القضاء يؤكد عدم جواز الجمع بين المنصبين

نشر في 16-03-2010 | 00:01
آخر تحديث 16-03-2010 | 00:01
No Image Caption
المحكمة أكدت عدم دستورية اعتبار طلال الفهد مستقيلاً من وقت تطبيق القانون وضرورة تخييره
أكدت المحكمة الدستورية أمس سلامة الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 5 لسنة 2007، وهو ما يعني تأكيد المحكمة الدستورية عدم جواز الجمع بين الوظائف القيادية ورئاسة الهيئات الرياضية، لكنها قضت أيضاً في حكمها الصادر أمس بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة، والتي تعتبر كل مَن يجمع بين الوظيفة القيادية ورئاسة هيئة رياضية مستقيلاً، وذلك لأنه كان يتعين التخيير عند تطبيق القانون بين المنصبين.

أسدلت المحكمة الدستورية أمس الستار على قضية إقالة الشيخ طلال الفهد من منصبه كنائب لمدير الهيئة العامة للشباب والرياضة، لجمعه بين المنصب في الهيئة كنائب المدير العام ورئاسته لمجلس إدارة نادي القادسية المنحل، إذ رفضت المحكمة الدستورية الدفاع المقدم من الشيخ طلال الفهد باعتبار أنه المقصود شخصياً بالمادة الخامسة من القانون رقم 5 لسنة 2007، والتي انتهت إلى عدم جواز الجمع بين المنصبين القيادي في الهيئة العامة للشباب والرياضة ورئاسة أو عضوية أي نادٍ أو هيئة رياضية، وأكدت حق مجلس الأمة في إصدار القوانين ومنحه السلطة التقديرية، مؤكدة في الوقت ذاته أن الجمع حسب النص التشريعي محظور بين المناصب القيادية ورئاسة أو عضوية الأندية أو الهيئات الرياضية، وأن الهدف من حظر الجمع جاء دفعا لمظنّة التأثير على حسن أداء الهيئات الرياضية وتنزيهاً  لمَن يعملون في الوظائف القيادية وأزكى لهم وتوطيدا للثقة العامة بهم.

في حين قبلت المحكمة الدستورية الجزء الثاني من دفاع الشيخ طلال الفهد من أن الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من قانون الرياضة اعتبرت مَن يكون جامعاً للمنصبين القيادي وعضوية الأندية في حكم المستقيل، واعتبار هذه المادة مخالفة لنصوص الدستور، ومن شأنها المساس بحرية العمل المنصوص عليها في الدستور، وأنه كان يتعين تخيير الشيخ طلال الفهد قبل إقالته من منصبه بين الوظيفة القيادية في الهيئة العامة للشباب والرياضة أو البقاء في رئاسة نادي القادسية لاعتباره مستقيلاً بمجرد تطبيق القانون.

الحيثيات

وقالت المحكمة الدستورية التي أصدرت حكمها برئاسة المستشار يوسف غنام الرشيد وعضوية المستشارين فيصل المرشد وراشد الشراح وخالد سالم وصالح الحريتي: "وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني على نص الفقرة الأخيرة من المادة (5) المشار اليها مخالفته لأحكام المواد (7) و(8) و(41) من الدستور، اذ أهدر هذا النص حقوق الموظف التي اكتسبها من عمله بالوظيفة الحكومية بعزله منها دون أن يقترف أي ذنب يوجب ذلك، وجعل العمل التطوعي في مرتبة تعلو على الوظيفة العامة، واعتبر شاغلها مستقيلاً من وظيفته بقوة القانون مع إبقائه في العمل التطوعي، وكان الأدعى أن يكون مثل هذا الأمر منصرفا إلى العمل التطوعي لا إلى الوظيفة، وأن يكون العمل في الوظيفة هو الأصل، والاستثناء هو العمل التطوعي لا إنهاء خدمة الموظف إنهاء مبتسرا وحرمانه من أجره الذي يعد مصدر الرزق الأساسي له، أو أن يتم تخييره بين الاثنين، وهو ما استنّه المشرع في المادتين (13) و(14) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، في حالة جمع عضو مجلس الأمة بين عضوية المجلس وعضوية المجلس البلدي أو تولي أي وظيفة عامة، إذ ترك له خلال أجل معين أن يحدد أي الأمرين يختار، فإن لم يفعل، اعتبر مختارا لأحدثهما. وهو ما يعيب النص المطعون فيه ويستوجب القضاء بعدم دستوريته لتصادمه مع حرية العمل، وإهداره لحق الشخص في اختيار نوع عمله".

 

الاختيار للعمل

 

وأضافت المحكمة الدستورية "إن هذا الوجه من النعي - في أساسه - سديد، ذلك أن الأصل في العمل إن يكون إراديا قائما على الاختيار الحر فلا يحمل الفرد على العمل جبرا، أو يدفع اليه قسرا، ولا يُفرَض عليه عنوة، على نحو ما تضمنته المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الانسان، وحرص على تأكيده الدستور الكويتي في المادة (41) منه بالنص على أن "لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه". وبالنص في المادة (42) على أنه "لا يجوز فرض عمل إجباري على أحد في الأحوال التي يعينها القانون لضرورة قومية وبمقابل عادل"، دالا بذلك على أهمية حرية العمل باعتبارها من الحقوق الطبيعية، وهي في مصاف الحريات العامة المتفرعة من الحرية الشخصية التي كفلها الدستور في المادة (30) منه، والتي لا يجوز مصادرتها بغير علة، أو مناهضتها دون مسوغ، أو تقييدها بلا مقتض، ولازم ذلك أنه يتعين على المشرع ألا يفرض تحت ستار أي تنظيم قيودا يصل مداها إلى نقض هذا الحق أو الانتقاص منه، أو إفراغه من مضمونه.

 

التخيير

 

وقالت المحكمة: "وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان المشرع بمقتضى النص المطعون فيه قد فرض على الشخص جبرا - بقوة القانون - عملا هو في حقيقته يتعلق بالنشاط الحر، ويفترض فيه أنه عمل تطوعي وبدون مقابل، مهدرا حقه الطبيعي في أن يختار لنفسه نوع عمله، ومسقطا حقه في الخيارين بين الاستمرار في عمله بالوظيفة العامة وبين عمله التطوعي، وذلك بإقصائه من وظيفته العامة واعتباره مستقيلا منها، وإنهاء خدمته إنهاءً مبتسرا، وحرمانه من أجره الذي يعتبر مصدر الرزق الأساسي له، مع استبقائه في العمل التطوعي دون إرادة صريحة منه، مما يغدو معه النص المطعون فيه مخالفا لأحكام الدستور المنصوص عليها في المواد (30) و(41) و(42)، ويتعين من ثم القضاء بعدم دستوريته في هذا الشق".

فلهذه الأسباب، حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون رقم (5) لسنة 2007 في شأن تنظيم بعض أوجه العمل في كل من اللجنة الأولمبية الكويتية والاتحادات والأندية الرياضية، وذلك في ما تضمنته هذه الفقرة من اعتبار الشخص مستقيلا من وظيفته القيادية بأي من مجالس إدارة الهيئات الرياضية إذا جمع بين العمل في هذه الوظيفة وعضوية مجلس الإدارة في أيّ من مجالس إدارة هذه الهيئات، التي جاء نصها على أنه "فإن جمع الشخص بينهما اعتبر مستقيلاً من هذه الوظيفة بحكم القانون من تاريخ تحقق حالة الجمع".

وبكل وضوح لم تقم المحكمة الدستورية إلا بالقضاء بعدم دستورية الفقرة التالية "فإن جمع الشخص بينهما اعتبر مستقيلا من هذه الوظيفة بحكم القانون من تاريخ تحقق حالة الجمع"، وهي الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة ولم تقضِ المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الخامسة التي تحظر الجمع والتي مازالت مستمرة في التطبيق وكل ما يستلزم الآن هو تخيير الشيخ طلال الفهد بين منصبه كنائب لمدير الهيئة العامة للشباب والرياضة أو البقاء في منصبه كرئيس لمجلس إدارة نادي القادسية المنحل، وهو ما يعني استمراره كطاعن أمام محكمة التمييزعلى قرار حل مجلس إدارة نادي القادسية بهدف إلغاء القرار الصادر بحل النادي من الهيئة والعودة مجدداً كرئيس لنادي القادسية.

 تساؤل

ويطرح حكم المحكمة الدستورية تساؤلاً مهماً يتعين التفكير فيه، وهو أنها استعانت بالدفاع المقدم من الشيخ طلال الفهد، من أن النائب في مجلس الأمة حسب اللائحة الداخلية يُخير بين عضوية البرلمان أو الاستمرار في بعض الوظائف، وبالتالي فما هي المدة المقررة الآن لتخيير الشيخ طلال الفهد؟ فهل يتعين خلال شهر مثلاً أن يختار أي المجالين يريد الوظيفة العامة أو العمل التطوعي؟ خاصة أن الحكم الدستوري أكد أهمية التخيير، وبالتالي فإنها مدة مؤقتة لا يتعين أن تكون طويلة، لاسيما أن المشرع أكد حظر الجمع بين المجالين، الاستمرار في الوظيفة العامة أو القيادية ورئاسة الأندية.

حظر الجمع

 

من جانب آخر، وضعت المحكمة الدستورية مبادئ مهمة للرد على طعن الشيخ طلال، وهي تأكيد عدم جواز الجمع بين المجالين، وسلامة الفقرة الثانية من المادة الخامسة بقولها: "إن المشرع - في مجال تنظيمه لبعض أوجه العمل في كل من اللجنة الاولمبية الكويتية والاتحادات والأندية الرياضية - قد ارتأى في حدود سلطته التقديرية التي خوله الدستور إياها ألا يجمع أي شخص بين عضوية مجلس الإدارة في أيّ من مجالس إدارة الهيئات الرياضية والعمل في وظيفة قيادية بأجر أو مكافأة بأي من الهيئات التي لها علاقة بإدارة شؤون الشباب والرياضة، دفعاً لمظنّة التأثير على حسن أداء هذه الهيئات، فحظر المشرع هذا الجمع تنزيهاً لمن يعملون في هذه الوظائف عن المظنة باعتبار أن هذا الأمر أكفل لقيامهم بواجباتهم الوظيفية وأزكى لهم، وان في ذلك توطيدا للثقة العامة بهم، وأفرغ المشرع هذا الشرط في قاعدة مجردة يتساوى أمامها الكافة، ومن ثم فإنه لا يكون قد خرج عن الحدود التي رسمها له الدستور. مما يغدو ما ينعاه الطاعن على النص بهذا الوجه غير سليم.

back to top