تنمية «لعب يهال»


نشر في 09-07-2009
آخر تحديث 09-07-2009 | 00:00
 ضاري الجطيلي عندما بدأت الحكومة الترويج لعزمها إقرار الخطة الخمسية التنموية، قوبل ذلك ببعض من الشك والتندّر، ليس فقط لأن رصيد الشيخ أحمد الفهد، وهو الوزير المختص، يفتقر إلى أي نجاح يُذكر في مجال الإدارة والتنمية، لكن لأنه من غير المعقول أن يسع الوقت حكومة، لم يمضِ على تشكيلها أسابيع قليلة، لأخذ اقتراحات أجهزتها الفنية والإدارية وتطويعها ضمن فلسفتها وبرنامجها، وإذا كانت الخطة نتاج عمل العام الماضي، فقد حدثت منذ ذلك الحين تطورات اقتصادية وسياسية محلية وعالمية من الضروري تضمين آثارها في الخطة. لكن لأننا «سمحين» كعادتنا، فقد أبدينا حسن النية، خصوصاً أن الخطة بالفعل تم إقرارها وإرسالها إلى مجلس الأمة، وعلى الأقل فإن وجود أي خطة أفضل من عدمه.

ولكن لم يمضِ زمن قبل اكتشاف أن الشك والتندر كانا في محلهما، فإلى جانب افتقار الخطة إلى كثير من أساسيات التخطيط، سرعان ما ظهر أول تخبط فيها في ما يخص الرعاية السكنية بمقارنتها ببرنامج عمل الحكومة، كما لاحظ الأستاذ أحمد الديين في مقاله في 7 يوليو 2009، إذ لا يوفر برنامج العمل سوى 54 في المئة فقط من عدد الوحدات السكنية المستهدف في الخطة الخمسية حتى عام 2014.

هناك كارثة اجتماعية واقتصادية ستواجهها الكويت على المدى المتوسط، أبرز مسبباتها مشكلتا الإسكان والبطالة، والمفارقة الإيجابية هي أن الشروع في حل المشكلة الإسكانية من شأنه أن يحقق كثيراً من أهداف خطة التنمية؛ كتوفير السكن، وخلق فرص عمل، وتحريك الاقتصاد، وتنمية القطاع الخاص، وحل أزمة المرور وغيرها.

إذن، فتقديم الحكومة خطة وبرنامج متناقضين يدل على أن وزير الإسكان -أحمد الفهد أيضاً- لم يقرأهما ليلحظ الفرق الفاضح في الأرقام، وهذا أضعف الإيمان، و»سلق الأرقام» في الخطة والبرنامج هكذا دون تنسيق، يدل على استخفاف الحكومة بأكبر مشكلة اجتماعية واقتصادية تواجه الشعب الكويتي متمثلة في وجود 90 ألف أسرة بلا سكن، وتصبح تصريحات الحكومة حول جديتها في التنمية ضحك على عقولنا و»لعب يهال.»

باختصار، يوم عن يوم تتجلى بوادر عدم أهلية الحكومة أكثر، خصوصاً وزيرها المختص، لقيادة مسيرة التنمية التي اتهمت مجلس الأمة بتعطيلها، وسقطت في أول اختبار لها في المشكلة الإسكانية كأهم قضية تنموية، أما الاستعراض الإعلامي الذي يقوده الشيخ أحمد الفهد، فيبين أن عودته إلى الحكومة نائباً لرئيسها لشؤون الاقتصاد كما توقع كثير من المشكّكين والمتندّرين المحقّين، هي لتنمية طموح أكثر مما هي لتنمية بلد.

back to top