كيف تحتفظ بمقعدك في الدرجة الأولى

نشر في 02-03-2010
آخر تحديث 02-03-2010 | 00:00
 عبدالحميد العوضي المتابع لأنشطة الشركات العالمية وما تنشره وسائل الإعلام من أخبار ومعلومات قد تكون في بعض الأحيان غريبة ومدهشة للقارئ على سبيل المثال، قامت شركة Toyota مؤخراً بسحب آلاف السيارات من الأسواق، بسبب عدم مطابقة شروط الأمان والسلامة، ووقف الرئيس التنفيذي اكيو تويودا أمام الكونغرس الأميركي مبدياً أسفه واعتذاره، وعزا الاسباب الى ان الشركة تجاهلت المشاكل لسنوات، وهنا نتساءل ما هو الدافع الذي جعل اصحاب تلك الشركة لاتخاذ مثل تلك القرارات الجريئة والمواقف الشجاعة، لا ريب في أنهم كانوا أمام تحديات صعبة واختيارات معقدة، وكانوا أمام مسؤوليات كبيرة تجاه زبائنهم لتقديم الجودة والأفضل، كما تحتم عليهم المسؤولية الأخلاقية التعامل بكل شفافية ومصداقية تجاه مجتمعاتهم للحفاظ على سمعة الشركة دولياً، ومن جانب آخر نجد بعض الشركات تسبب أعمالها إضراراً بالبيئة والصحة والسلامة، إما بسبب ضعف منتجاتها أو سوء إدارتها التي تتكتم على مثل هذه الأمور وتخلي قيادييها عن مسؤولياتهم الأدبية، ونسأل هنا أيضاً عن الدافع الذي جعل هذه القيادات تتخذ تلك المواقف اللاأخلاقية.

عندما تتعرض أي شركة أو مؤسسة لعدة إخفاقات متتالية وتكون إخفاقات تتعلق بتحقيق أهداف استراتيجية فهناك معادلة قديمة وتقليدية لمعالجة وتقويم مثل هذه الأمور، حيث يتم تغيير المسؤول الأول أو الرئيس التنفيذي وأحياناً الفريق الذي يعمل معه بقدر يتناسب مع حجم الخسائر والإخفاقات.

في منتصف عام 2007 تعرضت شركة بريتيش بتروليوم BP العالمية للعديد من الانتقادات بسبب المشاكل مثل انفجار في إحدى مصافيها وانفجار أحد الأنابيب القديمة وتأخر بعض المشاريع الاستراتيجية لشركة BP عدا اتهام الحكومة الأميركية للشركة برفع أسعارعقود البنزين والغاز المسال

(المصدر واشنطن بوست يناير 2007)، وعلى ضوء ذلك تم تعيين رئيس تنفيذي جديد لشركة BP.

واضطرت شركة شيفرون (Chevron) التي تعتبر ثاني أكبر شركة أميركية إلى تعيين رئيس تنفيذي جديد بعد إخفاق الشركة في قضايا عديدة في الإكوادور في سبتمبر 2009م؛ وكذلك الحال في المكسيك حيث قامت الشركة الوطنية Pemex بتعيين رئيس تنفيذي في سبتمبر 2009.

هذا على مستوى الشركات العالمية الكبرى أما على مستوى الشركات العالمية الوطنية، فقد أقدم رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق بإحالة الرئيس التنفيذي لشركة بتروناس (Pertonas) الوطنية الماليزية بالرغم من نجاحها إلى التقاعد المبكر في (فبراير 2010) وتعيين رئيس تنفيذي جديد هو أزهر عباس، وكان مسؤولا عن قطاع النقل، وكما هو معروف أن ماليزيا تعتمد على 50 في المئة، من عائداتها النقدية على شركة بتروناس بالرغم من قرب الرئيس التنفيذي السابق من رئيس وزراء ماليزيا الأسبق الشهير السيد مهاتير محمد.

إن مثل هذه التغييرات مطلوبة وضرورية أحياناً خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإخفاقات استراتيجية تعكس مستوى الأداء مثل تأخر تنفيذ المشاريع الكبرى وفق المخطط لها وضياع الأسواق التقليدية وتذمر الزبائن وخروج شركاء  وتجاهل المشاكل، لقد زارت الكويت مؤخرا رئيسة وزراء بنغلاديش حسينة واجد في فبراير2010، ولكن للأسف لم يبادر أي مسؤول نفطي بمستوى الرئيس التنفيذي او العضو المنتدب للتسويق للقاء بها او بالوفد المرافق حيث كانت فرصة عظيمة لحل المشاكل المتعلقة بخسارة كميات كبيرة من المشتقات النفطية كانت تزودها الكويت منذ عام 1985 بينما نجد الحرص للذهاب الى اقصى شرق اسيا دون المرور ببنغلاديش ولم نسمع ان العضو المنتدب للتسويق او الرئيس التنفيذي قاما بزيارة هذا الزبون المهم من قبل. إن كل شركة في العالم معرضة للإخفاق والفشل في مرحلة من المراحل إلا ان البعض يحاول التنصل وإلقاء اللوم والتهم على الآخرين او تحميل التأخير على جهات رقابية، الكونغرس الاميركي من اشد المجالس النيابية في العالم في ما يتعلق بالبيئة، عاقب اكبر شركاته النفطية عام 1992 ولم يسمح حتى الان ببناء مصاف جديدة داخل اميركا، ولكن هذا لم يمنع تلك الشركات العظمى من العمل والتقدم، كيف نستفيد ونتعلم من الأخطاء دون تكرارها، كيف نجعل نقطة الفشل هي نقطة انطلاق جديدة برؤية جديدة بدماء جديدة، ولقد طالب سمو رئيس وزراء الكويت المجلس الاعلى للبترول بالاستعانة بالخبرات النفطية العالمية، ونحن نطالب سموه بالمزيد لتحسين الأوضاع النفطية من الداخل على نحو يدفع  بمؤسسة البترول الكويتية لتتبوأ مكانتها العالمية بين الشركات العظمى كما كانت، وليكون لنا مقعدا في الدرجة الاولى بين المنافسين، هناك أفق سياسي عال يطالبنا بأن تكون الكويت مركزاً مالياً واقتصادياً رائداً والجهد النفطي يمثل 90 في المئة.

* خبير في تكرير وتسويق النفط

back to top