سعيد بأني كويتي... ولا افتخر


نشر في 28-01-2010
آخر تحديث 28-01-2010 | 00:00
 ضاري الجطيلي تعليقات الكتّاب على تصريح النائبة معصومة المبارك في مقابلة صحفية أنها تفتخر بكونها شيعية ذكرتني بملصق السيارة الذي انتشر في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، ويحمل شعار «أفتخر بأني أميركي» ومع التماس العذر للأميركيين في الموجة العاطفية التي لفتهم إثر محنة الهجمات الإرهابية، فإنني كنت أتساءل في كل مرة أرى فيها الملصق: كيف يفتخر المرء بانتمائه؟ وهل يمكن للإنسان أن يفتخر بأمر لم يصنعه بل وُلِـدَ عليه؟

وقبل الإسهاب أكثر يتوجب علي الإفصاح بأني لم أقرأ المقابلة، وحاولت البحث عنها كي أفهم السياق الذي أتى به التصريح ولكن لم أجدها، لذلك سأفترض حسن النية والمقصد من النائبة المبارك لإيماني بأنها شخصية وطنية ليست من الصنف الذي يتعيّش على التقسيم والتناقضات كما أشارت التعليقات، حيث ذهب الكاتبان فؤاد الهاشم وحمد سنان إلى اتهام المبارك بتكريس الطائفية وطالباها بالافتخار ببلدها ومواطنتها، بينما برر الزميل ساجد العبدلي بأن تصريحها لا يتناقض مع الوطنية، وأتوقع أن لدى النائبة شرحها وتبريرها، ولكن الأهم من هذا وذاك هو أنهم جميعاً حادوا عن النقطة الأساسية المتمثلة في التساؤل في الفقرة السابقة، ما يبين تغير مفاهيم المشاعر مع الزمن حتى في طريقة التعبير عنها لغوياً.

تتشكل شخصية الإنسان من جانبين: الأول، هو ما يرثه من انتماءات ومعتقدات ويولد عليها. والثاني، هو ما يكتسبه في حياته من خبرات وثقافات، ويبدو منطقياً افتخار الإنسان في الجانب الثاني بما أنجزه بفكره وصنع يديه، ككتاب كتبه أو عمل أنجزه، أو هدف حققه، أو ابن صالح ناجح رباه، ولكن ما المنطق في الافتخار بانتماء ديني أو مذهبي أو عرقي أو حتى قومي؟ ما أستطيع تفهمه هو افتخار الإنسان مثلاً بدخوله في دين أو مذهب ما، كون ذلك افتخاراً باتخاذ القرار والإقدام على خطوة كهذه وليس افتخاراً بالانتماء ذاته، أما الافتخار بأمر لم يصنعه الإنسان ولم يكتسبه بجهده، كالانتماء الديني والمذهبي والعرقي والقومي الذي لم يختره أو يقدم عليه بل ولد عليه، فلا أساس منطقياً وفلسفياً له، لذلك لا يكفي القول «أفتخر بأني كويتي» حتى يصحح مفهوم الافتخار، فحتى «كويتيتنا» لم نخترها، بل ولدنا عليها مصادفة، لذلك فلنعبر عن «سعادتنا» بتلك المصادفة، ونجعل الافتخار بما أنجزه كل منّا ككويتي، فذلك أصح وأدق.

Dessert

مع ذلك، أتفهم نزعة الإنسان العاطفية تجاه تفضيل انتماءاته ومعتقداته على الرغم من عدم موضوعيته، وإن أراد أحدنا التعبير عن ذلك فليقل «أنا سعيد بأني كويتي،» و»أفتخر بأني أخدم بلدي وأعمل بإتقان، واخترت الديمقراطية والحرية نهجاً بينما السائد هو تحجيمهما، وأنبذ العنصرية والفئوية بينما السائد هو التعيّش عليهما، وأرفض إسقاط القروض وهدر ثروة بلدي رغم شعبيتهما»... مثلاً.

back to top