رأي نفطي : مؤسسة البترول الكويتية إلى أين؟

نشر في 16-02-2010
آخر تحديث 16-02-2010 | 00:00
 عبدالحميد العوضي ذكرت إحدى الصحف المحلية الأسبوع الماضي، أن لدى الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية نيةً لزيارة دول شرق آسيا بعد خسارة قطاع التسويق العالمي العديد من العقود النفطية المهمة خلال فترات قريبة، ونتساءل هنا: هل مهام الرئيس التنفيذي استعادة تلك العقود التي فقدها قطاع التسويق العالمي، أم مهام العضو المنتدب للتسويق في إبرام العقود والمحافظة عليها ووضع استراتيجيات تعزز الوضع التنافسي التسويقي لمؤسسة البترول الكويتية وكسب رضاء الزبائن؟

على الرئيس التنفيذي تحديد المسؤوليات والبحث داخل أروقة المؤسسة عن اسباب هذه الاخفاقات، وتقدير الخسائر والنتائج المترتبة عليها.

هناك كمٌّ هائلٌ من الجهود تبذلها الشركات النفطية خلف هذه العقود، لتحقيق عناصر البيع المختلفة، فشركة نفط الكويت (KOC) تعمل على إنتاج النفط الخام وتوفير الكميات سواء للبيع المباشر أو للتكرير داخل الكويت، وهناك موظفون كثيرون يعملون في الحقول ومراكز التجميع والإدارات المختلفة لتوفير ثلاثة ملايين برميل يومياً، وشركة البترول (KNPC) الوطنية قد تضيع جهودها بما تنتجه مصافيها الثلاث لتكرير النفط الخام لإنتاج مشتقات بترولية تضعها تحت تصرف قطاع التسويق بإمرة العضو المنتدب للتسويق العالمي لإبرام عقود طويلة، تتيح لها التخطيط السليم للتصنيع من حيث النوعية والكم، كما تعمل ادارات عديدة في صمت داخل التسويق من اجل شروط تعاقدية افضل.

جهود شركة ناقلات النفط الكويتية (KOTC) واضحة، لجهة ما تقدمه بأسطولها البحري الذي استثمرت في بنائه وصيانته ملايين الدولارات، لإعطاء المؤسسة وضعاً تنافسياً أفضل للتحكم ونقل النفط والغاز والمنتجات البترولية، والاسطول يعتبر مصدرا آخر للدخل الوطني قد يفقد فاعليته بسبب ارتباطه بتلك العقود النفطية، فهل حقق العضو المنتدب للتسويق اعلى قيمة ممكنة لنواتج عمليات الانتاج والتكرير والنقل من خلال الاتفاقيات؟

أغلب العقود الملغاة تتركز في الجزء الأعلى والأغلى سعرا بين المنتجات البترولية، مثل النافثا ووقود الطائرات والديزل، وهي تمثل مجتمعة الشريحة الكبرى من برميل النفط الخام المكرر في المصافي الثلاث، وتحتم الاقتصادات زيادة إنتاج هذه الشريحة لتعظيم العوائد المادية وزيادة ربحية المصافي، لأنها تعمل كمركز ربحي، وعند توقف إحدى هذه المصافي لسبب تشغيلي، هل نتوقع على سبيل المثال زيارة الرئيس التنفيذي برفقة العضو المنتدب للتكرير لإعادة تشغيلها؟

الرئيسان التنفيذيان السابقان لمؤسسة البترول الكويتية هما علمان نفطيان عاليان ومشهوران عالميا، ورغم خبرتهما الطويلة في مجال التخطيط والتسويق العالمي، فإنهما لم يتدخلا في أعمال التسويق العالمي، وقد يعود السبب إلى أن القطاع في ذلك الوقت كان يمتلك الخبرة والكفاءة العالية التي تؤهله للحفاظ على العقود النفطية واستمراريتها، وجلب عقود جديدة، ولم يسجل قطاع التسويق يوما تراجعا ملحوظا في فقدان هذا الكم من العقود مثلما يحدث الآن.

الرئيس التنفيذي يبدو أنه لم يحذُ حذوَ الرئيسين التنفيذيين رغم وجوده معهما سنوات عديدة في مجلس إدارة المؤسسة، إذ كان مسؤولا عن شركة (PIC) وهي شركة متخصصة في مجال إنتاج الملح والكلورين والأسمدة والبتروكيماويات، وليست لديه خبرة سابقة في مجال إنتاج الغاز والنفط واستكشافه وتكريره ونقله وتسويقه، لذلك فهو يعتمد على إدارته للمؤسسة على عدة قياديين في تلك المجالات، لكن عملية التدوير في عام 2007 يبدو أنها لم تحقق مصالح المؤسسة للتقدم إلى الأمام، فمازالت هناك مشاريع نفطية مؤجلة وحقول في الشمال متوقفة وزبائن كبار تُلغى عقودهم وشريك استراتيجي كبير ينسحب وسفن عملاقة تُبنى للاستخدام الاستراتيجي اكثر من تلك المستخدمة للوفاء بالعقود، ولا نستطيع توظيفها للاستخدام لدول اسيا أو أميركا بسبب غياب جرأة اتخاذ القرارات.

إذاً، من واجبنا توجيه نصيحة إلى الرئيس التنفيذي، وهي أن يعطي لرؤساء المكاتب الخارجية التابعة للتسويق العالمي دوراً أكبر، فهناك شباب على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة لتصحيح وإعادة الأمور إلى مسارها، فهذا دورهم وهم الاقرب إلى الزبائن، وهم موجودون في مكاتبنا المنتشرة حول العالم بطوكيو ولندن وسنغافورة وكل المكاتب الخارجية، ونقول للرئيس التنفيذي إن المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، إذ سبق له زيارة إندونيسيا ولم يستقبله هناك مسؤول كبير حسب ما ورد في الصحافة.

لا نقول للمؤسسة كيف تحافظ على العقود النفطية، لكن من حقنا ان نسأل كيف ولماذا خسرتها؟

* هندسة كيميائية - تخصص تكرير وتسويق النفط 

back to top