المطلوب علاقات جوار مختلفة مبنية على المصالح المتبادلة مع قليل من العواطف حتى يتحول شعار الكويت مركز مالي وتجاري إلى واقع

نشر في 11-10-2009 | 00:00
آخر تحديث 11-10-2009 | 00:00
قال الشال أن الكويت مركز مثلث ضاغط من 3 دول إقليمية عظمى.

إذا كان لابد من الدقة في ترتيب أولويات الهدف التنموي، فإن تحول الكويت إلى مركز تجاري يسبق أهمية تحولها إلى مركز مالي، ليس لأن هدف التحول إلى مركز تجاري أهم من الناحية النظرية، لكن لأنه الأكثر أهمية للكويت تحديداً من الناحية العملية. فالكويت مركز مثلث ضاغط محاطة بثلاث دول إقليمية عظمى يقطنها ما بين 125-135 مليون نسمة، اثنتان منها يقطنهما أكثر من 100 مليون نسمة، بالكاد خرجتا من حروب مدمرة ويحتاجان إلى ربع قرن من الزمن للحاق بركب التقدم الحادث في العالم. وببعض التخطيط الاستراتيجي الواعي، يمكن خدمة احتياجاتهما من الكويت التي لديها بنى تحتية شبه مكتملة ومياه عميقة وخزين من التجربة التاريخية في العمل التجاري وقطاع مالي متفوق وضروري جداً لدعم خدماته التجارية.

ذلك يعني أنه لا جدال على صحة شعار التحول، ونعتقد بأسبقية التحول إلى مركز تجاري يخدمه قطاع مالي متفوق، لكن لا معنى لكل ما تقدم ما لم نع بأن الشعار في اتجاه، وما يحدث على أرض الواقع في اتجاه معاكس. فالشعار يحتاج حتى يتحول إلى واقع، ومن أجل الكويت ولمصلحتها، أن نبدأ بتأسيس علاقات جوار مختلفة، علاقات تبنى على المصالح المتبادلة، وفيها القليل من العواطف واجترار الماضي. وضمنها وضع الأسس لفتح البلد لما يسمى بالسياحة التجارية، وتعمير الحدود وفتح المناطق وربما المدن الحرة المشتركة، وقوانين تشجيع الاستثمارات والإعفاءات الضريبية، ويعني فتح المجال لبناء الخدمات المتقدمة مثل التعليم والصحة. وأي نهج تنموي ناجح، يعني الإصرار على دعم منظومة القيم الإيجابية، مثل الأفضلية لمن يتعلم أفضل ومن ينتج أكثر ولمن يحترم التزاماته، ذلك يعني تشجيع الإنسان على شحذ همته والمنافسة الحادة في الإبداع للحصول على ما يريد.

وفي التاريخ المعاصر، بدءاً من تصدير الكويت لأول شحنة نفط، في منتصف أربعينيات القرن الفائت، قدم العالم نماذج تنموية شديدة النجاح، بدءاً من بلدين مدمرين، تماماً، بعد الحرب العالمية الثانية، وبلا موارد، وهما اليابان وألمانيا، ومروراً بنمور آسيا وأيرلندا وفنلندا، وبعض دول إفريقيا في الطريق. وجميع هذه التجارب اجتمعت على خاصية أساسية واحدة، هي تفوق الإدارة العليا التي تبنت رؤية واضحة والتزمت بها، ومعظمها عوضت شح الموارد بالتفوق الإداري، ولكن العالم لم يقدم تجربة واحدة بعد، نجحت فيها الموارد، فقط، في صناعة بلد متفوق. ويمكن للكويت، لو حسمت أمر أولوياتها شاملة الحرص على إدارة عليا متفوقة، أن تصنع تجربة متفوقة، وبوقت أسرع، نتيجة الوفرة المؤقتة للموارد، والأمر يتطلب تحويل الشعار الفارغ بالتحول إلى مركز تجاري ومالي، إلى واقع، والبداية ستكون بوقف الاتجاه الحالي الذي يرفع من تكلفة التحول.

back to top