معاشو كرور: الشعر الجزائري يعيش سجال التراث ووهم الحداثة
أكد الباحث د. معاشو كرور أن الشعراء الجزائريين يتفاوتون من حيث أدواتهم الفنية بين الأصالة والحداثة، مشيراً أن القصيدة الجزائرية احتلت موقع الريادة إبان فترة الاستقلال.
لافي الشمري
نظم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محاضرة بعنوان "تطور الأدب الجزائري المعاصر"، تمحورت حول المحور الدلالي للتجربة الشعرية في الجزائر خلال أربعة عقود من الزمن، حاضر فيها د. معاشو كرور، وأدارت الجلسة د. ليلى السبعان. وتحدث د. معاشو كرور عن العلاقة التاريخية بين الجزائر والكويت، مشيرا إلى دور مطبوعات المجلس الوطني ومجلة العربي في نشر موضوعات عن الجزائر المعاصرة، ثم قرأ معاشو ورقته البحثية التي جاءت بعنوان مختلف عما هو معلن "تطور الشعر الجزائري المعاصر"، مركزاً على مفهوم المعاصرة ودلالته في معالجة تطورات الشعر الجزائري، راصداً التحولات التي يمر بها فن الكلام منتجة الخطاب الراهن بكل معجمياته ومجازاته وصوره وإيقاعاته، من بكر حماد التاهري إلى قارف عيسى الجلفاوي، وعلى الرغم من ذلك ظل الإجراء وقفا على ما ستؤول إليه ثنائية الحداثة والمعاصرة، ذلك أن الحداثة في مدلولها الساعي إلى تخصيب آلية التحديث وتخطي المنطق السائد، ونزوعها نحو المغايرة والاختلاف والطرح الجدي، أشعلت فتيل الرهان مع المنتصرين شعريا لمفهوم المعاصرة الضامن لروح العصر وتمثل أدبياته، فهو في نظر المناصرين للحداثة لا يمثل إلا عنصراً جزئيا داخل مجموع الحداثة. ومسألة الفصل بينهما تنتهي عند حدود التوفيق بينهما في ما تختص فيه التجربة المعاصرة من حمولة معرفية وابتداع جمالي. وأشار كرور إلى أن بانوراما الشعر الجزائري المعاصر تحمل خصوصية، والشعر إبداع ضمن إطار الموروث ومحاولة لتأسيس من نوع آخر، ينتجه الخيال ملتحماً بالواقع والذاتي، مندمجاً في الموضوعي، وينبغي لكل نهضة شعرية أن تقوم على ثقافة تمتد إلى الأصول، إلى قرون كاملة من النتاج الحضاري الذي يجب على الشاعر أن يمثله أحسن تمثيل في كتابته. ويضيف: "انتزع الشعر الجزائري موقع الريادة غداة الاستقلال، واستأثر هذا الجيل بتحريك النزعة الوطنية خصوصاً أن المرحلة في سياقها التاريخي والسوسيولوجي استدعت تضافر الجهود للإعلاء من شأن مقومات الأمة الجزائرية "الدين، واللغة، والوطن"، وفي نظر كثير من النقاد أن هذه النصوص جاءت باهتة الظلال خافتة الأصوات، ويتابع: "ان هذه التحديات الموضوعاتية هي بعينها التحديات الزمنية التي سبرت حركية الشعر الجزائري، وكلها تتفق على تأطير التجربة عند جيل السبعينيات والثمانينيات، ثم إن الأحكام المسبقة، هل تدعونا بالضرورة إلى التأطير بالمعالم الزمنية حتى نستوفي شرط المعاصرة، وهل من سجال تراثي مع وهم حداثي؟ أم هو استبيان غير معلن، قصد إزاحة الحدود القائمة بين السلالات الشعرية في عصورها المتزامنة؟ وختم كرور حديثه، مبيناً الهدف من دراسته، في ضبط المحور الدلالي لهذه التجربة الشعرية، وما أنجزته في حقبة العشرية السوداء. وعقب ذلك تم فتح النقاش للحضور، وكان د. نادر القنة الوحيد الذي قام بالتعقيب على ما جاء في الورقة البحثية، مبدياً استغرابه تجاهل المحاضر لإشكالية البحث عن الهوية في الأدب الجزائري.