الروائيّ سيد الوكيل: شارع بسادة تتحدّى الكتابة التقليديّة

نشر في 14-04-2010 | 00:00
آخر تحديث 14-04-2010 | 00:00
يؤكد الروائي سيد الوكيل أن روايته الأخيرة «شارع بسادة» تتحدى الكتابة التقليدية والقارئ المسترخي الذي يفضل أن تداعب الرواية غرائزه، ويصفها بأنها صادمة بشكل يشعر القارئ بأنه جزء منها. حول الرواية ومشواره الأدبي كان هذا الحوار.

يحمل عنوان روايتك الأخيرة «شارع بسادة» اسماً لشارع من دون هوية، لماذا؟

«شارع بسادة» عنوان افتراضي لشارع تسيطر عليه إشكالات، نظراً إلى تغيير اسمه بين «الدير – الكنيسة- بسادة»، لذا هو شارع بلا هوية، لكن القضية ليست في الشارع، بل في الإنسان الذي يسكنه ويتحرك وسط جدل وصراع يمنحان المكان هويته.

ماذا تعني كلمة «نوفيلا» التي تصدّرت غلاف الرواية؟

«نوفيلا» مصطلح أوروبي يطلق على نوع معين من الكتابة، وليس كما يظن البعض أنه رواية قصيرة أو قصة طويلة. بل له سمات وملامح كتابية معينة، إذ تدور الأحداث في مدينة صغيرة وتتميّز الشخصيات بطابع قدري متناقض بعيد عن أي طابع احتفالي وهي ليست راسخة في المكان.

لماذا هذا النوع نادر في العالم العربي؟

لأن الأدب العربي لا يعترف إلا بالقصة القصيرة والرواية، ولأن الأديب يحيى حقي كتب وحده هذا النوع، أمّا عالمياً فهذا النوع شهير جداً، أذكر على سبيل المثال «أمسيات قرب قرية ديكانكا» للكاتب الروسي غوغول.

أعتقد أن هذا الشكل له جذور في الأدب العربي القديم، مثل «توابع الزوابع» و»طوق الحمامة»، وهي كتابات تأخذ الطابع الكرنفالي الذي يمزج بين الحقيقة والخرافة.

انقسم النقاد حول تصنيف روايتك بين الحداثية وما بعد الحداثية، ما سبب هذا الاختلاف برأيك؟

طبيعة الكتابة بحد ذاتها، عندما بدأت بها كان في ذهني نسق معين للرواية، وهو نسق الحداثية الذي كان مألوفاً، وبعد مرور 10 أعوام عندما أعدت كتابتها تخلصت من هذا النسق إنما ظل للوعي الحداثي بعض الأثر فيها. باختصار، تحاول روايتي أن تهدم مفهوم النسق الروائي القديم.

ما المدة التي استغرقتها في كتابة الرواية؟

10 سنوات. بدأت الكتابة عام 1999، لكن الرواية تمردت علي ورفضت أن تعطيني مساحة للتواصل معها، فتوقفت عن كتابتها ست سنوات، ثم عدت ونشرت الجزء الذي كتبته واكتفيت بذلك.

بعد مرور أربع سنوات منحتني الرواية نفسها، فأعدت كتابتها، فالعمل الإبداعي، كما يقول فرويد، يواجه صاحبه كأنه مستقل عنه ومتمرد عليه، بمعنى أن الرواية تشكل تحدياً للكاتب أو بمعنى آخر هي التي تمنحه أسرارها، شرط أن يحترمها ويتودد إليها.

هل يمكن القول إن الرواية تتمحور حول تجربة حقيقية؟

يندرج جزء كبير منها ضمن سيرتي الذاتية وتجارب ومشاهدات عشتها بنفسي، فأنا الطفل بطل الرواية والرسام الذي تحدثه الصور وتخرج من لوحاته شخصيات تمشي في الشوارع وتجلس على المقاهي وتغازل الفتيات. عموماً، ليست الكتابة محاكاة أو نقل للواقع، إنما هي رغبة في منح الواقع شكلا جديداً.

ماذا عن الشخصيات؟

لها أصداء في الواقع وفي ذاتي، وتخرج من قلب الوعي الجمالي تماماً كتلك الشخصيات التي خرجت من اللوحة إلى الطفل.

هل تحمل هذه الشخصيات في طياتها رموزاً معينة؟

بالطبع. الطفل بطل الرواية رمز الذات التي تشكّل الشخصيات، لكن الأخيرة تتمرد وتختار مساراتها. مثلاً، الولي يقع في الخطيئة بينما «مارسا» أوصلتها الخطيئة إلى حالة من الطهرانية والملائكية. يقع الملاك في عشق مارسا ويدعو الله أن يحوله إلى إنسان له جسد وشهوة ليتمكن من احتواء مارسا الجميلة. كذلك أراد الولي أن يمنح الأم ابناً ذكراً فمد يده إلى بطنها وحوّل البنت إلى ولد، لكنه نسي أن يحوّل روحها فولد سمير وهدان بروح فتاة وأصبح مثليّاً.

ما الحكمة في اختفاء بعض أشخاص الرواية من الأحداث؟

ثمة أشخاص اختفوا بعد الفصل الأول مثل شيخ المعهد الأزهري، لاعب كرة القدم، موظف بنك ناصر، والاختفاء هنا علامة على موت الشخصية المحددة الملامح، لذا تبدو الشخصيات التي ظهرت بعد ذلك، ذات ملامح متناقضة أو مشوهة، وهذا الأمر يشير إلى حدث في الواقع نتيجة لارتباك الهوية.

أسرفت في ذكر التفاصيل في الرواية، لماذا؟

الفن ليس رسماً «كروكياً» ولا رمزاً مجرداً، إنما يمتاز بتفاصيل صغيرة يتكوّن منها الواقع، فالسجادة الموشاة بالنقوش هي في حقيقة الأمر آلاف الخيوط المتوجة بمهارة لتشكل مجمل اللوحة، فهي لا تقدّم خطاباً أحادياً.

كيف تحدد النص الروائي إذا؟

النص الذي يقول كل شيء مغلق تماماً كالنص الذي لا يقول شيئاً. من هنا الكاتب مطالب بأن يترك مساحة للمتلقي تسمح بالتأويل والاشتباك، وهذا هو النص البيئي الذي يقف على الحدود.

لماذا الخلط بين الملائكة والشياطين في بعض فصول الرواية؟

يسود اعتقاد أن ثمة تناقضاً بين المقدس والمدني، مع أن الوعي الأسطوري القديم لم ينشغل بهذه الثنائيات، كذلك الأمر بالنسبة إلى الوعي الديني في أصوله، فكان إبليس كبير الملائكة، بمعنى أن هذا المقدس قد يتحوّل إلى مدني في لحظة. من هنا، أرى أن الفصل بين المقدس والمدني ليس سوى فكرة نظرية غير موجودة في ذات الإنسان.

نبذة

أمين عام مؤتمر أدباء مصر  ( دورة 2008)، له إصدارات عدة من بينها: «أيام هند» (مجموعة قصص)، «للروح غناها « (مجموعة قصص قصيرة)، «فوق الحياة قليلا « (رواية)، «مدارات في الأدب والنقد»، «مثل واحد آخر» قصص قصيرة، «أفضية الذات» (قراءة في اتجاهات السرد القصصي).

back to top