الشال: سلطات الدولة الدستورية مهتمة بصغائر الأمور
اسم الكاتب
قال التقرير الاسبوعي لشركة الشال للاستشارات ن النشرة الإحصائية الفصلية (يناير– مارس 2010) لبنك الكويت المركزي، المنشورة على موقعه على الإنترنت، تذكر بعض المؤشرات الاقتصادية والنقدية التي تستحق المتابعة وتوثيق تطوراتها، ومن ذلك، مثلاً، تحقيق الميزان التجاري –صادرات سلعية ناقصاً واردات سلعية-، في الربع الأول من العام الحالي، فائضاً بلغ نحو 3469.8 مليون دينار كويتي، بارتفاع بلغ نحو 8.3% عن مستوى فائض الربع الرابع من العام الفائت، نتيجة استمرار تماسك أسعار النفط، وبلغت قيمة صادرات الكويت السلعية، خلال هذا الربع، نحو 4451.6 مليون دينار كويتي، منها نحو 94.5% صادرات نفطية، بينما بلغت قيمة وارداتها السلعية –لا تشمل العسكرية- نحو 981.8 مليون دينار كويتي. وكانت الكويت قد حققت فائضاً، في الربع الأول من العام الفائت (2009)، بلغ نحو 1242.6 مليون دينار كويتي، وارتفع بشكل ملحوظ إلى نحو 2216.6 مليون دينار كويتي، مع بدء ارتفاع أسعار النفط، في الربع الثاني من ذلك العام، وواصل ارتفاعه إلى نحو 2652.1 مليون دينار كويتي، في الربع الثالث، وواصل ارتفاعه الكبير إلى نحو 3203.5 مليون دينار كويتي، في الربع الرابع، وذلك بسبب استمرار ارتفاع معدل أسعار النفط، أي إن الميزان التجاري قد حقق فائضاً، بلغ نحو 9314.7 مليون دينار كويتي، للعام 2009، وهو فائض أدنى بما نسبته -44.1% عن مثيله القياسي المحقق في عام 2008، والبالغ 16674.1 مليون دينار كويتي، كما انخفضت قيمة الواردات السلعية بما نسبته -22.9%، عن مستواها في عام 2008. ومن المتوقع أن يبلغ فائض العام الحالي نحو 13879 مليون دينار كويتي، فيما لو تكرر فائض الربع الأول، وهذا الفائض سيكون أعلى كثيراً من مثيله المحقق، في العام الفائت، بما نسبته 49%. إلا أن توقعنا هذا يرتكز –كما نعلم جميعاً- إلى رقم أولي، يعتمد، في أساسه، على حركة أسعار النفط، وتلك الأسعار تواجه بعض الانخفاض مؤخراً بسبب أزمة أوروبا. كما تشير النشرة إلى أن المعدل الموزون للفائدة على الودائع قد انخفض من نحو 2.505%، في الربع الرابع من العام الفائت، إلى نحو 2.457%، في الربع الأول من العام الحالي، أي إن نسبة انخفاضه ربع السنوي، قاربت -1.9%. وانخفض، كذلك، المعدل الموزون للفائدة على القروض من نحو 5.593%، في الربع الرابع من العام الفائت، إلى نحو 5.288%، في الربع الأول من العام الحالي، أي إن نسبة انخفاضه ربع السنوي، قاربت -5.45%، وهو ما يتفق والاتجاه الهبوطي لسعر الخصم. وبلغ حجم الودائع، لدى البنوك المحلية، في نهاية الربع الأول من العام الحالي، نحو 24.8353 مليار دينار كويتي، محققاً ارتفاعاً عن مستوى 24.1201 مليار دينار كويتي، الذي كان قد سجله، في نهاية عام 2009، ونسبة نمو ربع سنوي قاربت 3%. وارتفعت، أيضاً، بشكل طفيف جداً، مطالب البنوك على القطاع الخاص، في نهاية الربع الأول، إلى ما قيمته 27.1017 مليار دينار كويتي، مما قيمته 27.0152 مليار دينار كويتي، في نهاية العام الفائت، محققة نسبة نمو ربع سنوي قاربت 0.3% بما يؤكد مبدأ التلكؤ في الإقراض الذي يمارسه القطاع المصرفي. ******* أمن الكويت في خطر حقيقي وسلطات الدولة الدستورية مهتمة بصغائر الأمور+++ منها التكسب الشعبي قصير الأمد في جلسة لمجلس الأمة الأسبوع الفائت حول ظاهرة الغلاء، قدمت الحكومة جدولاً لمقارنة الأسعار في الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي لتسع من السلع الأساسية، كانت الكويت، فيما بينها، الأرخص في سلعتين، وثاني أرخص في 4 سلع، وثالث أرخص في ثلاث، ولم تتعد هذا الترتيب، أي الثالث في أي سلعة، وكانت بالقياس المقارن الدولة الأرخص بين الدول الست. ما هو مكان تقصير من الحكومة هو الاعتناء بمؤشر القياس الأدق وهو حركة مؤشر أسعار المستهلك وهو قاطع عند المقارنة، وما هو متوفر في الكويت مؤشر رديء، من ناحية التكوين، ومتأخر التوقيت، وآخر ما نشر هو رقم 2.8% ارتفاع، على أساس سنوي، ولكن عن شهر يناير الفائت، أي بعد 4 إلى 5 شهور، بينما هذا المؤشر منشور عن كل دول العالم، شاملاً دول مجلس التعاون الخليجي معظمها، عن شهر أبريل. وما أغفلت الحكومة نشره مقارنة، هو أرقام الدعم للسلع والمواد الأساسية، والكويت بشكل قاطع أكثر الدول دعماً، وهو نهج سوف يدفع ثمنه بسطاء الناس في المستقبل عندما لا ينفع الندم. وبعد محاولات إسقاط فوائد القروض وإقرار الكوادر والبدلات وتبديد الثروة المؤقتة، كلها، بالاقتراض غير القابل للسداد على حساب حقوق صغار وأجيال قادمة، يحتدم خلاف شديد حول منح المرأة إجازات شبه مفتوحة براتب، وراتب مقابل البقاء في المنزل بدعوى خدمته، في بلد فيه أعلى معدل في العالم من خدم المنازل. لقد أصبح النهج العام هو نهج الحراج على اقتسام الثروة الزائلة، من يستطيع اقتطاع أكبر قدر منها وتوزيعه، أما البناء فقد تحول إلى مجرد مشروعات مكلفة، عند مناقشة وإقرار الخطة السنوية الأسبوع الفائت، قد يصبح عبئها أكبر من نفعها، وستتحول إلى مرتع للفساد إذا كانت من دون هدف واضح لعلاج اختلالات الاقتصاد الهيكلية. إن ما يحدث في أوروبا، حالياً، مجرد مثال متواضع وخجول لما ينتظر الكويت، فإجراءات الإصلاح المطلوبة عالية الكلفة على السواد الأعظم من الناس وعلى السياسيين. ونتائجها هي خفض الرواتب وزيادة الضرائب، وخفض المعاشات التقاعدية، وإلغاء الحد الأدنى للأجور، وانخفاض معدلات النمو، وارتفاع حاد في معدلات البطالة. ومعظم دول أوروبا ذات اقتصادات متنوعة، صناعياً وخدمياً وسياحياً وزراعياً، وعندما حل وقت دفع الحساب، لم يكن الهامش بين الجهد والمكافأة ولا انفلات السياسة المالية بربع مستواه في الكويت، ولم تكن تلك الدول تستهلك ثروة زائلة، وإنما كانت تصرف من ضرائب على نشاط اقتصادي حقيقي أو تقترض بضمانه. إن أمن الكويت في خطر حقيقي، بينما اهتمامات سلطات الدولة الدستورية في صغائر الأمور، ومنها التكسب الشعبي قصير الأمد، ولا نملك سوى لفت الانتباه إلى التكاليف الباهظة الذي يدفعها شركاؤنا، في العالم، لأخطاء صغيرة ارتكبوها في الماضي، مقارنة بالحجم الهائل لأخطائنا، في الحاضر والماضي القريب. ************** الأساس النظري لتوحيد العملة الخليجية قائم وصحيح وضروري ++++ إذا أردنا تسريع احتمالات تعزيز الموقع التنافسي للاقتصاد الموحد أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية الكويتي، أن دول مجلس التعاون الخليجي الأربع، المعنية بتنفيذ مشروع توحيد عملتها، قد قررت وقفاً مؤقتاً لإجراءات المضي بالمشروع لدراسة تداعيات أزمة منطقة "اليورو". ومنطقة "اليورو" تواجه تحدياً حقيقياً، فهي أمام تناقضات السياسات الاقتصادية، إذ يتطلب الخروج من الأزمة في الاقتصادات المريضة تبني سياسات مالية توسعية –الإنفاق بما يفوق الإيرادات أو التمويل بالعجز-، ويساعدها، في تحسين تنافسيتها، انخفاض سعر صرف عملتها. بينما المطلوب من الاقتصادات المريضة تبني سياسات مالية تقشفية، أي خفض النفقات العامة، بما يفاقم أزمة النمو ويزيد معدلات البطالة، وفي الوقت نفسه لا تستطيع التحكم في سعر صرف العملة الموحدة لأن أثر شركائها الآخرين أكبر. ولكن أوروبا سوف تتجاوز أزمتها، لأن البديل، أو انفراط عقد "اليورو"، أسوأ بكثير من تحمل إجراءات سياسات التقشف، ومع الزمن، والتأكيد على أن درس ضعف الانضباط المالي للدول المريضة قد أتى ثماره، حينها سوف تحمل دول الفائض الأوروبية وأهمها ألمانيا بقية العبء، ولكن بعد أن تفرض شروطها المسبقة حول الالتزام المالي المستقبلي. وستقدم التجربة، إلى أدبيات الوحدة النقدية، الكثير مما يصدر إلى التجارب الأخرى، وأهمها حرية انتقال قوى العمل المواطنة ورأس المال، والأهم، الالتزام بقيود وضوابط صارمة للسياسة المالية. والواقع أن التصريح بوقف الإجراءات للمضي بمشروع الوحدة النقدية الخليجية، مؤقتاً، هو مجرد إعلان لما هو حقيقي، فلم يكن المشروع جاداً عندما أُعلن عنه في بداية العقد، ولا هو جاد عندما أُعلن عن موقع المقر واجتماعات التنسيق، خلال العام الجاري. فبعد انسحاب دولتين وخروج ثالثة عن المثبت المشترك –الدولار الأمريكي- ومرور عشر سنوات، من دون إنجاز أي شيء، كان من الطبيعي أن يصبح الخلاف، على المقر، قضيته الكبرى. وإعلان التوقف كان يمكن فهمه، لو كان الإعلان النهائي، عن نفاذ المشروع، هو يناير من العام القادم، مثلاً، ولكنه موعد مفتوح قد يمتد إلى عشر سنوات أخرى، ولا يوجد ما هو ملح للإعلان السريع عن التوقف المؤقت، لأن الفترة حتى نفاذه كافية لفهم وتحليل كبوة التجربة الأوروبية. على أي الأحوال، لازلنا نعتقد أن الأساس النظري لتوحيد العملة الخليجية قائم وصحيح، والواقع أنه ضروري إذا أردنا تسريع احتمالات تعزيز الموقع التنافسي للاقتصاد الموحد. ما لا نتفق معه هو طرح مشروعات بهذه الأهمية، من فوق، ولأسباب سياسية، بحتة، مثل تحقيق إنجازات على الورق، ثم، إما العجز عن فهم متطلباتها، وهو أقل الشرور، أو عدم الإيمان بها أو توفر النية لتحقيقها، وهو توجه أسوأ. ولن نحزن هذه المرة على فقدان مشروع نعتقد بأهميته، لأنه لم يكن في الأصل موجوداً، أو كان مجرد حَمْل كاذب طال انتظاره 10 سنوات، بينما لم يكن الجنين في الأصل قد تكوّن.