معادلة الربح والخسارة في أزمة الجاسم

نشر في 30-06-2010
آخر تحديث 30-06-2010 | 00:01
 سعد العجمي ثمانية وأربعون يوما قضاها سجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم معتقلا ما بين أمن الدولة والسجن المركزي، لكن إرهاصاتها وآثاراها المستقبلية، وما صاحبها من أحداث وتطورات سيجعلها بمنزلة ثمانية وأربعين شهرا لا يوما.

نعم لقد ذهبت "سكرة" القبض على الجاسم، وجاءت "فكرة" الإفراج عنه وتداعياتها ليثبت بما لا يدع مجالا للشك أن كلفة قضية الجاسم طلعت على الحكومة أعلى من بيع السوق أضعافا مضاعفة، فلو حسبنا الأمر بمقاييس الربح والخسارة لوجدنا السلطة هي الخاسر الوحيد في أزمة اعتقال الجاسم.

بيانات التنديد للمنظمات الحقوقية العالمية، وافتتاحية الواشنطن بوست، وإثارة القضية في الفضائيات العربية ووكالات الأنباء الأجنبية، واهتمام الإخوة الخليجيين والعرب وبحثهم عن مقالات الجاسم وسؤالهم الدائم عن أشخاص وردت أسماؤهم أو صفاتهم في مقالاته، والازدياد الملاحظ على أعداد من دخلوا موقعه الإلكتروني بعد اعتقاله، كل هذا جزء يسير من الثمن الذي دفعته الدولة على الصعيد الخارجي من جراء سجن "أبوعمر"، ناهيك عما دار في كواليس العلاقات الخارجية للدولة مع دول مؤثرة حول قضية الاعتقال، ربما لم تعلن تفاصيلها، ولم يكشف الإعلام عنها.

على الصعيد الداخلي، كثر الحديث عن صلاحيات النائب العام، وقدّم قانون إلى المجلس لتقليص تلك الصلاحيات، وتم التطرق للسلطة القضائية بشكل أو بآخر، وسيكون هذا الأمر مقدمة لتشريعات سيقدمها بعض النواب لفتح ملف القضاء، إضافة إلى أن اعتقال الجاسم وإن لم يوحد القوى السياسية فإنه على الأقل قد أعاد التقارب بينها، وهي التي وإن اختلفت رؤاها وأطروحاتها، فإنها قد اتفقت على رفض "سجن" محمد عبدالقادر، ولعل مشاركة د. أحمد الخطيب ومشاري العصيمي وعبدالله النيباري جنبا إلى جنب في ندوة واحدة وموضوع واحد مع فهد الخنة وجمعان الحربش ووليد الطبطبائي خير دليل، إضافة إلى أن الحكومة قد منحت خصومها التقليديين فرصة على طبق من ذهب لمهاجمتها، بل أعادت شحذ همم قواعدهم الانتخابية عبر الاعتصامات التي نظمت لنصرة الجاسم.

هذا غيض من فيض فيما يتعلق بمعادلة من ربح ومن خسر، وكأن السلطة لم تستفد من تجارب سابقة مشابهة كانت نتائجها عكسية عليها، بسب إجراء أهوج أو مشورة خاطئة، كما حدث مع النائب خالد الطاحوس، وكذلك ضيف الله أبو رمية في الانتخابات الماضية.

نعم خرج سجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم من أزمته أكثر قوة وصلابة، وأكثر شهرة، وأكثر شعبية، بل إنه من حيث لا يدري قد ساهم في كشف الكثير من العقول والأقلام والشخوص والجماعات، التي تنادي بحرية الرأي والتعبير، وعندما قبض عليه تناسوا كل تلك المبادئ لاختلافهم مع شخص الجاسم، وكأن الحريات تفصل وتجزأ حسب الأشخاص وليس القناعات!

على أي حال أهنئ الأخ والزميل "أبوعمر"، وأقول له إن أكثر ما أفرحني شخصيا في أزمتك التي تعرضت لها، هو أنني اكتشفت أن لك عائلة أكبر من عائلتك الصغيرة، عائلة كبيرة اسمها شعب الكويت، قد لا تعرفك بشخصك لكنها تنادت لنصرتك ووقفت معك في محنتك سواء بحضور الاعتصامات أو الكتابة في الصحف والمنتديات، أو حتى بالدعاء لك.

back to top