كم جنديا يحتاج العراق لغزونا من جديد؟

نشر في 18-07-2010
آخر تحديث 18-07-2010 | 00:00
 سعد العجمي أعتقد أن أزمة التصريحات العراقية الأخيرة حول الحدود كشفت لنا، ككويتيين على الأقل، جملة من الحقائق والمستجدات التي يجب أن نحسب لها ألف حساب عند التعامل مع جارنا الشمالي، فثمة أمور تغيرت، ووقائع تبدلت، ومستجدات طرأت على الساحة الكويتية قبل غيرها.

دعونا نتأمل في الموضوع من نظرة واقعية وليست عاطفية، ونقوم بإجراء مقارنة بين الوضع عام 1990 عندما احتلت القوات العراقية بلادنا، والوضع الحالي، ونحن في أواخر عام 2010، كثيرون سيقولون إن الوضع الراهن أكثر أمنا للكويت بحكم وجود القوات الأميركية، وبفضل بعض اتفاقيات الحماية العسكرية مع دول بحجم بريطانيا وفرنسا، على عكس حقبة الغزو التي كنا خلالها وحيدين في مواجهة رابع قوة عسكرية في العالم حسب ما يشاع آنذاك، لكن التطورات السياسية الإقليمية في السنوات الأخيرة، وتحول التحالفات الدولية وتقاطع المصالح بين الدول الكبرى وبعض دول الإقليم، يجعل من أخطار الفترة الحالية علينا، أضعاف مخاطر حقبة التسعينيات.

الظروف الدولية في فترة الغزو من دون شك لعبت لمصلحتنا، وكانت أحد أهم أسباب تحرير الكويت، بعد الله سبحانه وتعالى، من براثن الاحتلال العراقي، لكن التوافق الدولي والإسلامي والعربي على نصرة الحق الكويتي، لم يكن لينجح لولا وجود جبهة كويتية داخلية متماسكة التفت حول قيادتها الشرعية في الداخل والخارج، وهي الحالة التي كانت محل إعجاب وإشادة العالم أجمع، وكانت سببا رئيسا لإقناع بعض زعماء الدول المهمة لشعوبهم من أجل خوض حرب تحرير الكويت.

اليوم كيف تبدو الجبهة الداخلية؟ هل سأل أحدكم نفسه هذا السؤال قبل التفكير في تصعيد لهجة الخطاب السياسي الكويتي تجاه أي من جيراننا؟ للأسف الشديد فإن جبهتنا الداخلية، مصدر قوتنا الحقيقية، مهلهلة، مفككة، منقسمة، تسودها لغة التخوين والتشكيك في الولاء والانتماء، بسبب بعض الممارسات التي عجزت السلطة عن إيقافها، بل إنها رعت بعضها بحسب استنتاجات الكثير من المراقبين!!

لدينا قضية شبكة تجسس متورط فيها كويتيون لمصلحة جهات أجنبية، وقد تكون هناك العشرات مثلها لم تكتشف، وبيننا حوالي تسعين ألف (بدون) نسومهم سوء العذاب يوميا بعد أن عجزنا عن حل مشكلاتهم ولم نوفر لهم الحد الأدنى من كرامة العيش، ولدنيا مئات الآلاف من العمالة الهامشية التي تثور بين فترة وأخرى للمطالبة بحقوقها وراوتبها المتأخرة بعد أن حولهم بعض أصحاب الشركات إلى رقيق يباعون ويشترون!

والأخطر من ذلك كله أن بعض سياسيينا ونوابنا تحولوا بقصد أو بغير قصد، بسبب أجواء الشحن الطائفية والفرز الاجتماعي المقيت، إلى مداخل سوء ينفذ من خلالها أصحاب الأجندات الخارجية ضرب وحدتنا الوطنية، ناهيك عن وسائل إعلام محلية تقتات على تفريق أبناء المجتمع وضرب مكوناتهم ببعضها، لتحقيق مصالح شخصية آنية.

لنراقب تصريحات نوابنا، وتعامل وسائل إعلامنا، مع أي قضية متعلقة بالعراق، سنجد هناك نقيضين، كل منهما متطرف في رأيه، لكنني لا أجد مبررا إطلاقا لموقف وتصريحات النائبين فيصل الدويسان ومعصومة المبارك مما قاله مندوب العراق لدى جامعة الدول العربية حول الحدود مع الكويت، والتي بدت وكأنها للتبريد على موقف المندوب العراقي حتى إن أطلقها النائبان من باب التهدئة، في المقابل فإن تصريحات من دعا إلى قطع العلاقات مع العراق على ضوء تصريحات مندوبه العزاوي غير مقبولة كذلك، فهي تزيد الأجواء توتراً واحتقاناً.

على كل وفي ظل هذا الواقع الذي نعيشه، ونظراً للفارق الكبير بين تماسك جبهتنا الداخلية عام 1990، وجبهتنا المفككة عام 2010، يجب علينا التفكير ألف مرة قبل أن نشطح بأي إجراء سياسي تجاه الخارج، فلا أميركا ولا غيرها سينفعنا، مثل ما ينفعنا تلاحمنا الداخلي ووحدتنا الوطنية وعمقنا العربي والخليجي، فقد يكون العراق قد سير ربع مليون جندي لاحتلال بلادنا في 2-8 المشؤوم، فكم قد يحتاج للتحرش بنا أو انتهاك حدودنا اليوم، لا أعتقد أنه يحتاج الكثير من الجنود، ولكن هل هناك من يستوعب هذه الحقيقة المرة؟

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top