فارس اسكندر حوّل التابوت إلى فراش حب... الحياة التانية لغدي غانم تعتدي على حرمة الموت
هل وصل الإسفاف الفني هذه الأيام الى حدّ أن يستلهم الشعراء من التابوت كلمات أغنياتهم وليكون مسرحاً لقصة حب لا يمكن أن تصدَّق لا من قريب أو من بعيد؟ ارتسمت علامة الاستفهام هذه بعدما أدى خريج {ستوديو الفن} غدي غانم أغينة {الحياة التانية} على مسرح البرنامج في حفلته ما قبل الأخيرة، فأثار الاستغراب والاشمئزاز.{أنا والله مش خايف موت، قولي انتي خيفانه أوعى تكوني خيفانه، أنا بدي عقلبك فوت نعيش الحياة التانية وحبك للمرة التانية، ويبكوا علينا الناس الخوت، مبسوطة وحدّك مبسوط، لما بوسك بالتابوت، بحس شفافك ولعانه، ولعانه وكلك ولعانه}. إنها كلمات أغنية غدي غانم الجديدة التي شكّلت صدمة ليس للمشاهدين فحسب إنما لأعضاء لجنة التحكيم الإعلامية فتهامسوا حول مغزاها وكذلك مفرداتها مستغربين الفكرة التي أراد الكاتب إيصالها.
ليت المخرج سيمون أسمر أشار الى أن اختيار غانم هذه الأغنية لم يكن صائباً، علماً أنها جعلت منه مادة دسمة للصحافة التي تحدّثت عن موضوع الأغنية فور عرضها على الشاشة وبثّها عبر أثير الإذاعات، ما جعل اسم غدي غانم يحتل صفحات المجلات. يُذكر هنا أن أسمر صنع نجوماً لمع اسمهم منذ تخرّجهم في {ستويو الفن} في دوراته السابقة وما زالوا يحتلون الصدارة على الساحة الفنية العربية نظراً إلى حسن اختيار أعمالهم الغنائية. لذا نتساءل كيف سمح {صانع النجوم} بتمرير هذه الأغنية؟ اشمئزازماذا قصد الشاعر فارس اسكندر في جملة {مبسوطة وحدّك مبسوط، لما بوسك بالتابوت، بحس شفافك ولعانه، ولعانه وكلك ولعانه}؟ ألم يجد أفضل من التابوت والموت ليعبّر عن عمق مشاعر الحبيب تجاه شريكته؟ أم أن الأفكار نفدت لدى الشاعر الشاب فحوّل الموت الذي لا يجوز أمامه سوى الصلاة والصمت، إلى ساحة للرقص والحماسة والتصفيق، هو الذي تفوّق برومنسيته على زملائه في أغنية {عبالي} لإليسا، وبجرأته في أغنية {جمهورية قلبي} لوالده الفنان محمد اسكندر، وحاكى وجع المرأة في أغنية {فوق جروحي} لنوال الزغبي؟ ليس مقبولاً انتهاك حرمة الموت بهذه الطريقة، فالعشق والهيام أجمل ما في الحياة، لكن أن يتحوّل التابوت في الأغنية إلى فراش لممارسة الحب فهذا أمر مثير للاشمئزاز ولا يرفضه المستمع أو الناقد فحسب إنما تحرّمه الأديان السماوية أيضاً.يرى ملحّن الأغنية سليم سلامة أن ما يثار حولها ليس له معنى لأنها مجرّد أغنية إيقاعية جميلة تعبّر عن مدى عشق الحبيب لحبيبته إلى درجة أنه يفضّل الموت في حال أصابها مكروه ليرافقها إلى الحياة الثانية بدلاً من العيش في الحياة الدنيوية، مشيراً إلى جرأة كلمة تابوت وتوقّعه سلفاً أن ردود الفعل تجاهها ستتراوح بين مؤيد ومعارض، ومؤكداً أن الأغنية لاقت نجاحاً منذ عرضها على الشاشة للمرة الأولى.رأي الدينيأسف الأب شربل بو عبود للمستوى الذي وصل إليه مضمون الأغنيات راهناً، إلى درجة انتهاك حرمة الموت والمقدّسات، يقول: {لا يجوز أمام الموت سوى الصلاة والدعاء لهذه الأجساد التي تذهب للقاء ربّها في السماوات}.كذلك، يعتبر أن مضمون هذه الأغنية يعارض بشكل كبير اللاهوت المسيحي والدين الإسلامي، ويضيف: {ليس ثمة أي ضمانة للقائنا ببعضنا البعض في الحياة ما بعد الموت ومن المؤسف تحويل التابوت إلى مكان للغزل والحب والعشق}. يصف بو عبود {الحياة التانية} بأنها مجرّد صف كلمات لا أكثر ولا أقل، وهي ليست أغنية دينية ليحاسب القيمون على مضمونها، متمنياً على كل شاعر ومغنٍّ أن يدرك الرسالة التي يوصلها إلى الشباب ومدى تأثيرها على مبادئهم ومعتقداتهم ومشدداً على ضرورة احترام الأديان السماوية وحرمة الموت.يُذكر أن غدي غانم كان قدّم منذ فترة وجيزة أغنية بعنوان {زيحوا من طريقا}، وهي من اللون الشعبي وحقّقت نجاحاً نظراً إلى بساطة كلماتها وواقعيتها.