وجهة نظر : 
البتروكيماويات وتبعات التخلّي
عن الـ داو

نشر في 02-03-2010
آخر تحديث 02-03-2010 | 00:00
 د. عباس المجرن دفع الارتفاع القياسي الذي شهدته أسعار النفط الخام في عامي 2007 و2008، منتجي البتروكيماويات في الدول الصناعية، إلى البحث عن شركاء استراتيجيين من منتجي النفط الخام، لضمان الحصول على الإمدادات أو خامات التغذية بأسعار تعاقدية مناسبة.

وضمن هذا السياق، كان توجه مجموعة «داو كيميكال» في ذروة ارتفاع أسعار النفط في عام 2008، إلى التفاوض مع الكويت للدخول في شراكة بحصة تصل إلى نصف نشاط المجموعة في مجال إنتاج لدائن البلاستيك، وهي الصفقة الاستراتيجية التي خفضت قيمتها من نحو 11 مليار دولار إلى نحو 7.5 مليارات دولار بسبب الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من عام 2008.

وكانت تلك الصفقة قد انتهت، إثر الضجة البرلمانية والإعلامية التي أُثيرت بشأن جدوى الصفقة في ذلك الحين، بتخلي المجلس الأعلى للبترول عنها في نهاية عام 2008، رغم أن المتابع لاقتصادات الصناعة البتروكيماوية يدرك تماما أن تراجع أسعار النفط يشكل فرصة ثمينة للاستثمار في هذه الصناعة.

وتؤكد هذه الحقيقة الأرباح الطائلة التي حققها نشاط إنتاج لدائن البلاستيك لمجموعة «داو كيميكال» في عام 2009، كما يؤكدها التأرجح الواضح في عوائد الصناعات البتروكيماوية حيثما وجدت، بسبب عدم الاستقرار الذي اتسمت به أسعار النفط الخام خلال العقود الأربعة الماضية.

وكان سعر سهم مجموعة «داو كيميكال» قد حقق خلال عام 2009 زيادة بلغت 160 في المئة، بسبب انتعاش صناعة البتروكيماويات العالمية والاستراتيجية الناجحة التي اتبعتها إدارة المجموعة.

وكانت الكويت قد تحملت من خلال الهيئة العامة للاستثمار نحو مليار دولار، على سبيل التعويض عن التخلي عن اتفاقها مع المجموعة التي تمثل شريكا استراتيجيا للكويت سواء من خلال شراكتها في «إيكويت» أو الأنشطة البتروكيماوية الأخرى.

ومازلتُ عند وجهة نظري التي كتبتها منذ أكثر من عام مضى، عندما أشرت إلى أن إلغاء صفقة «داو كيميكال» لن يكون من مصلحة الكويت، إن لم يكُن من الجانب الاقتصادي الواضح الجدوى، فمن جانب المحافظة على تعهداتها أمام أطراف خارجية مؤثرة في صناعة القرار بدول محورية، ولا أزال أتمنى أن تصبح قضية تعزيز صناعة البتركيماويات الشغل الشاغل للسلطتين التنفيذية والتشريعية، فهذه الصناعة من أكثر الصناعات ملاءمة للبلدان المنتجة والمصدرة للنفط، التي تتراجع مداخيلها من عوائد تصدير الخام مع كل انخفاض في أسعار النفط، ومن ثم فإن من شأن الانتعاش الذي يتحقق للصناعات البتروكيماوية في حالة تراجع أسعار الخام، أن يعوض البلدان المصدرة عن جانب كبير من الانخفاض الذي تتعرض له عوائدها من مبيعات النفط الخام. 

back to top