«صح النوم» يا شيخ أحمد

نشر في 23-04-2010
آخر تحديث 23-04-2010 | 00:01
 د. صلاح الفضلي   يروى أن امرأة في منتصف العمر كان لها ولد عاق، وعندما ضاقت المرأة بتصرفات ابنها العاق قررت أن تشكوه للوالي، فذهبت إليه وشكت إليه حالها مع ولدها، فأرسل "الآغا" معها اثنين من "الجندرمة" ليحضرا ولدها أمامه، ولما خرجت الأم من دار الحاكم أخذتها الرقة بولدها وخافت عليه من عقاب "الآغا"، فوقع نظرها على رجل يكبرها في العمر، فأشارت "للجندرمة": هذا ابني، فأخذه الجندرمة للوالي فلما رآه الوالي صرخ به "أدب سز، لماذا تضرب أمك يا عاق، الحين أنا يؤدبك"، وقرر ضربه عشريـن جلدة، فبهت الرجل وقال للوالي: "مولانا هذي مو أمي، وشلون تصير أمي وأنا أكبر منها"، فصاح به الآغا "ها جمالة أنت ينكر أمك؟ سوي هذا جلدات خمسين"، فضرب الجندرمة الرجل المسكين خمسين جلدة، وقال الآغا للرجل: "أنت لازم يتأدب، وما تأذي أمك مرة ثانية". ولما رجع الرجل إلى البيت سأله أخوه عن القصة، فأخبره بالخبر، فقال له الأخ، وكيف تكون ابناً للمرأة وأنت أكبر منها، فرد الرجل: "أنا أدري بس روح فهم الآغا".

هذا المثل يضرب عادة عندما لا يستطيع شخص تصديق الأمور البديهية لقلة عقله أو سذاجته. تذكرت هذا المثل وأنا أقرأ جواب وزير النفط والإعلام الشيخ أحمد العبدالله على سؤال عن الفساد، حيث كان جوابه: "ليس للفساد تعريف واضح بعد، وبالتالي لا نستطيع الكلام في كلام غير واضح، وعندما يعرفون الفساد نتحدث عنه". ما شاء الله عليك يا شيخ أحمد، أخاف أحسدك على هذا الجواب المقنع، وإن شاء الله يحميك من عيون الحساد والمتربصين، وحتى لا يفهم أحد كلام الشيخ أحمد بصورة خاطئة أقول إنه من الواضح أن الشيخ أحمد ضد الفساد على طول الخط، ولكنه فقط يحتاج إلى تعريف علمي دقيق يجمع عليه العلماء والباحثون والقانونيون، فالرجل لا يريد أن يظلم أحداً متهماً بالفساد حتى لو أخذ رشوة أو اختلس من المال العام، لأنه قد يتبين عندما يصل العلماء إلى تعريف دقيق للفساد أن الرشوة والاختلاس لا ينطبق عليهما تعريف الفساد. الحمد لله الذي جعل وزراءنا من التقوى بحيث إنهم لا يتسرعون في كشف الفساد، فقد يتبين بعد تعريف الفساد بعد عشرين أو ثلاثين سنة أن من تدور حولهم شبهات الفساد أناس اجتهدوا فأخطؤوا، فعلى الأقل لهم أجر. الشيخ أحمد لا فُض فوه، وكف عنه حاسدوه، لا يريد سوى التعريف الدقيق والدليل القاطع ليبدأ بمكافحة الفساد، وكون تقرير منظمة الشفافية العالمية بيَّن أن الفساد في دولة الكويت ازداد وتراجع مركز الكويت في الشفافية من المركز 35 في عام 2003 إلى المركز 66 في عام 2009 فإن هذا لا يعد دليلاً كافياً على انتشار الفساد في الكويت، لأنه ربما يكون لهذه المنظمة مصالح أو عداوات شخصية مع مسؤولينا في الحكومة، ويريدون أن يصفوا حساباتهم معهم من خلال هذا التقرير. ثم ما الضير أن ننتظر بضع سنوات حتى يصبح هناك إجماع على تعريف مجمع عليه للفساد، حتى يكون عملنا علمياً رصيناً. وأخيراً لماذا يصدق الناس الإشاعات عن وجود فساد في مؤسسات الدولة؟ هل اعترف أحد أنه هو المدعو "فساد"؟ ومادام لم يعترف أحد بذلك فيجب ألا نلتفت إلى هذه الأقاويل والشائعات التي تريد أن تنال من سمعة بلدنا.

قبل أن أقرأ تصريح الشيخ أحمد العبدالله كنت متخوفاً من جدية الحكومة في تطبيق خطة التنمية ومحاربة الفساد، ولكن بعد هذا التصريح أصبحت مطمئناً أن التنمية ومحاربة الفساد بأيد أمينة "مفتحة باللبن". وإذا كان الشيخ أحمد العبدالله بهذه الدقة والحرص في العمل فأتمنى على الشيخ ناصر المحمد إسناد وزارتين إضافيتين للشيخ أحمد العبدالله لأنه وزير "سوبر"، قديماً قالوا: "إنكار الواضحات من الفاضحات"، وإذا كان هذا منطق وعقلية وزرائنا فالله يرحم حالنا.

تعليق: لم أستغرب الخبر الذي أعلنته مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن إقامة "حلقة نقاشية" في ربوع باريس لسبعة عشر قيادياً من وزارات الدولة المختلفة بالتعاون مع إحدى المؤسسات البحثية الفرنسية، حيث تناولت الندوة نشأة الاتحاد الأوروبي. أما كان من الأجدى دعوة الباحثين الفرنسيين، بدلاً من إرسال فريق كامل من القياديين إلى فرنسا؟ وبالتالي ما استفادة هؤلاء القياديين من مناقشة تجربة الاتحاد الأوروبي، أم أن الأمر وما فيه عبارة عن رحلة سياحية على حساب المؤسسة، كما هي الحال مع رحلة هارفارد الصيفية المعتادة؟!

back to top