من انتخابات اللجان جسد حالة «البلادة» الحكومية في الاستفادة من تجارب الماضي، وزاد من نقمة عدد من النواب «المؤثرين» لمصلحة آخرين حضورهم يشبه غيابهم، فهي قد رمت بثقلها للتصويت للبعض في عدد من اللجان، واستفزت البعض الآخر وأضافت كمّاً كبيرا من «الاحتقان» تجاهها، خصوصا أننا نتحدث عن لجان غير دائمة وبعضها غير مؤثر، أضف إلى ذلك أن دور الانعقاد يوشك أن ينتهي، فالأولى أنها أجلت هذا الانحياز إلى بداية الدورة القادمة لأنها هي المحك.

في نهاية الأمر، فإن خلف دميثير يبقى صوتا من ضمن خمسين صوتا آخر، لكن الحكومة بهذه الحركة لم تحسب حسابا ليوم قادم قد يعادل فيه صوت «أبو مشعل» مئة صوت، وهو اليوم الذي إن جاء وخلف مازال في صفوف المعارضة، ولم يخضع لأي ضغط سيمارس ضده، فإنه سيثبت للحكومة قبل غيرها بأن بيع الحلفاء في سوق المساومات والترضيات السياسية، أسلوب لا يمكن أن يطبق مع جميع النواب، إلا إن رضي خلف لنفسه أن يكون «دواء جمعة» لا يسر ولا يضر، فهذا أمر آخر.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top