المؤلّف السينمائيّ خالد دياب: عسل إسود يسخر من أحوالنا

نشر في 04-06-2010 | 00:00
آخر تحديث 04-06-2010 | 00:00
تخرج المؤلّف خالد دياب في كلية الفنون الجميلة وعمل مهندساً معمارياً سنوات عدة قبل أن يقرر استعادة حلمه القديم: «الكتابة». فطلب من شقيقه السيناريست محمد دياب مشاركته كتابة فيلم «ألف مبروك» الذي أدى بطولته أحمد حلمي وحقق نجاحاً كبيراً، ليخوض بعدها التجربة منفرداً مع حلمي أيضاً في «عسل إسود» الذي حقّق إيرادات تجاوزت الخمسة ملايين جنيه قبل انتهاء أسبوع عرضه الأول.

مع دياب كان اللقاء التالي.

كيف جاءتك فكرة فيلم «عسل إسود» الذي يُعرض راهناً في الصالات؟

جاءتني الفكرة من المصريين الذين عاشوا بعيداً عن مصر سنوات طويلة ثم عادوا إليها فحدثت لهم تلك الصدمة الحضارية التي نرصدها في الفيلم. باختصار، شخصيات الفيلم كافة تقريباً أعرفها حتى البطل «مصري السيد العربي» هو تجسيد لشخصية أحد أقاربي الذي رجع الى مصر بعد سنوات طويلة عاشها بعيداً عنها فاصطدم بما آلت إليه الأحوال.

لماذا اخترت الكوميديا في أولى تجاربك السينمائية الكاملة؟

من قال إن «عسل إسود» فيلم كوميدي؟ ينتقد العمل حال البلد ويقدّم رؤية ساخرة لجواز السفر الأميركي الذي يعتبره البعض نقطة قوة تدعم المرء في مختلف مواقف حياته، إضافة الى إشكاليات كثيرة قُدمت في إطار درامي ساخر.

لم أقصد تقديم فيلم كوميدي، فالمواقف التي تثير ضحك الجمهور في صالات العرض تدعو الى البكاء في الأساس، من بينها مثلاً مشهد يقف فيه بطل الفيلم أحمد حلمي أمام كلب ينبح بشدة فيُخرج له جواز السفر الأميركي فيخفت صوته حتى يصبح أشبه بمواء القطط، ما يشير الى أنه حتى الكلب «بيعمل ألف حساب» لجواز السفر الأميركي، كذلك مشهد الطائرة الذي أضحك كثيرين في نهاية الفيلم هو مشهد محزن أساساً.

عموماً، يحتوي الفيلم على مشاهد تراجيدية قاتمة، لكن من شدّة قسوتها نضحك عليها على رغم أنها عبارة عن كوارث.

يؤكد البعض أن كتابة الأفلام الكوميدية أصعب أنواع الكتابة، ما تعليقك؟

تتطلب الكتابة الكوميدية مهارات معيّنة أهمها أن يكون المؤلف خفيف الظل ولديه حس كوميدي ساخر. شخصياً، أملك ذلك الحس والحمد لله، وهذا ما ساعدني في تقديم عمل يرضيني وأتمنى أن يرضي الجمهور.

انتقد البعض الفيلم على اعتبار أنه أشبه بكتاب نقدي اجتماعي مؤلف من فصول عدة، ما ردّك؟

هذا ليس عيباً بل أمر محبّب، فقد حاولت عبر «عسل إسود» تجميع السلبيات كافة التي نعانيها في المجتمع من خلال شخصيات كوميدية أو بدت للجمهور كوميدية مثل شخصية إدوارد، شاب عاطل يعبّر عن مشكلة البطالة، وإيمي سمير غانم، مدرسة لغة إنكليزية لا تجيد نطق الإنكليزية أساساً، في إشارة الى حال التعليم في مصر. هكذا لم أقل للجمهور: «انتبه، التعليم في مصر يعاني أزمات»، بل حاولت إيصال رسالة فنية ممتعة ومفيدة في الوقت نفسه عبر فيلم يحمل قضية عميقة بعيداً عن المباشرة.

هل تصرّ على تقديم أفلام تحمل قضايا عميقة مستقبلاً أم ستضطر الى التنازل بهدف التواجد؟

لن أتنازل عن تقديم أفلام تحمل قضايا مهمة، لأن أكثر ما يؤلم السيناريت أو الفنان عموماً تقديمه عملاً يدرك في قراره نفسه أنه سيئ، خصوصاً أنه سيظل موصوماً به كلما عُرض في التلفزيون.

هل شاركت أحمد حلمي في اختيار الشكل الذي ظهر به في الفيلم؟

كان لدي تصوّر كتبته في السيناريو، لكن حلمي اجتهد كثيراً في إتقان الدور، فقد سافر إلى أميركا وعاش هناك لفترة كي يختار الشكل الذي ظهر به في الفيلم مثل شعره الطويل وملابسه اللافتة، وعندما عاد الى مصر استعان بمدرس أميركي لمساعدته في التحدّث بلهجة سليمة.

ما الأخطاء التي ارتكبتها في تجربتك الأولى «ألف مبروك» وتفاديتها في «عسل إسود»؟

ما لا يعرفه كثر أنني انتهيت من كتابة «عسل إسود» قبل «ألف مبروك» وعرضته على أحمد حلمي الذي قرّر تأجيله لفترة، ثم بعد عرض «ألف مبروك» بدأنا التجهيز لـ «عسل إسود» مجدداً.

هل احتجت الى إعادة كتابة السيناريو مجدداً بعد «ألف مبروك»؟

بالتأكيد، فقد أجريت تعديلات على السيناريو وهذا منطقي، لأن المرء يتعلّم من تجربته وأخطائه.

ما الأخطاء التي ارتكبتها في «عسل إسود» وتنوي عدم تكرارها في تجربتك المقبلة؟

الحمد لله، لم أرتكب أخطاء في الفيلم. بصدق، أنا راضٍ عنه بنسبة مئة بالمئة، لكني بالتأكيد سأكتشف لاحقاً أن ثمة أموراً كان يمكن تقديمها بشكل أفضل وهذا بحكم الخبرة التي نكتسبها مع كل عمل نقدّمه.

لماذا تغيَّر اسم الفيلم من «مصر هي أوضتي» إلى «عسل إسود»؟

أحمد حلمي هو من اختار اسم الفيلم الجديد لأنه يحمل تناقضاً محبباً. فمصر تشبه العسل، لكن اللون الأسود يجسّد حالها، ويمثّل التناقض الذي نحاول إبرازه في الفيلم، فعلى رغم السلبيات كافة التي نعاني منها في بلدنا إلا أن ثمة أموراً جميلة كثيرة تجعلنا نعشقه.

ما حقيقة خلافات أسرة الفيلم مع الرقابة التي أصرّت على تغيير اسم «مصر هي أوضتي» كما تردّد؟

لم تحدث خلافات بيننا وبين الرقابة لأنها ببساطة لم تعترض على اسم الفيلم أصلاً، بل نحن من وجد أن «عسل إسود» مناسب للأحداث أكثر من الإسم الأول.

back to top